المشهد الثاني عشر

1.6K 95 0
                                    


ما استثار أعصابي بشدة أنه لم يظهر ندمه على الإطلاق، بل يظل يختلق الحجج، والأعذار للومي فقط. لم أصبر على اتهاماته المزعومة والخسيسة ضدي، بأني من دفعته للخيانة، والبحث عن شابة أخرى تقدم له ما اعتبر أني أمنعه عنه، لذا راقت لي فكرة سحق غطرسته المغيظة بإظهار توددي الحميمي والعاصف لرجل غيره، وكأن أمره لم يعنني يومًا، فلو كانت هناك شعرة من الود قائمة بيننا فإن ما أنتوي فعله قادرًا على قطع أي روابط للأبد.

لهذا دون تفكيرٍ التففت نحو "لوكاس"، رفعت رأسي إليه، وقمت بتقبيله في جراءةٍ غير معهودة مني، بدوت بأسلوبي المتهور والمملوء بالإغواء أني أعشقه حتى النخاع، لدهشتي لم يقاوم الأخير فعلتي الجامحة، بل بادلني نفس النهم والشغف، وكأنه كان يتوق لتجربة ذلك بتحرقٍ.

وقتئذ شعرت بجسدي يتجاوب مع جرعة الأحاسيس القوية التي اجتاحته، بل ويُطالب بالمزيد ليروي ظمأه ويطفئ لهيب النيران المستعرة به. الطريقة التي كنا نتفاعل بها معًا أوحت –وبشدة- بأننا على انسجام كبير وتناغم خطير، لذا من الطبيعي أن يظن من يتطلع إلينا في هذه اللحظات الفارقة أننا على علاقة وطيدة، تربطنا أواصل العشق، وأن مشاعرنا ليست وليدة اللحظة. كنت على علمٍ بأن الحال لن يعود كما كان بعد هذه الوصلة من القبلات الشبقة.

كان من السهل خداع "ماثيو" لذلك أنهى المكالمة وهو في أوج حنقه وغيظه. توقفت عن تقبيل "لوكاس"، ودفعته من صدره لأنهض عنه، وأنا لا أصدق ما فعلته للتو، استعدت هاتفي منه، وأوليته ظهري لأتوارى عن نظراته التي حتمًا أصبحت مرتكزة علي الآن. بعدما التقطت أنفاسي، قلت في صوتٍ جاهدت أن يكون ثابتًا وجافًا:

-افتح الباب، أريد الذهاب الآن.

بدا صوته متباهيًا –ومبطنًا بالسخرية- وهو يخبرني:

-دون أن تضمدي جراحي؟

أغمضت عيني للحظةٍ، وخاطبته في نبرة جادة:

-اعتبر ما قمت به ضمادتك.

علق في نشوة عارمة شعرت بها:

-لن أمانع...

سمعت وقع أقدامه وهي تتحرك، فأدرت رأسي ببطءٍ حذر لأنظر إليه، وجدته يسير نحو الباب ليفتحه وهو يدندن بنفس اللحن المبتهج. أسرعت في خطاي لأهرب منه؛ لكنه استوقفني بالإمساك بي من ذراعي، ارتجفت بقوةٍ، وتحاشيت النظر تجاهه؛ لكن حرارة أنفاسه اللاهثة لطمت وجنتي وهو يخاطبني عن قربٍ، في لهجة لم أعرف إن كانت تهكمًا أم غير ذلك:

-سأتطلع للمزيد.

استللت ذراعي من أسفل قبضته، وخرجت من الغرفة أركض بعيدًا عن محيطه، وهذا الشعور العميق بالندم قد بدأ يغمرني.


يتبع >>>>>

المشاكسة المتمردة - ملحق غير قابل للحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن