في إحدى تلك الليالي العصيبة التي تعانقت فيها آلامنا جلست على شاطئ البحر والدموع تنهمر من عيني وبدأت أمواج البحر تضرب شواطئ الذكريات في عقلي فيفزعها لتستيقظ على واقع من الألم، السماء تصغي لكلماتي والرياح تهمس في أذني أفصح عمّا يختلج في صدرك فإننا منصتون و بجواري صديقي يمسك بيدي المرتعشة ويطبطب على حزني فيقول بُح يا صديقي ماذا حلّ بك ليسُنّ الحزن على قلبك سنته أمد الدهر نزفت كلماتي بصوت يجهش بالبكاء, أنا طفل بكت عل أحزاني السحب وتداعت من آلامي المباني انا مدينة كاملة من ضحكات نالت حتفها وشبابيك محطمة لا تعرف الأمان انا مدينة من نحيب يائس يخرج من الموتى من أصوات المذياع الصادرة من بين الركام ، من ذكريات القصف التي ترمي إلى الهاوية من أشلاء بشرية أمام الأعين تراقصت لمصرعها الأخير نعم نجوت وحدي في ظل هذا العالم القاسي لملمت أشلاء أخي التي كانت بزاوية المنزل مردومة بالتراب وهنا دماء والدتي التي كانت تعد لنا الغداء أجول في المطبخ لأقبل جثتها آخر قبلة وأقول ليتني متت وما أبصرت نهر هذه الدماء أخرج من المطبخ لأجد الغبار يغشي عيناي التفت يمنة فأرى تلك الغرفة الحزينة التي أُخمد ألقها فهناك كان والدي يداعبني ويزيد عزمي لمجابهة الصعاب لم أجد سوى قدمه المبتورة وبعض من الأجزاء التي ما عرفت لأي جزء تنتمي حملت قدمه وأحضرت حقيبتي لا مجال اليوم لخوفي فهذا أبي وما بقي منه وضعت كل تلك الأشلاء في الحقيبة وانا ابكي بشدة رتبتها وكأنها مناهجي الدراسية التي سأتتلمذ على أساسها لأحمل على عاتقي هذا العهد
ما بين أشلاء أخي وقدم أبي وقماش من ثوب والدتي الملطخة بالدماء حملت حقيبتي وجلست وخارت قواي وعقلي يجول باحثا عن باقي اخوتي حتى سمعت صوتاً ينازع مناديا بالحياة نهضت بسرعة، نعم هو صوت أختي عمرها سنة واحدة وجدتها عالقة بين الركام وما كان باستطاعتي سوى أن أحمل الحجارة التي كانت تعلوها، بكل ما أملك من قوة لكنني طفل بعمر الثامنة فكان جُلَّ جهدي إزالة بضعها.
جاء صديق والدي فأهاله منظر الدماء ونقلو والدتي لمرتقاها الأخير وأخذ اختي الصغيرة وهو يطمئنني لا تقلق لا تقلق اين والدك واخوك فأخبرته والدي بقيت قدمه وها هي بجواري واخي جمعت بعض اشلائه فلم أجد سوى ذلك وانا أبكي بكاء شديدا حتى مسح على رأسي بيده وضمني إلى صدره ضمة تغمدتني بالحنان، اقول ماتوا ويقول شهداء ويمسح برأسي ويحه إلا يراني أعانيبدأ يداوي بأختي الصغيرة وجسدها يرتعد من الخوف وعيونها جاحظة تقول لي عاهدني بألا تنسى لا تنسى يداي التي قطعت تحت الجدار وأنفاسي الصارخة بفوات الأوان ، شهقت تلك الشهقة الأخيرة التي نسفت كل أفكاري إلى ربها راجعة وهنا أيقنت أنها ماتت ومات معها ذلك الطفل في داخلي صرخت بأعلى صوت حتى سمعني كل من حولي اللهم إني مغلوب فانتصر، يا صديقي إن ودّعتني الأيام فلا تنسى أني نَسَكتُ الأمل في عهدي ولكن اليأس أشجاني
لا أعرف هل ستجري الأيام لتمكر بي ذاكرتي وتستهزأ بمشاعري وأنسى أم ستحجرني الذكريات في بوتقة لا تسعى سوى للانتقام هي أيام ستمضي وللحق ستكون العنوان.#بقلم:
#رغد_محمد_عبود#أرما
#مديرة_الفريق:-
#هنادي_دردس
#hanady_dardas
#skills_booth
#arma
#المدرب:
#حسين_هنداوي
أنت تقرأ
أرما الثقافي (قسم اللغة العربية والكتابة الأدبية ✍️)
Short Storyماخطت به أنامل المتدربين في قسم اللغة العربية والكتابة الأدبية