كلما كنت اقترب الى الارض لارتطم عليها ، كنت اشعر انني اغرق داخل محيط ليس له ساحل ، و اختناقي كان يزداد الى ان فقدت الوعي ...
فتحت عيناي لاجد نفسي وسط غرفة صغيرة جدرانها بيضاء اللون ، كنت مستلقية على فراش يتوسط الغرفة ؛ جلست لاستوعب ما يحدث ، لكنني لم اكن قادرة على التفكير ؛ كان رأسي يؤلمني كثيرا ، و كنت اسمع وشوشة في اذناي ، هناك من ينادي ظلام ، و هناك من يتحدث معي قائلا " لما عدتِ؟" ... نهضت من مكاني لانظر الى مرآة كانت معلقة في احد الجدران ... لم يكن هناك جرحا على رأسي او حتى خدش بسيط على وجهي ! كيف نجوت و انا قد سقطت من ذلك العلو ... لشدة التفكير لم افهم ما كان يحدث ، و لشدة الألم فقدت الوعي مجددا ...
- ليلى ، ليلى !
من هي ليلى ؟ كان يلمس وجهي لايقاظي ، لكن لما يناديني بليلى ؟ لم تكن ملامحه واضحة في الاول لانني لم اكن قد استرجعت وعي تماما ... حملني و وضعني على الفراش .
- ليلى هل انت بخير ؟
وضحت الصورة الآن ، انه سامر ...
- انت ؟ ماذا تفعل هنا ؟
- انا طبيبك يا ليلى ، طبيب الامراض النفسية ، انا سامر ...
- طبيبي ؟ من هي ليلى ؟ ما كل هذه الخرافات هل تمثل من جديد ؟
- انا طبيبك حقا ، انسي كل شيء الآن انا احتاج لاخذ جواب منك ... من انت ؟
- انا ؟ انا....
اشتد الألم و لم اعد قادرة على التركيز ، هناك من يصرخ في اذني ، انت ظلام ، انت خالد ، انت فردوس ، انت سواد ... الكثير من الوشوشة و الكثير من الافكار و لم اكن قادرة على التركيز ابدا !
- لا اعلم حقا من انا ، لكن شيئا بداخلي يخبرني انني ليلى ! من هي ليلى ؟ ااااااااه رأسي ، انهم يصرخون !
- حسنا ، اهدئي الآن ساعطيك دواءا لتخفيف آلامك لكنني بحاجة للتحدث اليك ، فقد عدت يا ليلى لاول مرة بعد 12 عاما ...
- انا لا افهم شيئا ، فقط اوقف هذه الآلام رجاءا ...
-حسنا ...
اعطاني حبة الدواء ، لكن ما كنت اذكره مختلف عما كتبته في الصفحات السابقة ؛ و كأن ما حدث كان خيالا ... بعد ان خف الألم سألته :
- 12 عاما ؟ هل كنت في غيبوبة ؟
- لا أبدا ؛ مرضك ليس مرضا جسديا بل مرض تكون على اثر صدمة طفولة ... انت مصابة بانفصام الشخصية يا ليلى ، اي اضطراب تعدد الشخصيات او اضطراب الهوية التفارقي ...
- اية صدمة ؟
- حسنا بشأن الصدمة ؛ يجب ان نتأكد من استقرارك على شخصيتك الأساسية ثم سنبدأ باخبارك عن الصدمة وفقا لتطور العلاج ...
- من هي الشخصيات التي تعيش بداخلي ؟
- بالنسبة لك كليلى فآخر مرة كنت فيها على طبيعتك كانت منذ 12 سنة ؛ و انت تبلغين الآن 24 سنة ، اي ان عمر ليلى العقلي هو 12 سنة ... الا اذا كنت تذكرين ما حدث مع الشخصيات الأخرى ؛ هذا يجعلك قادرة على فهم ما يحدث كانسان بالغ .
- انا اتذكر ما كان يحدث و لكنني لست قادرة على فهم كيفية حدوثه ؛ ان اخبرتني عن عدد الهويات الموجودة بداخلي يمكن ان افهم اكثر ...
- انت يا ليلى اصعب حالة مرت علينا في هذا المشفى ، حقيقتك هي ليلى ؛ لكنك خاضعة لسيطرة كاملة من اربع هويات اخرى ، ما عليك فهمه هي ان كل شخصية لها اسم و سن و تاريخ مختلف عن الأخرى ؛ حتى الجنس يختلف .
- هل قابلت كل هذه الشخصيات ؟
- نعم ، احدثها هي هوية سواد ؛ و اظن ان له الفضل في عودتك مجددا ، و قد ظهر مباشرة بعد استلامي لحالتك ، فقد كان طبيبا آخرا مسؤولا عليك قبل قدومي منذ شهر من الآن ... هل تذكرين الشخصيات الأخرى ؟
- انها تهمس داخل عقلي ، ظلام ، سواد ، خالد ، و فردوس ... كلهم يريدون رحيلي .
- جيد ، هذا يعتبر تطورا .
- اريد معرفة سبب ظهورهم ...
- يصعب علي اخبارك بالحقيقة الآن ، لا يجب علينا الاسراع لجعلك تتذكرين ما حصل في الماضي لان هذا يمكن ان يشكل هوية جديدة ؛ او يمكن ان يوقظ احد الهويات الأربع.
- اذا اخبرني عن كل هوية من فضلك يا سامر .
- حسب فهمي ، هناك ما يربطني بك من الماضي ؛ هذا جعل كل الشخصيات تتأثر بعد ظهوري ، اهم شيء يجب عليك استيعابه هو ان كل الشخصيات تعرف ماضيك اشد معرفة ؛ و خوفها عليك يدفعها لاخفاء هذا الماضي عنك ، لان تلك الصدمة هي ما جعلتهم يتكونون ... حتى ان كل شخصية عملت بجد على اخفائك و صنعت كل تلك الهويات قصة متكاملة ، لكن عودتي الى حياتك و ظهور سواد جعلك تعانيني من بعض الاضطرابات التي ايقضتك يا ليلى .
- ما الذي يربطني بك من الماضي ؟ و كيف نجوت من ذلك السقوط حين كنت تدفعني او حين كان سواد يدفعني ؟
- لا تسأليني عن الماضي الآن ، لكنني لم ادفعك ... انا استوعب للتو ان سواد اختار شكلي ليتحكم بذكرياتك ... اما عن السقوط فانت لم تسقطي من اي ارتفاع بل كنت واقفة على حافة السرير عندما دخلت ثم سقطت على الأرض ، و بعدها حملتك الى الفراش ، ثم بعد عودتي مجددا الى غرفتك وجدتك مستلقية على الارض بالقرب من المرآة ، و تواجدك امام المرآة كان كافيا لجعلي افهم ان ليلى قد عادت ! لان الهويات الاخرى لم تكن تقترب من تلك المرآة ابدا ؛ كانت تخشى ان شكلك سيذكرك بالماضي ...
- كل هذا صادم ! لكن اليست لدي عائلة ؟
- هذا له علاقة بصدمة الماضي ... لقد تحدثنا كثيرا ، لا يجب علي ان ارهقك ، ساعطيك منوما الآن لترتاحي و لنكمل حديثنا يوم غذ .
- انتظر يا سامر ، اية شخصية قد اعترفت لك بحبها ؟ على الرغم من ان سواد استغل شكلك لكنني استطيع فهم انك كنت حقيقيا في بعض الحظات ...
- كانت تلك ظلام ... لكنني لم اصدقها لذلك لا تقلقي ، ارتاحي الآن و سنتحدث بعد استيقاظك ، لا تقلقي سأظل الى جانبك .
معرفتي لكل هذا كانت مؤلمة ، و ما خفف ألمي هو حقيقة ان سامر هو الشخص الحقيقي الوحيد التي استطعت تذكره ، على الرغم من ان الشخصيات الاخرى هي التي قابلته و احبته ، لكننا نتشارك نفس الجسد و القلب ، و قلبي امتلكه سامر ...
بعد استيقاظي وجدت سامر جالس على كرسي بجانبي ؛ كان يمسك ورقة ، اخذتها منه ببطأ و قرأت ما كتب عليها :
" ظلام : هي اول شخصية تكونت بعد الصدمة ، و هي الاقرب الى ليلى ، انها اكثر شخصية تتذكر الماضي .
فردوس : هذا اسم شخص كنت تحبينه في الماضي ، و تمثل مشاعر الحنان و العطف .
خالد : الشخصية الأسوأ، تمثل الحقد و الكراهية ، و هي مرتبطة بالشخص الذي سبب الصدمة .
سواد : الخوف ، هوية تشكلت بسبب خوف ليلى الداخلي من خسارة شخص تهتم به و تحبه ، و هذا الشخص هو انا سامر ؛ و الذي تشاركت معه بعض الذكريات منذ 14 سنة من الآن "
ماذا حدث منذ 12 عاما من الآن ؟ هذا ما اردت معرفته ...
أنت تقرأ
ظلام
Mystery / Thrillerهل تثق بالجميع ؟ امك ، ابوك ؟ شريكك ؟ الجميع حقا ؟ حتى ظلك ؟ اقرأ قصتي اذا ... ستفقدك الثقة في اختياراتك ايضا ... هل ستقرأها حقا ؟ لقد حذرتك ... استمر اذا ... ربما تستمتع باكتشاف حياتي المظلمة ... او ربما تكون انت الضحية القادمة ! ضحية لاكبر...