خطوة للوراء من فظلكم يا سادة، احتموا... ففي أي لحظة قد تنفجر شراييني، فقد آن الأوان لينفطر هذا الكون كما كُسر قلبي...
عبد الحليم بدران
____________________
-"طبعا، هذا ما تريده، وإلا لمَ أنتَ هنا".
-"أنا هنا لأنكِ هنا ماسيليا لا تدعي أنكِ لا تعرفين".
كان أنير وماسيليا يجلسان على أقرب طاولة في الحانة من المكتب، كانت تربط شعرها العلوي الأشقر بينما تركت الباقي مسدولا على كتفها، تشبك يديها ببعض على الطاولة بينما تهز رجلها اليسرى باستمرار، لم تكن ترتدي فساتين جميلة كما تفعل معظم نساء القبيلة بل كانت تفضل السراويل الضيقة السوداء والأحذية المريحة.
-"هيا لا تكوني هكذا، لقد قالت أنني أبدو وسيما فحسب".
نظر لها بأعينه الخضراء تنتظر أي ردة فعل أو جواب منها بينما يمدّ ذراعه الموشومة ليمسك بيدها.
-"أجل هذه لغة العاهرات، وإذا ترجمتها للغتنا ستصبح: يمكنكَ أحذي لسريرك بالمجان الليلة".
ابتسم أنير وانحنى على الطاولة ليقترب من وجهها ليجيبها على الفور:
-"أتغارين حبيبتي؟".ألقت ماسيليا نظرة له جعلت ابتسامته تختفي تماما، ثوانٍ وابتسم بهدوء يقول:
-"لا بأس بالشعور بالغيرة".
عادت ماسيليا تنظر له بسخط لكنه لن يزل ابتسامته هذه المرة لأنه كان صادقا وجادا:
-"ما كنت لأحرم نفسي من النوم لساعات إضافية وآتي إلى هنا لو لم يكن ذلك بدافع الغيرة... والشوق أيضا".أبعدت ماسيليا وجهها عنه تماما ونظرت وراءها لكنه يعرف أنها كانت تبتسم وبالتأكيد أحبّت ما قاله لذا اتسعت ابتسامته أكثر، هو يداوم للمجيء للحانة بدافع الغيرة حقا، لا يحتمل فكرة أن تحادث الرجال وتخالطهم. وراء قسوتها توجد جوهرة مثقفة وعذبة، والآن بفضل والدها الحبيب تم وضعها وسط الأوساخ والقذرين، يعرف أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصبح مثلهم يوما ما، وهو الآن يحاول جاهدا أن يحول بين ذلك. لكن ما يخافه حقا ويحاول عدم البوح به لها هو احتمالية اغتصابها، هي تعمل وسط المخمورين والذين هم تحت تأثير المخدرات وأيضا أغلبهم من المحاربين، من المستحيل أن تنجح في الهروب من أحدهم إن حاول... ما الذي يفكر فيه اللعين الخرف والدها بإبقائها وسط هذا العفن وحدها؟.
غيّر دفّة الحديث معها محاولا الحصول على موعد عاديّ كجميع الأحباء وهو يذكّرها ببعض الأمور التي حصلت أيام المدرسة ويحاول معرفة رأيها فيهم أنى ذاك، هي لم تقل أنها تواعده لذا تقنيا لا يمكن أن يقول أنهم أحباء لكنه أنير... سيحصل على ما يريد في النهاية، هو دائما ما يفعل.
ضحكت كثيرا حين أخبرها بسبب مشاجراته أثناء المراهقة والتي كانت معظمها أسبابا تافهة كمواعدة فتاة جديدة في المدرسة أو حتى رهانات نزال والخاسر يؤدي الفروض المنزلية للرابح، لم يخبرها عن سبب خلافه الشهير مع يور ولحسن حظه هي لم تسأل، أو ربما هي تعرف أنه لن يجيبها.
أنت تقرأ
الرجوع لزمن البرابرة
Fiksi Sejarahكيف ستتعايش فتاة هربت من عواقب جريمة قتل إلى الزمن الذي عاش فيه البربر والفراعة والروم والتاتار مع ثقافتهم وطريقة تفكيرهم وقدم حضارتهم وقدم البيئة المعيشية لديهم؟.