ردّ الكوب بمحله وهو ينطق بهدوء : تبينه للحين ؟
، للحظة وحدّة فقط من تهادت آخر كلماته على مسامعها ، رفعت نظراتها المذهوله يمّه ، تكذب لو ما تقول أن قلبها يتقلصّ أكثر وأكثر مع كل كلمة ينطق بها ، ما تعودت تحاكي أخوها بهالمواضيع ، هي تعودت حتى بملكتها تستقبل هالاسئلة المتكررة من " رمِاح " بينما جامح أكتفى وقتها بسؤال واحد أندرج تحت جملته " مرتاحةَ ؟ لو ودك بالرفض نرده و نرد قبيلته بكبرها دون لا يرفّ لنا جفن " ، هزت رأسها بالرفض وهي تردّ له السؤال بنبرة خالطها الشكّ الكثير : فيه شي هو ؟ ، هز رأسه بالرفض وهو يمسح على طرفّ شنبه وينطق : مافيه شي .. بس لو ما ودّك به ؟ ، هزت رأسها بالرفض المباشر تترك نبرته تختفي بالتدريج دون لا يكملّ كلامه : لا عاديّ ، من أخذ ودها وتلميحها كونها قالت - لا عاديّ ، خجلت لا تقول أبيه بكامل المعنى - هو قام بلحظته يلمّ كامل أغراضه ينويّ الرحيل الي لمحته هنايّ وفهمت ، لذلك عقدت حاجبها تترك كوب الشاهيّ الي كان يحتضن كفوفها لدقائق طويلة ، فوق الطاولة وتقوم تنطق بأستغراب : بتروح ؟ ، هز رأسه بالايجاب يقترب لناحيتها من صارت أمامه حتى قبل جبينها بحركّة أشعلت دفى قلبها بشكلّ مهيب وهو يستودعها من هز بالايجاب على سؤالها ، وهي بدورها أبتسمت بصمت كونها تدري بالحاصل ، تدريّ بالمشاكل الي صايره بالوجلآن والأكيد أنه ما بيجنب هالأمور العظيمة و يكون بالمدينة هالأيام !
~
~
رجفّ قلبها وسط ثناياها ، بردت ملامحها من سرتّ الرجفة بكامل جسدها لأن صوت بهاج عالي لدرجة خلف كل كلمّة ينطق بها يتبعها صدى عالي ، صدى وكأنه ينبهها في حال ما سمعت الكلمّة من المرة الأولى ؟ هي بتسمعها المرة الثانية لا مُحالة ، كانت مقابل الدرج الي لو سلكته ، بتوصل لنصف الصالة الي تحمل وسطها بهاج وحمودّ ، كانت واقفة بمكانها جاهلة و جود حور خلفها ، جاهلة كل العالم ولا تركز الا بنبرة أبوها وهو ينطق بغضب شديدّ " هي الي جابت الزعل بقلب بنتها .. هي هيام - إم هتون - الي تلعب بقلب البنت بعد كل كل مكالمة ! لا تعاتبني يا بهاج وكأنك بتخاف على بنتي أكثر مني " ، غيمت عيونها وتلآشت الاضاءة أمام ناظرها بسبب الكم الهائل من الدموع المحتجز وسط محاجرها ، تكذبّ لو تقول إن قلبها ما يتفتتّ لألف قطعة لأن عمها وأبوها تحت بمنتصف الصالة تتعالى أصواتهم بغضب والسبب هيّ ! ، رجفت شفتها غصبًا عنها من نطق بهاج بنبرة أعلى من أخوه حمود يرفض بغضب أشدّ " بخاف عليها وعلى روحها أكثر منك يوم صارت كل همك هيام .. تعاندون بعضكم على حساب هالبنيّه ! والله لو تبيني أصير لها أبو من جديد صرت مير ما يلحقها منكم زعل " ، فزتّ برعب ترجع خطوة للخلف بشكل مباشر لأنها سمعت خُطى تميم لهم العجلة وسرعان ما تخيلت وضعهم بالأسفل ، لوهلة ظنت الدنيا خلت من الأكسجن ، او الأكسجين موجود مار ماعاد يوصل لصدرها من شديد الرهُبة الي تشعر أنها تستقر بمنتصفها ، كانت تجاهد روحها بأن دموعها إستحالة أن تنذرف وتنكشفّ الآن ، مار من دخل تميم بالحُوار وثار ضجيجهم بشكل أعلى ، ما قوتّ تكتم دمعها إكثر وتحتجزه الا أطلقت له السُبل بأن ينهمر و يتحرر من مدامعها ، خطتّ خطوة للأمام لأن ودّها تنزل لعل كل هواشهم ينتهي بلحظة خروج حروفها ، لكن توقفت بمكانها بالخطوة الثانية ، وش حيلتها وهي تخافّ لا صارت أمام مرأ عينهم ، يتوارى كل داخلها و ينكشف ؟ ، تبآن ويبان خلفها مجمل علومها الي يجهلونها ! ، تدري بأن حمود وبهاج وحتى تميم الي معرفته فيها قليلة ، يقدرون على كشف الخافي حتى لو كرستّ كامل عمرها بأخفائه ، هم لهم هالقدرة وهي لها الهربّ كل ما تآحت الفرصة ، عضتّ طرف شفتها ترجع بخطواتها لجهة غرفتها وتتعدّى حتى حور الي كانت تحاول تستوقفّها ، لكنها رفضت من هزت رأسها يمين ويسار وتعدتها تدخل غرفتها وتقفُل بابها خوفا لا يتبعها شخص وهي مستثقلة حتى روحها ، ياكيفّ هم ؟
-
'
توسعت حدقات بهاج بذهول لأن قول أخوه هاللحظة ماهو الا بهُتان ، توسعت حدقاته من نطق حمود بعصبيّة : محدٍ مغلي " محبّ " بنتي أكثر مني يا بهاج .. ما طلعت من صلبك لجل تعرف هالمحبّة ! أنت تحبها بحسبة عمها مار ما توصل لأبوها وتبطي توصل ! ، لأول مره ما أستوعب جمُل اخوه الي تهادت على مسمعه لأنه مستحيل يشوفها غير رياءّ و مظاهر ، هو بالذات ما يشوفّ معاملة حمود لبنته غير أنها محاولة لجذبّ أهتمام هيام ، توقف من عقب ما كان جالس وسرعان ما سكُن طاغي الغضب ملامح بهاج : تعقبّ عن الغلا .. تعقب ، ماكان وقوف بهاج الا إشاره للتحديّ بالنسبة لحمود الي توقفّ مباشرة يتقدم له وكأنه يلبي التحدي ، تدخل تميم أمام حمود يرده للخلف بالرغم من محاولة حمود بأن يوصل لبهاج الي لا زال بنفس الوقفة والنظرة ، نطقّ تميم بحدة : يارجل أقعد وراك .. تباريّه بالنظرات ما كأنه أخوك ! ، نفض حمود يدّ تميم بشدة : أباريه وأكسر خشمه على هالأسلوب .. أكسره وأكسر ضلوعه حتى لو أنه أخوي ! ، ما كان لبهاج أدنى نيّة بأنه يقبل هالقول ويرضى كونه لا نفضة يديه ولا حدة نظراته تبيّن هالشي ، ولكنه كف نفسه عن التقدّم لأخوه سبب وجود حور الي من تعالت الأصوات ما قوت تستمع فقط الا نزلّت لأنها تدري أن بوجودها مستحيل يقربون بعضهم ! وجود حور الي كانت ملامحها مرتعبة بشكل واضح كفيّل لخربطة كامل نواياه ، كفيل لصده عنهم وهو يمسح على وجهه ويستغرّ ربه لعل هالغضب الجامح الي ساكن وسطّه يتلاشى !
، ناظر فيهم تميم وكل تعابيره تشرح الذهول والأستغراب الي نطق فيه : وش الحاصل .. يا بهاج وش الحاصل يوم أنك ترفع الصوت على أخوك ؟ وش فيه ؟ ، هز رأسه بهاج بالرفض يصمت عن تميم بينما يرفع سبابّة إشارة تهديد لحمود وهو ينطق : الي عنديّ وصلك .. علي نذر أن شفت هالبنيّه تشكي ولو بالملامح منكم ؟ علي نذّر أن تطبيق التهديد تشوفه وقتها ! ، وبنفس اللحظة لملم أغراضه من حوله وخرج من البيت تارك خلفه حمود الي يشتّم ألف مرة من حرّ صدره ، شد على كتفه تميم بحده وهو يرصّ على أسنانه : بنتي وراك .. لم لسانك لا تصير الحرب بيني وبينك الحين ! ، التفت حمود يلمح حور الي كانت واقفة بداية الصالة وعلى تعابيرها يرتكز الخوفّ والقلق ، لاول مره تلمح عمامها بهالشكل ، والأمّر لما عرفت إن سبب هوشتهم هي نفسها " هتون " ، لمحها ومن لمحها كأن السكون عاد يسكن أطرافه من مسح على لحيته يجلس بمحله يصد عنها بأحراج كونهم حذرين من سنين طويلة أن هالمظاهر أستحالة تخرج لبناتهم ، ولكن بهاليوم ؟ أنقلبت الموازيين بشكل مفاجئ ، تنفس تميم الصعداء وهو يأشر بعينه لحور إنها تصعد للدور الثاني ، وبالفعل ما ترددّت لإنها تحس بإن رجولها بالأساس بالقوة تحملها ، بالقوة تتركها ترتكزّ بنصف الصالة ، رمّق تميم أخوه لثواني ونطق : لا تجي بنتك وأنت بهالشكل ، هي جمّلة وحدة رماها وخرج من الصالة يصعد الدور الثانيّ ، لحظات قليلة حتى عم السكون ، عمّ من عقب العاصفة الي صجت بهالمكان قبل دقائق ، لم وجهه حمود بكفوفه يدعي ربهّ السلامة ، يدعي ربه السلامة كونه هو متضرر مع بنتهّ ، ماهي وحيدة بهالأمّر !
، ما ولع الجمر بصدره الا جملّة " هو يضغط بنته لجل هيآم " بينما بالأصل هيام تضغطه هو و بنته دون لا يعرف غايتها ، سنين طويلة تاركها على ذمته بالرغمّ من هجرها له الا إنه لمح رغبة هتون ولباها مباشرّة ورفض الطلاق ! ، ياكيف الأمور الان تنقلب ضده ويصير هو بنفسه يضيق الوساع على بنته لجل هيام ، لجلّ المرأة الي هجرته سنين طويلة دون لا تأبى لا بحُبه لها ولا حتى للكم الهائل الي بذله محاول فيها وصلها ؟ ، حس بالصداع يفتكّ راسه ويشتت كامل أفكاره ، لذلك هو همس بقول وحيدّ من أرخى رأسه للخلف على طرف الكنب : يالله الرشّد ! يالله أنك ترشدني
-
'
رفعت الجوال تختار أسم أمها لا غيره ، ومن كانت تدور بغرفتها وأذنها على سماعتها ترجيّ فقط النبرة لجل تبوح ، وبالفعل حصل الرد من سمعت صوت الهواء الخفيف الي يعلُن الاجابة : ماما تكفيّن وش صاير بينك وبين ، سكتت لثواني من نطق واحد من خوالها بأستنكار : أبوي هتون .. شفيج ؟ ، عضت شفتها للحظات تمسح كامل دموعها الي أغرقت ملامحها وهزت رأسها بالرفض تنطق : ماما وينها ؟ ، سمعت صوت خالها يناديّ بعالي صوته بأسم " هيام " مرة ومرتينّ ، وما إنتظرت الثالثة حتى قفلت جوالها ترميه على السرير كونها بحال ما يسمح لها بالإنتظار ابدًا ، هي متى ما لملمت شتات روحها بتكلمها بنفسها ، مار الحينّ ؟ هي تبي الخلوة فقط ، شتمتّ روحها بداخلها ستين مرة لأنها دايمًا تعاهد نفسها بأنها ما بتذرف الدمعة ، ولكن عينها غدارة ، غدرت فيها وهلت الدمع الي تركها تنسحب من بينهم وهم يتقاتلون لجلها ، سمعت صوت الإشعار الي وصل لها وتقدمت لجوالها تحتضنه بين كفوفها ، وسرعان ما بدأ لها الاشعار بانه من أبوها حمود يكتب فيه " يومين إنتظرك .. لكن ما جيتني ! صرتي تخافين أبوك ؟ تخافين حمود ؟ " ، هالرسالة فقط تركت قلبها يتقلصّ لدرجة حست بأنه جمرة يجتجزها القفص الصدري ، رجفت شفتها بشكل مباشر لأنها ما توقعت يكون هذا فهمهّ ، وهي موتها هاللحظّات دون تردد ، أهون من هالفكرة الي استقرت بباله ! ، تموت بالثانية ثلاثين مرة على كل حرف مكتوب ، تقرأ الجملة مرتين وثلاث ومحاجرها تحبس حارق الدمع ، لوهلة صابتها الرغبة بكسر جوالها ، لذلك هي رمتّه جنبها لجل لا تتهور ، إحتضنت وجهها بكفوفها تبكيّ ، تنهار ؟ تنوح ؟ ، تجهلّ الكلمة الانسب الي تصف حالها ولكنها تعرفّ إنها داخل دائرة تظن إنها تخارجتها ، لكن الواقع هي لا زالت حبيسة فيها !