{عبدالله} جدتي جدتي... {يبداء الحوار بين عبدالله والجدة}
{الجدة}أنا هنا يا صغيري، ما بال حفيدي عبدالله دخل علي مسرعاً ونسي إفشاء السلام!
{عبدالله}أعتذر منك يا جدتي، ولكنني أريد أن أسألك عن شيء هام إذا سمحتي؟
{الجدة}تفضل يا حبيبي.
{عبدالله} ما هي الكرامة؟
{الجدة}ماهي الكرامة؟! ماذا تقصد بسؤالك يا صغيري؟
{عبدالله}جدتي أخبرنا اليوم أُستاذنا في المدرسة بأن يوم غد سيكون يوماً هاماً لنا جميعاً، فهو سيحمل لنا مناسبة غالية على قُلوب الجميع، وطَلب منا الاستعداد للتكلم عنها، وعندما سألناه ما هي المناسبة؟ أجابنا غداً يوم الكرامة! لم نفهم شيئاً، فطلب منا التريث وأجاب، غداً سنتكلم عنها إن شاءالله، ولكن اليوم استعدوا لها وإسألوا ذويكم أو إبحثوا بالطرق التي تناسبكم عن يوم21 آذار وماهي الذكرى التي تصادف هذا اليوم؟ وماهي المناسبة الهامة لنا يا أحبابي. هل تعلمين يا جدتي شيئاً! بسبب تلك المناسبة سنقيم في المدرسة إحتفالاً كبيراً جرت إعداد التحضيرات له من قبل طلبة جميع المراحل الذين هم أكبر منا عمراً وقد قاموا بنصب الأعلام والزينة لذلك.
غداً يوم الكرامة، ماذا كان يقصد بذلك يا جدتي؟
{الجدة}آه يا طفلي لقد كان أستاذك محقاً، نعم فغداً يوم الكرامة وكان يقصد بذلك ذكرى معركة الكرامة، تلك الحرب التي دارت بين الحق والباطل، يا صغيري ستعود بذاكرتي حوالي الخمسين عاماً وكأني أعيش تلك اللحظات الآن، تلك الذكريات التي لن أنساها ما حييت، وسأقول لك تاريخها لتحفِرهُ بذاكرتك الصغيرة.
{أبا عبدالله}السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسعد الله مساءك يا أمي، كيف حالك يا بني؟
{الجدة}وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا بني، لقد جئت في الوقت المناسب فقد كنا نتحاور أنا وحفيدي عن يوم معركة الكرامة اجلس معنا وزد على ما سأقول لو نسيت شيئاً.
{عبدالله}وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة يا أبي، نعم نعم جدتي ستروي لي حكاية، اجلس معنا لو تكرمت يا أبي.
{أبا عبدالله} (ضاحكاً) أرى الحماس في عيونك يا صغيري، ألا تمهلني لأبدل ملابسي ونجلس لطاولة الغداء، أسمع صوتاً قادماً من غرفة الطعام وهذا يعني قرب وقت الغداء. اذهب واغتسل وبدل ملابسك وسنكمل الحكاية بإذن الله تعالى حال اجتماع الجميع على المائدة، وأنا واثق من أن أمك أيضاً لديها ما تخبرك به أيضاً فقد كان والدها من الجنود الذين حضروا تلك الواقعة.
{عبدالله}أمرك يا أبي.
{الراوي} يقفز الصغير مرحاً وينفذ ما طلب منه على عجل فقد استرعى الموضوع انتباهه، وتأجيل أبيه قد زاد الأمر تشويقاً، وهو يتساءل في نفسه والدي ووالدتي وجدتي وأستاذي الكل يعلم عن هذا اليوم إلا أنا لماذا؟ حسناً لا بأس بضع دقائق وأنا أيضاً سأعلم وأستعد جيداً لأُجيب على أي سؤال سيطرحه المعلم غداً إن شاء الله.
اجتمعت الأسرة كما أراد رب الأسرة على مائدة الطعام.
{عبدالله} (هتف الصغير) هيا يا جدتي لتبدئي بسرد الحكاية.
