بعد ما حدث في تلك الغرفة الرثة المغبرة ، كنت قد فقدت الوعي من شدة الآلام التي كادت تفجر رأسي ...
فتحت عيناي في اليوم الموالي ، كانت الرؤية ضبابية في البداية ، كان مجرد خيال يقف امامي ، و كان اسمي يتردد من فمه و انا اسمعه و كأنني داخل بئر .. كلما مرت الدقائق كلما وضحت الصورة اكثر و اكثر ، كان هو الذي يقف و هالاته اشتدت سوادا من قلة النوم ، وجهه شاحب و كأن الخوف احتل قلبه ، يلمس وجهي بيديه ليطمئن على صحتي ... كان ذلك سامر ، عائلتي الوحيدة التي بقيت منذ طفولتي البائسة ..
فتحت عيناي هذه المرة لكنني كنت مختلفة ، كنت ليلى و لست شخصا آخرا ؛ ليلى التي عاشت صدمتها مجددا حتى و ان كانت مجرد ذكرى سوداء عبرت ذاكرتها امس ، لكنها عاشتها بنفس الألم و الصدمة ، لكن هذه المرة استطاعت ان تبكي و تصرخ و تدمر الجدران التي أحاطت عقلها منذ سنوات مضت ... كنت قادرة على استيعاب ما حصل و على تقبل الحقيقة المحطمة ، حتى و ان كانت قاسية لكنني استطعت التحمل لانه كان الى جانبي ، كان سامر الى جانبي عندما كنت اتمزق من آلام رأسي ، كان موجودا ليمسح دموعي و ليربت على ظهري ، طالبا مني الصراخ ، لاخرج كل الآثار التي تركتها تلك الحادثة بداخلي و لاحذف كل تلك الهويات التي كانت عائقا لذكرياتي التي حبست لمدة 12 عاما داخل الزنزانة رقم 12 ...
زنزانة ذكرياتي ، افكاري ، و احلامي التي لم احققها بسبب ليلة سوداء تعاش داخل جحيم العنف الاسري ، الاغتصاب ،التهديد و القتل...لم يكن عقلي هو السجن الوحيد الذي اشتغل طوال تلك السنوات ، فسجن واقعي و هو السجن المدني للمدينة التي كنت اعالج فيها و التي عشت فيها طفولتي ايضا ، كان يخبئ في جحره ذلك الوحش ذو المخالب التي دمرت حياتي ... و يا لسخافة القدر ، انه كان يقطن داخل الزنزانة رقم 12 ...
يمكنني ان اقول ان تلك الزنزانة كانت تعانق كابوسي بين يديها ، و كم كنت اتمنى ان يتعفن بداخلها و يتعذب عذابا لم يتذوق مثله احد في هذه الدنيا ، كم وددت مشاهدته يعدم امامي طعنا بسكين حاف يمزق جسده النجس ... لكن القانون الظالم كان له رأي آخر بمنحه عقوبة هي الابسط لمجرم مثله ، حكم عليه ب 12 عاما من السجن بحجة انه كان سكرانا ...
قالت ام سامر انها قد حضرت حينها لمحاكمته و شعرت بالغثيان حينما رأته يبكي و يمثل الندم ... و فهمت بعد تذكري كل ما حصل ان امي كانت تحب مختلا عقليا تلاعب بها كما كان يريد و استغلها كما استغل والدي و تخلص منه بعد ما اخذ منه ما كان يريد ... كان سيفعل نفس الشيء لو لم تحضر الشرطة في الوقت المناسب ! ربما ما كنت لاكتب كل هذه الاسطر ، ربما كنت لاكون جثة ممزقتة بالسكين مدفونة تحت التراب و لم يبقى منها سوى العضام التي وصل اليها الدود لاكلها ... لكنني نجوت و هذا كاف لاستمر في العيش حتى و ان اضطررت لتخطي كل تلك الندوب التي تملئ روحي ، و حتى جسدي ...
أنت تقرأ
ظلام
Misterio / Suspensoهل تثق بالجميع ؟ امك ، ابوك ؟ شريكك ؟ الجميع حقا ؟ حتى ظلك ؟ اقرأ قصتي اذا ... ستفقدك الثقة في اختياراتك ايضا ... هل ستقرأها حقا ؟ لقد حذرتك ... استمر اذا ... ربما تستمتع باكتشاف حياتي المظلمة ... او ربما تكون انت الضحية القادمة ! ضحية لاكبر...