جُزءُ مِن الحَقيقة !

90 1 1
                                    

السابِعَ والعشرونَ من يونيو ...
11:28 صَباحاً .




-ماهوَ ذنبُنا ، حينَ يُصادِفُنا خَريف الحياةِ فِي رَبيع شَبابِنا ؟!

فتاةُ ذاتِ العشرونَ عاماً أقبلتْ على خَريفِ العالم بِعزّ شبابِها كما يُقال ، لا أظنُ بأنني يُمكنني البَوح بمسألة الإضطراب ذاكَ الذي يُصيبُني داخل جُدارن جامعتي ، في وسط الطُلاب والضَجّة ، ذلكَ الإكتئاب الذي يُصيبُكَ في وسط إنشغالكَ هو الأوحش على الإطلاق !





- لا بأس ، أنا هُنا معكِ دائماً ، حتى وإن لَم أكُن هُنا يوماً فنحنُ وحيدانِ معاً ، نحنُ بعضُنا البَعض في النهاية !

.
.
.
.

لكن أنا لا أُحب هذا النوع مِن المُزاح أتعلم ؟
بإنزعاجٍ تامٍ أردفتْ .





-رُبما لأنكِ حساسّة أكثرُ مِن اللازِم آريس !






- حتى أنتَ يا إِيروين ؟!

- لا أعني ذلكَ حقاً ، لكن ذلكَ مايعنوهُ الناس ...


-الناس ؟!
أتقصدُ الأشخاص الذين لايفعلون شيئاً سِوى التدخل بِحياة غيرهم ، لايمرُ يوماً عليهم دُونَ أن يخدشِون حياءَ شخصٍ ما ، دُونَ أن يذكرونهُ بِسوءٍ ودُونَ أن يعيشوا على غذاء رُوحهم من المشاكِل ؟




الأشخاص الذين ينصحون الجميع وينسون أنفسهم ؟
الأشخاص الذين يتظاهرون بِالمثالية وهُم أسفل الخَلقِ ؟
أويوجد من يُعيبُ وهو كامل حقاً ؟



لابأس ، فهكذا هُم الناس ، يشتكون مِن الأحذية والعِلة بِأقدامهم ، يشتكون مِن الأرض وأنا أُجزم بأنهُم لا يعرفون المَشي .







لكن بعيداً عن كُل هذا ، لا يُوجد مزحُ في ذلك ، لا يُمكن أن يمزح شخصُ بالشكل أو بِطريقة كلام أي أحدٍ ! ليسَ نحنُ من إخترنا ما عليهِ ولا طريقة خَلقِنا ، ليسَ نحنُ من إخترنا أي شيء يخصُنا .








كُل مارأيتهُ من الناس هو الضِيق ، وجع الرأس ، قَرف ، لا يُوجد شخصُ في هذا العالم جاد ومثالي .
أو رُبما لأني لا أختلطُ بالناسِ الصَالِحين حتى بُت لا أعرفهم ولا أراهُم ...







أنا ، أنا فقط مُنزعِجةً من مُدير المُستشفى ذاكَ ، كيفَ لهُ أن يسخرَ من مَلبس تلك الفَتاة حتى وإن كانَ ليسَ جميلاً كما يقول ؟ حتى وإن كان عادياً أو رَثّا ، كيف يقول لها بأنها تبدو كالمُشردين ؟
بل وحتى كيف يعيبُ على طريقة حديثَها ؟!








لا يُمكن أن يكون الجميعَ مِثل ذوقكَ ، إذا لَم يُعجبكَ شيئاً لا يجب عليكَ أن تقولهُ ، هذا لأن لِلجميع لهُ رأيُّ يختلف عنكَ ، لا تُوجدُ مجموعةٍ كاملةٍ تتفق معكَ ولَن تجد ابداً .





والآن هل لِي أن أسال لِمَ أنت صامت ؟






- أنا يا آريس مُتناقضُ معكِ ولا أتفقُ ابداً .



- لِمَ ؟ ما الخطأُ في كلامي يا تُرى ؟!

- لا أعتقد الخطأُ موجود ، فَ بالنهايةِ أنا أنتِ آريس ، أنا صورةُ منعكسةُ منكِ ولكنني عكسكِ أرجو أن تتفهمينني .







-دعنا من ذلك .
أسَتقُل لِي لَم الجميعُ يُحدقُ بِنا هكذا ؟
قُلتُ بحاجِبين مرتفعين نسبياً .






- بكِ آريس ، سيظِنون أنكِ تتكلمين معكِ ، فهُم لا يَروني وأنتِ من المُفترض أنكِ لاتريهُم ...


- ماقصدكَ ؟



- كلامكِ على الناس الصالِحة ، ذلك ماعنيتهُ حقاً ، ف أنتِ لاترين الناس [كما قُلتِ] لكنهُم يرَوكِ .


- أنتَ تتحاذقُ معي الآن ؟؟ أتستعمِلُ كلامي ضِدي ؟




-ابداً .





- على كُلٍ حالِ ، إلى اللِقاء ، سأرحل الآن .

.
.
.
الثامِن والعشرون من يونيو ،
8:29

كُدتُ أخرج من المنزل لكن على غفلةٍ مني جرحتُ إصبعَ يدي بمِقبض الباب ،
لَم أهتم كثيراً ك عادتي ،  [سيرحل الجرحُ ما أنَ يشعُر بقلة الإهتمام حتماً] .

جئتُ إلى المكان المُخصص لوقوف الراكبين لكن إِيروين لَم يكُن هُنا .
إنتظرتُ لِفترةٍ لا بأس فيها وها هُو آتٍ من بعيد ...

حالما وصلَ هو إندفعتُ لِحُضنهُ الذي لَم أشعُر بهِ يوماً ،
وقد أبصرتُ يدهُ التي كانت ملفوفةً بِشاشٍ أبيض إستغربتُ لذلكَ ، لِذا سألتهُ مرةً واحدةً :
مابِها يدكَ إِيروين ؟ ما جرى لها ؟





- فَردّ : ولأنكِ لاتفعلين أنا سأفعل .




- ماذا تعني بأني لا أفعل ؟






- الأشياء البسيطة التي تفعليها ، الأشياء التي ترين لا قيمةَ لها ، أنا يا آريس أُعظمُها ، الأشياء التي تمَ تجاهِلُها من قِبلكِ تأخذُ حيزاً كبيراً بِي ، الأشياء التي قد لا تُعطيها أيّ أهمية أنا أعيشُ عليها !

جرحُ يديكِ البسيط أثناء غلقكِ للباب يكادُ يفتكُ بِرُوحي آريس ...









- كيف عرفتَ ؟ أعني جرحي بِمقبض الباب !







- ذلكَ لأني أنتِ آريس ! كُل ماتفعلينهُ ينعكسُ عليّ بأبشع الطُرق ، جرحُ بسيط قد يمنعُني من الإستمرار في هذه الحياة معكِ .








- أنتَ لاتنفكُ عن إرباكي ...






- أوستبقينَ على هذا الحال ؟ فَلتُعطيني يدكِ أُشفيها .

أمسكَ يدايّ بيديهِ ومُجدداً أنا لا أشعُر بهِ ... ومُجدداً يداهُ سرابُ يُحيطُ يدايّ ، أراهُم بعينيّ لكن لا وُجودَ لِملمسِهم ، إن عدم الشُعور بِها يكادُ يكُون مُحال ، مُحال أن يُوجد شخصُ لا نشعُر بِملمَسهُ ، ومُجدداً سألتهُ :

إِيروين يداكَ لِم لا أشعُر بهم ؟ أرجو أن لاتقولَ بأنك وهمُ لأني عجزتُ عن فك هذهِ الشفرة !!!




- نظر إليّ مُبتسماً ثُم قال : وكيفَ يشعُر المرءُ ب نفسهِ حينما يلمِسُها ؟



- رجفت يدايّ لِهول ما إجتاحَ تفكيري فجأةً ، أيُعتقدُ أنهُ إنعكاسي أنا ؟ أيُعتقد أنهُ مجردٌ سَراب وسَيختفي ؟!

وَهمWhere stories live. Discover now