الفصل الحادي عشر: أجمل وأحلى خطأ.

1.9K 132 92
                                    


كانت أعين ايدير تبدو حادة خالية من الحياة وهو يصعد كل درجتين من سلالم المنزل بخطوة واحدة، هو كان يحتاج للحديث مع تيزيري على أية حال فهو كان قد عرف أنها حتى وبعد أن اشترت قطعة الأرض التي اقترحها ضابطه الأول عليها وشارعت في شراء مواد البناء والبحث عن عمال لبناء منزل خاص بها إلا أنها لا تزال تجول القبيلة وحدها تبحث عن منزل للإيجار، أما الآن فقد حصل على سببين ليناقشها بحدّة بعد الذي سمعه من ابنته... وثاني سبب كان مهما أكثر من الأول بكثير.

كان قد ولج للمنزل منذ ساعة وكان منهكا من العمل جالسا وحده في غرفة المعيشة لذلك بدت مشاغبات ابنته وتصرفاتها متعبة لأعصابه فما كان منه إلا أن ينهرها قائلا أنه أخطأ في تدليلها، توقفت ابنته عن محاولة الصعود على ظهر أبيها وقالت بصوت خافت:
-"هل أنا خطأ حقا؟".
لم يستطع ايدير تكذيب ما سمعه فهي كانت ملتصقة بظهره وجهها لكتفه وكلماتها اخترقت قلبه قبل أذنه، كيف فهمت كلامه عن خطئه في تدليلها أنه يقصد به تواجدها في حياته؟، ايدير يعتبر ابنته أكثر شخص يدفعه للصمود في الحياة فكيف لها أن تفكر هكذا؟.
لذا بسرعة رفعها من على ظهره واضعا إياها في حضنه يغرقها بالقبل وكلمات الحب وحنان الأبوة والذنب يأكل قلبه ظنا منه أنه من جعلها تفكر بتلك الطريقة، اعتذر لها بعدها قائلا أنه لم يقصد ما فهمته ووعدها أنه لن ينطق بما قاله لها يوما مهما كانت متعبا إن كانت كلماته جرحتها، حاول إبعادها عن تلك الأفكار بدغدغتها وقد قرّر توفير بعض الوقت للتفرد بابنته من حين لآخر وأخذها لمشاهدة مسرحيات أو حديقة الحيوانات أو أي شيء ترغب به لتعزيز علاقته بها، هي الصغيرة الوحيدة في المنزل فإن لم تلعب معهم فمع من ستلعب. توقفت ناتير عن الضحك حين توقف والدها عن دغدغتها ثم قالت بآثار ضحك في نبرتها:
-"لا بأس بابا".
كانت مستلقية حلى حجره تضع يديها على بطنها كمحاولة منها لمنعه من دغدغتها مجددا ثم تابعت:
-"تيزيلي قالت أنه إن كنت خطئا فأنا أجمل وأحلى خطئٍ في الكون".
قالت ذلك بتكبر طفولي وهي ترفع رأسها بشكل مبالغ فيه بينما علت الحيرة ملامح ايدير، لن يجرؤ حتى على التفكير في أن تيزيري من الممكن أن تقول عن ابنته أنها خطأ وبالمقابل تتركها تلعب بمجوهراتها الماسية وأحيانا تضيّع ابنته أحدها أثناء اللعب دون أن تعبّر تيزيري عن غضبها بل وتتركها تلعب بهم في اليوم التالي كأن شيئا لم يكن، لكنه متأكد من أن ابنته قد اشتكت لها ممن فعل ذلك فطيّبت هي خاطرها بما قالته، ناتير لا تتحدث عن الأمور الحساسة لها إلا مع إناث العائلة ويبدو أنها أضافت تيزيري للقائمة الآن. من الممكن أن يكون زملاؤها في المدرسة من قالوا ذلك أو أن أحد معلميها نهرها وهي فهمت الأمر بشكل خاطئ أو... رادنا.

حسنا هناك طريقة واحدة ليعرف، لكن أولا عليه التأكد من براءة تيزيري من التهمة لذا سأل ابنته التي لن تكذب مهما حصل خصوصا وإن كان سيتهم تيزيري أمامها:
-"تيزيري قالت أنكِ خطأ حبيبتي؟"، من تملك وسواسا قهريا من النظافة وتسمح لطفلة بتلويث غرفتها وكركبتها ثم تعود هي لتنظيفها بكل هدوء من المستحيل أن تقول عنها ذلك.

الرجوع لزمن البرابرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن