{مُجرد يتيم}

43 9 11
                                    

من الصعب أن يسبح المرء في حياته دون وجهة محددة، فقط يشعر وكأنه خالي من الأمل والانتماء، كالشارد في زورق نطاق محيطه واسع، مظلم ومخيف، وحيد دون دليل يحثه ولا صديق يطمئنه، ولا نور ينير سبيله.

فقط مجرد يتيم..

كانت "ساندرا" من ضمن هؤلاء، وغير ذلك كله، عاشت صغيرة في مكان خاص لأمثالها، به القليل من الراحة والكثير من الأذىٰ!

-" فقط.. في كل مرة أتذكر فيها هؤلاء الذين يأتون للتبني وهم يختارون أصدقائي وأنا لا، أصاب بنغزة في قلبي، كنت صغيرة حينها ولكن الألم أكبر مني، وعلى الرغم من ذلك تحملته وكنتُ كالعصفور البريء كل ليلة أُلملم قطع قلبي المتهشمة على الوسادة وأنام آمله بأن من سيأتي غدًا سيختارني.. ولكن لم يحدث."

ضحكت باستهزاءٍ وهي تلتهم قطعة البيتزا التي بيديها بشراهة:
-" وكأن الجميع أقسم على عدم اختياري، مثلما فعل والداي"

-" كيف يمكنك شرح أسوأ كوابيسك بهذه البساطة!!"

-" لأنني لستُ بوعيي، تلك الهرمونات اللعينة تتحكم بي، يمكنها أن تجعلني أضحك على خيباتي تارة، وتارةً أخرى يمكنها النجاح في جعلي أبكي على نهاية البيتزا التي أمامي الآن"

نظرت على الطعام الذي أمامها وقالت بصوتٍ ضعيف كاد أن ينهار:
-" انتهت البيتزا، وأيضًا قطع الدجاج.."

وبكت..

حاولت جاهدة أن تتحكم في نوبتها المفاجأة ولكن للأسف.. لابد أن تحدث.

ظل صامتًا ساكنًا يستمع إلى شهقاتها المتعالية كل ثوانٍ، يشعر بتدلي الدموع على وجنتيها ولكنه لا يستطيع حتى أن يجففهما، فقط حافظ على تلك المساحة التي وضعها لنفسه..

أستمر البكاء تقريبًا عشر دقائق، من ثم هدأت انفاسها اللاهثة وأخرجت رأسها من وضعها المتقوقع تراقب الخلاء بإدراك ليأتيها صوته المازح..

-" انظري.. مازال هناك المزيد من شرائح البطاطا!"

ضحكت بلومٍ ثم وقفت تنظف الفراش وتسطحت عليه تراقب النجوم الصناعية التي وضعتها هي في سطح الغرفة..

-" تحبين النجوم؟"

-" كل ما يخص الفضاء."

نظرت إلى الساعة الموضوعة إلى جوارها وعادت ببصرها إلى السطح.

-" الوقت تأخر، ألا تشعرين بالنعاس؟"

-" يصيبني الأرق واضطرابات النوم."

-" هذا محزن.. هل تريدين مني أن اساعدكِ في النوم؟"

ضحكت:
-" كيف؟"

أجاب:
-" يمكنني أن أروي عليكِ قصة!"

-" أهي قصة حياتك؟"

ضحك:
-" لا بل قصة سردتها عليَّ ابنة أختي"

اسبوعٌ في جسدي | A week in my body حيث تعيش القصص. اكتشف الآن