{أم عبدالله}يا حبيبي الصغير (تخاطب صغيرها وهي ترمقه بنظرات الحب والفخر)، لقد تحمست كثيراً ويحق لك، ولكن لا كلام على الطعام، سمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك، وبعدها ستخبرك جدتك بكل ما تريد أن شاءالله.
{الجدة}نعم يا صغيري صدقت والدتك، أعدك بأن أخبرك بكل ماتريد حالما تُنهي طعامك.
{عبدالله} حسنا يا أمي، حسنا يا جدتي سآكل سريعاً إذاً، بسم الله الرحمن الرحيم.
{أبا عبدالله} بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار. (الأب يدعوا بصوت مسموع) والكل يؤمن (اللهم آمين).
{الراوي} انتهى الجميع من طعامهم وقد ركز الصغير نظره على عيون جدته وكأنه يقول لها أرجوك يا جدتي ابدئي فقد تشوقت كثيراً للحكاية. قطع صوت الجدة الصمت الذي لف المكان.
{الجدة} الحمدلله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين. والحمدلله الذي عشت ليوم أرى فيه حفيدي يسأل عن قصص البطولات والمعارك والحروب التي خاضها جيشنا بكل بسالة. هيا يا صغيري فلنذهب للحديقة ونجلس هناك ونستمتع بالربيع الجميل ونصغي لأصوات وزقزقة العصافير وأقص لك الحكاية.
{الراوي} وينهض الجميع حتى الوالد والوالدة فقد تشوقوا لسماع الحكاية أيضاً، وقفز الطفل الصغير من كرسيه كالأرنب فرحاً وسابق الجميع ليحجز مقعداً بجانب مقعد جدته وجلس بهدوء وكله آذان صاغية.
{الجدة} اسمع يا صغيري، بعد بسم الله الرحمن الرحيم،سنبداء الحكاية، لو أجبتك كما سألتني سابقاً ما هي الكرامة؟ هي شُعورٌ بالشَّرَف والقيمة الشَّخصيَّة، هي ما يَسْتَحِقُّه الشَّخص من احْتِرام واعْتِبار، وهي عكس الذُل والهوان، عندما وقعت معركة الكرامة في الواحد والعشرين من آذار في عام 1968 جاءت رداً وثأراً لهزيمة الجيوش العربية مجتمعة بعد أن تجرعت الأُمة مرارة الهزيمة في حرب عام 1967 تلك التي سُميت بنكسة حزيران أو نكسة الـ67، تلك المعركة التي رد فيها الجُندي الأردني العربي المسلم جنباً الى جنب مع المقاتلين الفدائيين الكرامة للجميع في أرض الكرامة تلك البلدة المُسالمة التي دخلها العدو غدراً ومباغتة بأسلوبه الذي لن يتغير، هدم وحرق المدارس والأسواق وحتى دور العِبادة لم يرحمها، خلت البلدة من أهلها الذين هربوا والتجؤوا إلى مخيم البقعة القريب، ثم حصلت المواجهة بين العدو الغادر الجبان والجيش الأردني العربي المسلم الأبي، وهناك انكسرت المقولة بأن الجيش الإسرائيلي جيشٌ لا يقهر، فقد هُزمت العصابات الصهيونية التي تُسمي نفسها جيشاً شر هزيمة، وفي غضون ساعات لم تتجاوز اليوم الواحد، مكبدينهم أكبر الخسائر بالأرواح والعتاد، ِسلاحهم المُدرعات والدبابات والطائرات، ونحن لم نكن نملك الا الشيء القليل من الأسلحة والعتاد ولكننا كنا نملك العزيمة والإصرار فإما النصر أو الشهادة دون الأرض والعِرض وكرامة الأمة، خياران لا ثالث لهم يا صغيري هزمناهُم بالسلاح الأبيض لأنهم شعبٌ جبان.
{الراوي} (في مداخلة للوالدة)
{أم عبدالله}الحمدلله لهذا النصر، لا أزال أذكر كيف عُرضت معظم خسائرهم من الأسلحة أمام الملأ في الساحة الهاشمية في قلب عمان الحبيبة حماها الله من كل شر، أذكر أن والدي رحمه الله قد اصطحبنا أنا وإخوتي لنشاهدها وكان لا يزال متأثراً بجراحه وقد بدأ بالتعافي منها ولكنه أصرعلى ذلك حتى يذيقنا طعم الفخرالذي تذوقه في ساحة المعركة.
{أبا عبدالله}رحم الله الملك الحسين بن طلال الملك الشاب والقائد البطل فقد كان ابن الثلاثين من عمره آن ذاك بقيادته الحكيمة والتي التف حولها الجنود الأبطال وعلى رأسهم قائد المعركة البطل مشهور حديثة الجازي الذي جمع الجيش العربي الأردني وفصائل الفدائيين متجاوزين كل خلاف تحت شعار واحد "كل البنادق ضد إسرائيل" وكان له ذلك فجاء النصر المشرف في أرض الكرامة والشونة وارتوى ثراها الطاهر دماءً زكية.
{الجدة} كيف لا يا بني وهي الأرض التي تقابل القدس، وهي نفسها التي احتضنت رُفاة الصحابة الكرام الذين استشهدوا في واقعة اليرموك أكبر المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، ومعركة حطين، ومعركة عين جالوت.
{عبدالله} أبي وأنت أيضاً اصطحبني لأرى تلك الأسلحة التي دمرها جنودنا الأبطال، أرجوك يا أبي.
{أبا عبدالله}سأفعل إن شاء الله، سآخذك إلى ما يشبه ذلك إلى حدٍ كبير، سنذهب جميعنا إلى مكان اعتز به وأحب الذهاب إليه دائماً وحقاً علي أن أعرفك عليه وهو صرح الشهيد يا بني، ستشاهد بعضاً من ما ذكرت لك جدتك أطال الله لنا بعمرها وبارك الله لنا في والدتك رفيقة الدرب والروح.
{أم عبدالله}سلمت لنا يا زوجي الحبيب وأبقاك ذخراً لنا.
{الجدة} بارك الله بكم جميعاً يا أحبابي وحفظكم لي من كل شر، يا أبنائي تذكروها وذكروا بها غيركم دائماً، وارفعوا الرأس فخراً، فمن يعلم قد يأتي اليوم الذي تعاد به الكرة ونخوض به الحرب من جديد.
{الراوي} (الجدة توجه أنظارها الى عبد الله وتخاطب حفيدها بشكل خاص).
{الجدة} يا عبد الله، بعد أن تكون قد كبُرتَ يا بطلي فتحمل هم الوطن، ولا أقصد وطننا الأردن الحبيب فقط، (وترفع الجدة يداها للدعاء) حماه الله من كل شر، وإنما أقصد الوطن العربي الكبير لعل ذلك اليوم سيأتي وتتحد القلوب على قلب رجل واحد، ويأتي اليوم الذي تنشدون فيه أنت وأقرانك بلاد العُرب أوطاني، ونردد من جديد، أنا مسلم عربي أتبع القومية العربية لا العنصرية ولا الإقليمية.
{عبدالله} (الطالب المجد والصغير البطل) أشكركم جميعاً، الآن وبفضلكم أصبحت أعلم ما هي الكرامة وسأذكرها دائماً وسأُذكر بها أصحابي، وأنتظر منك يا أبي الحبيب أن تأخذنا إلى صرح الشهيد لأخبر أصدقائي عنه أيضاً، وقد أطلب من الأستاذ في المدرسة أن يأخذنا في رحلةً مدرسية إليه وأنا سأخبرهم بقصة معركة الكرامة هناك وحتى أنني سأرتدي زيي العسكري الذي أحضره لي جدي رحمه الله هدية في عيدي ميلادي السابق لتكون زيارة أنساها أبداً ما حييت#بقلم
#نسرين_عتمه
#أرما
#مديرة #الفريق:-
#هنادي_دردس
#hanady_dardas
#skills_booth
#arma
#المدرب:
#حسين_هنداوي
أنت تقرأ
أرما الثقافي (قسم اللغة العربية والكتابة الأدبية ✍️)
Short Storyماخطت به أنامل المتدربين في قسم اللغة العربية والكتابة الأدبية