الأشِعة الساخِنة تختَرق نافِذة ذلِك المبنَى العِملاق المَطلي بِالبياض بِالكامل، ويُزين مقدمتُه لوحةٌ عملاقةٌ مِن الأحرفِ التِي تجمعَت لِتكوين جُملة 'مُستشفى سِي يُون للأمرَاض العقلِية'
يجلِس عَلى أرِيكة واسِعة يُغطيها جلدٌ بِلون البُن الدّاكن، وخِيوط مِن الزّبدة الصّفراء تَتدلى مِن فَروة رأسُه حتَى تصِل لِمقدمة عُنقه دُون تغطِية تِلك العِظام البَارزة فِيه، عدسَة عَينه كانَت زرقَاء باهِتة مَع بعضَ الأهِلة السّوداء التِي تكتسِح الجِفن مِن الأسفَل، والنمَش يُغطي خَديه المُتلونين بِلون الجلِيد.
كَان مظهرُه يوصِل لكَ فِكرة انعِدام الحيَاة بِمثالية، ولكِنه وبِطريقةٍ مَا كَان وبِدون شَك آسرًا.
أرجَع رأسَه للوَراء مغمضًا عينَيه ولَم تمُر ثوانٍ حتَى دلفَ رجلٌ ملتحٍ يبدُو مِن معطفِه الأبيَض الذِي يصِل لِركبتيه أنه طبيبٌ يعمَل بِهذه المُستشفى، يُمسك بِيده أوراقًا بيضَاء امتَلأت بكلماتٍ سَوداء وطرفُها الأعلى قد كُبس بإحكَام.
جَلس عَلى الكُرسي الذِي يُواجه صاحِب الأجفَان المُنغلقة.
-فلِيكس، انظُر إلَي.
تكَلم الطّبيب، لِيفتح المدعُو عينَاه بحدةٍ ويستعدِل بِجلسته رادفًا بِبرود:-لِمَ طَلبت رؤيتِي هذِه المَرة؟.
-مِن أجْل أن نُكمل مِن حيثُ توقّفنا المرةَ الماضِية.
نبَس بِهدوء مَع عِلمه بِكونه لَم يُنجز حرفًا مَع هذَا الفتَى الذِي بدَأت ذِكريات ذلِك اليَوم بِالوميض أمَام ناظِريه.-عودةٌ إلى الماضِي-
الدماءُ شَكلت بركةٍ حمرَاء اعتلتَها كتلةٌ بشَرية قصِيرة الأطرَاف مشوهةُ الملامِح ويقِف بِجانبها بِجمود طفلٌ أشقَر لَم يتجَاوز العاشِرة كَان آخِر مَا توقعُوه بِشأنه أن يكُون هوَ سبَب هذَا المنظَر الشنِيع.
-عزِيزي فِليكس أنتَ لم تفعَل هذَا، صحِيح حبِيبي؟.
صرخَت بِهلع هازةً كتفَي طِفلها.-بَلى، فعلتُ أمِي.
أومَأ مجيبًا مَع ابتِسامة صغِيرة تعتَلي ثِغره.-لـِ...لِمَ؟.
غَمغمت بِارتجاف.-لقَد كنتُ ضجرًا.
جفّت دِماء وجهِها بِسبب كَلام صغِيرها وَلم تُمنحْ وقتًا كافيًا لإكمَال صدمتِها; بِسبب رِجال الشّرطة الذِين داهمُوا المكَان.-سيدتِي ابتعدِ رجاءً، يجِب أن نأخُذ هذَا الفتَى!.
نطَق بِصرامة الرجُل الذِي تقدّم نحوَها.-أينَ ستأخذُون طِفلي!!.
صرخَت وهِي تشُد الحُضن عَلى طِفلها.-طِفل؟!، لا تجعَليني أضحَك.
تقدّم نحوَها وأحكَم القَبض عَلى كتِف فلِيكس وأكمَل مردفًا بِسخرية.
أنت تقرأ
عَرِين الشّيْطَان | Hyunlix
Horror"حتَى وإن كُنتَ لا تُطيقُني؛ كُل شبرٍ بِجسدِكَ يَشتهِينِي." هربَ فِيلكس ذُو الثَمانِية عشَر ربِيعًا مِن مصَحةٍ عَقلية سُجِنَ بِها لِمدّة تِسع سنَوات، ظَانًا إنّه وأخِيرًا استطَاع التّغلب عَلى مصِيره المَشؤُوم ولكِن لسُخريَة القدَر أن يَربُطهُ بِأمِي...