الفصل السادس: مالكة الحانة.

2.3K 146 70
                                    

كانت الخالة ماتيا عند باب المنزل حين وصلت تيزيري وناتير وأبيها هناك، فكرت تيزيري أنها ربما كانت تهذب أطراف أغصان الشجيرات الصغيرة في الحديقة فهي تمضي الكثير من وقتها هناك تعتني بالورود ووجود بعض الطين على أطراف فستانها العنابي يؤكد ذلك، لكنها كانت تبدو قلقة. نظرت لتيزيري التي ابتسمت لها بتوتر ثم أبعدت عينيها عنها ومرت من جانبها كونها لا تعلم لم هي تنظر لها بتلك الطريقة، بعد فترة دخل ايدير يحمل ابنته بين يديه ويلاعبها فتوجهت ماتيا له تهمس له ببعض الكلمات، أطلقت تيزيري زفرة راحة كونها لم ترتاح لتلك النظرات أبدا ثم ابتعدت عن الجميع تعطيهم مساحتهم الخاصة.

في المساء كان عليها الجلوس مع الجميع في الحديقة أين انتقلت جلسة السهرة هناك توازيا مع بداية فصل الربيع، كان وجه سيفاو مملوء بالكدمات التي لم تعد تثير اهتمام أي أحد غير زوجته التي تحمل بعض الثلج لتكميد وجهه، أنير لا يزال يمنح أباه تلك النظرة القاتلة في كل مرة يراه، وماتزال تيزيري تظن أنه غاضب منه لأنه يقلق أمه التي تملك قلبا ضعيفا يعشقه وقد تتدهور حالتها يوما ما بسببه، ديهيا لا تزال تخاف أباها وتبدو كأنها تود الاختفاء من المكان بأي طريقة، ايدير لا يعير أي لعنة للأمر وهو يحمل ابنته في حضنه يلاعبها يظهر ضعفه ومشاعره وحنانه عليها.

تيزيري كثيرا ما تشعر بالغيرة من ناتير حين تتذكر والدها وكل ما كان يفعله من أجلها، لكن الموقف الآن لا يجعلها تحس بأي شيء غير الفضول، واللعنة هي لا تملك حتى حق السؤال عما يجري بينهم.

-"حسنا ما رأيك في قطعة الأرض التي اقترحها ابني تيزيري؟، هل تناسبك؟".

رمشت تيزيري تبعد أعينها التي شردت في ايدير وابنته ثم وجهتهما لمن ألقت السؤال عليها، ماتيا كانت تبدو متوترة... أو أنها على حدود صبرها لمعرفة الجواب، سيفاو وأنير وديهيا كانوا كمن يسمع برغبة تيزيري في الانتقال والعيش وحدها لأول مرة، توقّفت أصابع ايدير عن دغدغة صدر ابنته لفترة قبل أن يعدل جلستها في حضنه، أما ناتير فتوقفت عن الضحك وتحولت تعابيرها للحزن في اللحظة.

دائما ما تؤثر ناتير على تيزيري بشدة كونها وبشكل ما تشعر أنها تشبهها حين كانت صغيرة، كلاهما كانا يحتاجان بشدة إلى أم. توقف الجميع عن فعل ما كانوا يفعلونه جعل تيزيري تفكر... هل قرارها يهم هذه العائلة لهذه الدرجة حقا؟.

-"في الحقيقة لا، هي لا تناسبني".

كانت زفرة الراحة متوقعة من ماتيا وديهيا وحتى ناتير، لكن ايدير...

-"هي متواجدة قرب السوق بشكل كبير، صحيح أن ذلك يجعل المنزل أقرب إلى الورشة لكنه سيكون وسط الكثير من الضجيج وأنا أميل للسكون أكثر".

ابتسمت بإحراج وهي ترى ابتسامة ماتيا السعيدة وناتير التي قفزت من حضن أبيها فقط لتعانقها.

الرجوع لزمن البرابرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن