تقاطع الطرق

92 19 23
                                    

عزيزي قادين ...
كنت تلمع دائما كنجمة بعيدة في السماء تعرف مدى تعلقي بما هو صعب وبعيد، تدرك جيداً حبي للتحدي والمغامرة، فتلمع بعيداً عني..
لتغريني بالوصول إليك.

ولكن يا قاديني إن وصلت إليها أحترقت بنارها؛ نارك.

وإن أبتعدت يأكلني فضولي وينغزُ قلبي حباً بالقرب. ولكن يداي مقيدتان إلى حائط الكبرياء واللا مبالاة.

كما إنني كسولة جداً لأذهب خلف نجمة دائمة الترحال، ومغرورة جداً لأكون خلف النجمة.
وأنا التي اعتدت أن أكون سيدة السماء، وفتاة القمر المدللة، فأعتق العنب ليخمر، وأشعل لفائف البخور دون غاية..
لأنه يتوجب احتراق شئ ما.. شيئاً ليس أنا.

*****

وكموج بحر كان طبعي، لا تدرك أأعصارٌ قادم، أم موجة هادئة يلهو بها أطفالك. ولكن إن كنت تحتار في أمري..
فتذكر البحر لم يكن يوماً هادئ، لا يمكنك أكتشاف البحر بالكامل، ولا يمكنك الأنخداع بهدوء السطح.

لم تطأ اقدامي الوادي مرة أخرى، لعلمي أن فتاة بشعر أحمر لن تتركني ارتاح فيه، عداء قادرة عليه، لكن ليس وقته.

يقولون دائماً إن ضاقت الأرض توجه للبحر، ماذا ولو كان البحر حبك الأول؟، وُلِدت بجانبه، حتى أنك سُميت تيمناً به. ومع تقدمك في العمر تُدرك أن البحر ربما يصير حبك الأخير.

كان البحر في مكانه أسفل صخور أعتدت الجلوس عليها لساعات متسائلة، لماذا أنا؟، كيف أنتهى بي الحال هنا؟، أراقب بحراً بحب يفعل ما كان يفعله منذ بداية الحياة، وما سيظل يفعل حتى نهايتها، محتضناً سمكاته تماماً كما أردت منك أحتضاني، ورائحته المحببة حوله. وكأنه يحادثك في غيابك لأنك أعتدت الغيرة منه في وجودك
«دائماً ما سيغلب حبها لرائحتي حبها لك، ستظل رائحتي أنا في أنفها إلى يوم تضمُها فيه الأرض التي خرجت منها، أو ربما أضُمها أنا، فأشعر أنها خرجت مني لا من الأرض».

وسط زحام أفكار أوصلني لستة أمتار داخل المياة المظلمة، نائمة على ظهري ناظرة للسماء، لا أدري..أأسبح في البحر أم فيها، وسط النجوم ربما، لم أشعر إلا بيد تشدني خارج المياة. وكأنك تنتزع روحاً من صاحبها أنتزعتني.

كانت عيناه أشبه بحضن أم لرضيعها، حنونه رغم خوف ظاهر فيها، لمعة حزن تضئ بُنيتاه. سحبني داخل قاربه الصغير، صدره يعلو ويهبطُ من الخوف. بإبتسامة باردة كبرودة أطرافي سألته «أفقدت أحد أحبتك في البحر؟»

ظهرت الحيرة في عيناه وساد الصمت قليلاً قبل أن يخرج صوته «أفقدتِ عقلكِ؟، ظننتك جُثة تطفو ».

دروب الخيالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن