1-بين الفضيلةِ والرذيلةِ ضائع

36 14 6
                                    

اني اكتب عما هو اصعب من الحب أنحدر عبر خيوط هيئتك متخيل، أليس ذا تحديا؟
مثل تعلم التوقف عَنْ حُبَ شَخِص منحك، ذات مره، كل شىء.... اليست هذه معركة؟
انْ يستطلب منى ... سلخك مِنْ كونك، حَبِيَبًا لي، أن يكُون ذلك أشبه بـ إكتشاف طريقة
لممارسة الغزل إليك، عوضا عَنْ الأرق، وَفقدان الشهية، و الإختناق... أليس ذا شاقا؟
وهذا أنّا، يَا عزيز قَلَبى، أكتب كُل ما يأخذني إليك
.

.
.
.

"ما رأيك بكوب من النعناع لتدفئتك"
اردفتها وهي تلعب بأناملها وكأنها على وشك قول محاضره، وهي تقوم بضيافة ضيفها المفاجئ الذي اقتحم سكينتها المخطلته بصوت المطر الشديد ونواح والدتها في الغرفه المجاوره لهما.

هو في الاساس ظن منزلها مهجورا فلاطالما كان يمر عليه وهو غير مكترث بصوت النواح الخافت الذي يشبه غناء الاوبرا الحزين، فرسخ ذلك الصوت فكرة ان المنزل مسكون.

ولكن شاء القدر ان يسير في ذلك الطريق المهجور المعاكس لطريق البقاله وتتعطل سيارته الغداره، فلا يستطيع العوده في تلك الظلمه الحالكه ولا يستطيع الاكمال في تلك الامطار الغزيره، التي بللته بالكامل بمجرد ان خرج من باب سيارته الباهظه ليجري اتصالا بسائقه ليعيده الى المنزل بسيارة اخرى وينظر في امر سيارته البورش الناصعة، فيطعنه هاتفه في ظهره ويفقد كامل طاقته، او ربما يعاقبه لانه لم يشفق عليه وظل يستمع الى موسيقاه طوال الطريق.

رأى ذلك المنزل المهجور والمخيف والمظلم، لا يعرف من اين جلب الشجاعة ليقوم بطرق الباب مع يقينه بعدم وجود مجيب، ولكن زال كل يقينه بمجرد ان فتحت الباب فتاة نحيفه بشعر قصير بني وعينان واسعتان وفم صغير بشفاه منتفخه تعتليها من الناحية اليسرى شامه، ترتدي ملابس سوداء واسعه، وبين اناملها النحيفه شمعة مشتعله، لم تتحدث كثيرا فقط وافقت على بقائه عندها، ووضعت معطفه وسترته ووشاحه على علاقات لعلهم يجفو من الماء الذي يقطر منهم، واعطته سترة رجالية واسعة جدا عليه.

اجلسته امام المدفئه التي تحتوي على ذلك الحطب المشتعل،و اجزم بشده انه لا يوجد اي شيء يعمل بالكهرباء في ذلك المنزل الذي كل ما بداخله من الخشب وبعض الاسفنج والوسائد الموضوعه على الارائك الخشبيه وبعض الاناء المعدنيه الموضوعه في المطبخ المفتوح على غرفة المعيشه، والمصابيح التي تعمل بالجاز موضوعة في كل ركن مشعة بتلك الاضائه الصفراء، وفي خلفية المشهد صوت ذلك النواح الذي لا يتوقف.

وكأنها امرأة تصرخ منذ سنوات فهرم صوتها وتعب من المواصله فأصبح نواحها يشبه غناء الاوبرا الحزين، او ربما تهويدة بلغة غير مفهومه، فهو جالس امام المدفأه يتسائل ما سبب ذلك الصوت وهو يحرك مقلتاه البندقيه في كل مكان ربما تلتقيان عيناه بصاحب ذلك الصوت الرخيم والمتعب، ربما يخبره ان يتوقف عن عويله.

على شفة النعناعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن