_ الخامسة والنصف صباحًا_
رَنَّ المنبة الخاص بغرفة صغيرة تقبع بالطابق الأول لمبنى سكني فخم، وقفت بعدما حركت كلتا ذراعيها بإحترافية لفك عضلاتها، وبعد الوقت المستغرق في غسل أسنانها وصنعها للفطور، ارتدت معطف ثقيل بعض الشيء وقامت بلثم نِصفُ وجهها واتجهت إلى عملها الذي يسبق جامعتها..
"ساندرا"، فتاة في الخامسة والعشرون من عمرها، شقراء الشعر هادئة الملامح، فتاة ذات وجه عاديّ ولكنها مميزة..
تعمل "ساندرا" ساعة قبل ذهابها إلى الجامعة كل يوم، فهي تتولى أمر جمع أكياس القمامة التي يُخرجها السكان أمام الأبواب..
ليس لدىٰ "ساندرا" عائلة، فهي تربت في ميتم منذُ ولادتها، حاولت العثور على شيء يخص الماضي وما حدث ولكنها لم تجد شيئًا مفيدًا بالأمر، فتعمدت إلا تكترث بالوضع أكثر من ذلك، فهي تشعر أنها منبوذة طوال الوقت، ولا شيء سيغير الأمر.
-"صباحُ الخير سيد وليام." قالت
-" صباحُ الخير ساندرا، مبكرًا ككل يوم!"
سيد "وليام" رجل مسن، يعمل في محل صغير أمام المبنى، الشخص الوحيد الذي يمكنها أن تتحدث إليه بكل أريحية، فالجميع من الوسط هنا يظنها غريبة أطوار لقلة حديثها.
-" أجل، اعتدتُ الأمر." أجابت ببسمة صغيرة..
وضعت الأكياس البلاستيكية في صندوق النقايات الضخم ثم عادت إلى غرفتها الصغيرة لتتهيء لجامعتها..
تتعمد "ساندرا" عدم وضعها للمساحيق، فبشرتها بيضاء بها القليل من النمش البنيّ، الذي تحبه كثيرًا، وهي تظن أنها جميلة بما يكفي، لذلك فلا داعي للتجميل.
شعرها طويل نسبيًا مليء بالتجعدات؛ نظرًا لقلة اهتمامها بفرده لأنها اعتادت على مظهره.
هذا غير أنها تظن أنه جذابًا بشكل مبالغ فيه!
ارتدت سترة سوداء من الجلد ولملمت بعض الدفاتر المبعثرة على الفراش أثر دراستها الليلة الماضية لتلك المادة - المملة- التي لا تطيق حتى معلمها.
بعد وصولها إلى الجامعة، وتم الأمر بإنتهاء نصف اليوم في المحاضرات والدروس الشاقة، خرجت أخيرًا من المكتبة بعد أن قامت بالبحث بها عن شيء لم تفهمه من ذلك المعيد غريب الأطوار..
جلست على مقعد يتوسط حديقة الجامعة تتأمل بصمتٍ تفاصيل اليوم الذي كان ككل يوم مر عليها، عمل ليس لها، جامعة مملة، وحدة قاتلة وسط العديد من الأشخاص، وهذا المقعد المُهشم فالزاوية، كم كان أوفى صديقٌ لها!
-" ماذا تفعلين هنا؟" تساءل ذلك الشاب القمحي الذي كان يقف موازيًا لها وعينه يملؤها الخبثِ.
أدارت مقلتيها بمللٍ ونبست بعد أن زفرت بضيقٍ..
-"لستُ بمزاجٍ رائع اليوم لأن أتحمل سخافتك آرثر، أرجوك أرحل."
أنت تقرأ
اسبوعٌ في جسدي | A week in my body
Historia Cortaبعض التجارب تكلفنا الكثير، لكن هذه التجربة لم تكلفهم سوى أسبوع واحد فقط.. أسبوعًا واحدًا كان كافيًا لأن يوضح رؤيتهم الضبابية للأمور.. تُرى لماذا وكيف؟ و ما الذي ينتظرهم بعد تجربتهم لترياقٍ يؤثر على طبيعة أجسادهم وأفكارهم؟