الجزء الرابع | فِداء ودَين |

89 2 0
                                    

نيسان ٢٠٢٠
بعد شهرين من عودتي من بيروت ونيلي شهادة الإجازة
كان طيف زهير يلاحقني لم أتخطى موته بسهولة أبداً

أخي حيدر كان متفجعاً بصمت ، لم تهدأ روحه الا عند لقائه بصاحبه أيوب وإستذكار ماضيهم مع عليٍ و زهير

أما أنا في رحلة بحثٍ جديدة عن عمل مرة أخرى
لماذا لا أعود الى عيادة الجليل ؟ بيساطة لانه بسبب ضغط العمل و رغبة العديد من الرجال بالعلاج الفيزيائي في العيادة اضطررت لأتوقف عن العمل

بدايةُ الربيع بداية الحياة الارض تتنفس ، الروح تعود للاشجار و الزهور وقررت معها أن أعود للحياة مرة أخرى
فلم يستشهد زهير ورفاقه الا لنعيش بأمن وسعادة

صباح الأحد العائلة مجتمعة على الفطور عائلتي الكبيرة اخواني وزوجاتهم و اولادهم

الطاولة ممتلئة الاولاد و ضجيجهم من حولنا
رائحة السجائر الممتزجة بالقهوة و الشاي
اصوات الضحكات ، الامان بكل أختصار

زياد والسيجارة في طَرف فمه :" فاطمة ، نسيت خبرك حَنا خبرني عن عيادة فتحت بأبلح ، وبدن معالجة للنساء فقط "

كادت عيوني تخرح من مقلتيها و ابتلعت الطعام في فمي وتكلمت بسرعة :" وانت قاعد ساكت من الصبح ايمتا خبرك !! "

زياد :" والله مبارح الصبح ،شو بعملك فاضيلك انا الك ولشغلك "

نظرت لحيدر بعيون ذابلة و مددت شفاهي " مبوزة " وقلت :" الله يخليك الله يخليك نزلني شوف الوضع كيف "

ابتسم وهو يشرب الشاي وقال :" خلص بأمرك قومي البسي بخلص ومننزل "
ق
ثم نظر لزياد وقال :" وين صارت العيادة ؟ "

زياد :" بوجه المدخل الثاني لثكنة الجيش ، في بمحل البناية دكان اسمه سمانة ابو سمير ما بيضيع "

هز حيدر رأسه واكمل فطوره بهدوء

اما انا فقد هرعت ركضاً لغرفتي غيرت ملابسي ولبست ثياباً رسمية وضعت القليل من المكياج و في ظرف ربع ساعة تقريباً كنت جاهزة واقف أمام حيدر بابتسامة بلهاء

" يلا يلا يلااا يا بطة يلاا "

نظر لي نظرت جانبية وهو يكتم الضحكة ، وقال :" والله اذا انا بطة شو خليتي للبطة الكبيرة جوا "

وكان يقصد زياد

امسكته من ذقته وشددته نزولاً نحوي
" انت بطوطة قلبي بس بطوطة الي ، مش بكرا مرتك تخليك بطة "
قبل جبيني ووضع يده على كتفي وخرجنا من البيت

الطريق كان طويل ، ما يقارب الاربعين دقيقة الصمت سيد المكان أكسره بسؤال او تعليق تافه لأجعله يبتسم قليلاً فكان يجاملني بإبتسامة مصطنعة كي لا يكسر خاطري

أخيراً اقتنعت أنه له يخرج من حزنه بسهولة

فصمت حتى توقف امام مقهى وترجل من السيارة ، غاب دقائق ثم عاد بكوب قهوة داكنة واحد

حَياةُ فاطِمة Where stories live. Discover now