أقبلت على ذلك الشرط، فحدثتني عن قصتها:
أتذكر عندما كنت في السنة الخامسة من عمري ، أهدتني جدتي باقة من الورود المختلفة، كانت الباقة تنور ردهتي كل مساء حيث كانت الباقة ملاحة وثمينة، فلم أخبر أحدا بهذه الباقة.
في كل ليلة أضعها بجانبي فكانت تزيدني رونقا ورواءا ؛ قبل وفاة الغالية أمرتني بعدم إخبار أحد عن هذه الباقة لأنها ستضيع مني وأنذرتني من وضعها تحت أشعة الشمس المائلة.
في ليلة من الليالي أغفلت عن إغلاق الستارة قبل أن أنام فنمت نوما عميقا؛ في الصباح فتحت عيناي فوجدت نفسي في هذه البلاد السعيدة مع باقتي.
لقد ارتكبت خطأ باهظا عندما أغفلت عن إغلاق الستارة لأن الباقة السحرية إذا أعقبت تحت أشعت الشمس تجذب كل ما بجانبها إلى الأرض التي زرعت فيها هذه الورود.
حاول الجميع استلهابها مني لكنني كنت أقوم بإكمانها ولازلت أكمنها في مكان سري؛ فالجميع يبحث عنها لأن الورود الموجودة في هذه الباقة ليست كباقي الورود، بل هي ورود نفيسة تمنحك نورا بهيا واستحكاما خارقا ، بإمكانك التحكم في حركة دوران الشمس والقمر والبحار والمحيطات ... فقط بإعجام الوردة حسب المطلوب.
حاولت أكثر من أربع مرات الهروب؛ ولكن الصندوق الأحمر كان هو الحاجز الوحيد الذي لم يسمح لي بذلك...أحسست بهدوء داخلي بعد معرفة حقيقة هذا التميز الذي غامرت بحياتي من أجل إدراكه.
استولت الفتاة زهرة من الباقة وقامت بتغيير حركة دوران الشمس والقمر من أجل حلول الظلام والهروب من هذه البلاد المشرقة.
مضينا خمس أيام تقريبا في التحذر من ذلك الصرح العظيم.
لقد اشتد الارتعاب والتوجس من جديد لأن الآمن انتشر في كل مكان باحثا عن الفتاة الحسناء من أجل إعادة النور والضياء على هذه الأرض البائسة.
أمسكت الفتاة السحرية وأسرعنا نحو البوابة ... فبها يتساقط علينا محبس حديدي ضخم من الأعلى قام بحجزنا ؛ تمسكت بإذخار الباقة داخل ملابسي دون علم أحد .
قام الآمن بحجزنا داخل الشباك الحديدي بعد شدة الصلابة والقساوة التي تعرضت إليها من طرفهم... فذهبوا لإيقاظ السيد باكون ملك بلاد البوكندرا من أجل تعذيبي.
وصلت الساعة الثانية صباحا والظلام لازال مطوقا بسماء هذه الأرض المريعة والعربة الملكية على وشك الوصول الفوري...
الملك باكون السيد الآحن قرر آخذي إلى قاع البحار وأنا حبيس في هذا الشباك الحديدي .... فمن هنا انتهت قصتك ياصابر...!!! لقد كان هدفي الوحيد هو العيش في نعيم وارتياح ولكن القضاء لم يرد...
أخذوني بعنف وشراسة ولكن في آخر لحظة تذكرت كلام الفتاة السحرية فقمت بإلقاء زهرة من الباقة التي كانت مذخرة في ملابسي فتحولت البلاد إلى جليد مائي؛ الجميع أصبح مجمدا ...
فتحت القفل ، وعدت مسرعا إلى البوابة ، ولكن للأسف الجارف وجدة الفتاة السحرية مجمدة فبدأت بتفتيت الثلج المحاط بها ،وأسرعنا للخروج من هذا العالم الرهيب...!!!آآآه ... ماأجمل أن تعيش حرا بكل سكينة وهدوء تام وسط مجتمع قادر على التضحية من أجل من لا مأوى له ، أو وسط أهل يرعونك ويدعمونك ويوفرون لك جميع احتياجاتك النفسية والمادية....
أتمنى لو كان الزمن يعود إل الوراء من أجل تصحيح كل الأخطاء التي ارتكبتها والبحث عن أسرتي السعيدة التي فقدتها أكثر من عشرين سنة...
سمعت الفتاة حديثي ،فخاطبتني قائلة: مع الباقة السحرية لا شيء مستحيل!!!
يمكنك العودة عشرين سنة قبل ولكن لا يمكنك الإقامة أكثر من أربعة وعشرون ساعة...
وافقت وأنا مستبشر بالخير؛
في تلك اللحظة قامت الفتاة بإلقاء زهرة من الباقة فارتفعت الرمال من الأرض وبدأت تطوف حولنا بشدة... بعد ثلاث ثواني تقريبا فتحت عيناي فوجدت نفسي وسط البيت الذي ترعرعت فيه .... أحسست بتعاسة وحرقة لأن البيت تحول إلى موضع خرب انهدم منذ رحيلي من هذه البلاد السعيدة ولحد الآن لا أحد يعلم بمكان وجود أسرتي الصغيرة...آآآه سأعيد قولها مرة ثانية لقد ارتكبت خطأ عارما عندما فكرت في الهجرة السرية لقد كان للقدر رأي آخر...مضى اليوم
فعدنا إلى زمننا الحالي ... ولم يتبقى في الباقة سوى أربع زهرات؛ دخلت إلى بيت ذلك الصارم أعدت الكتاب والصندوق إلى مقصورته مع رسالة قصيرة قدمت له فيها شكري الجزيل مع اعتذاري الكامل على خيانتي اللئيمة...
أنت تقرأ
روح من زمن آخر
Actionلم أؤمن بالحب قط ، ولم أرغب في تجربته ولم أرى القيمة العملية له ... وبصراحة كنت بخير بدونه حتى وجدتها، ابتسامتها، قوتها،ذكائها، وحنانها ، حتى عنادها وصلابتها...لا أستطيع وصفها بما فيه الكفاية فإنها لا تقاوم ولا تضاهى،عيناها تنبع منهما رائحة أغصان ال...