_ الدكتور مهجور الرحمة مصومني لحد دلوقتي، بس أنا جعانة!
تفوهت بها وهي مستلقية أعلىٰ الفراش متشحة باللون الأزرق بزيها واضعة يدها المتصلة بالمحلول أعلىٰ بطنها والتذمر يطغوها مِن كل مكان.
_ الدكتور مهجور الرحمة بيقولك متضحكيش عليه علشان فيه جردل مليان يعبر عن إنك كَلتِ قبل العملية.
نظرت له بشرارٍ يُطلقُ مِن عينيها، زامة شفتيها بحنقٍ مِن وجوده المفاجئ، مرددة بخفوت نسبي:
_ جبنا في سيرة القط طلع ينط.
وصل لمسامعه قولها ليثبت عيناه علىٰ حدقتيها وإن كانت تلتمع مستعدة للإفتراس في هذه الفنية، وليزداد "الطين بلة" مع لمسة "شذىٰ" بقولها:
_ هو بس يا دوبك شوية فتة وكوارع يرموا عضمها دي كانت داخلة علىٰ عمليات يعني، مش هسيبها كده مِن غير حاجة تقوتها الله!
هز رأسه بيأسٍ مِن تلك الحالة محاولًا مجاراة حديثها مع صوت قهقهته الخافت:
_ لا غلِبونا إحنا عادي، أنا لو كنت أعرف إن الحوار فيه فتة وكوارع كنا نأجل العملية خالص.
التفت إليه بحدة وكأنها أمسكته بالجرم أخيرًا متحدثة بسرعة شديدة:
_ يعني العملية كان ممكن تتأجل، أومال ليه السربعة بقىٰ هه؟ ولا لازم دلوقتي يا أستاذة "سماح"، ساعتين وهتنفجر يا أستاذة "سماح"، دي ملتهبة يا أستاذة "سماح"، الموضوع كان يمشي بأدوية وخلاص، كل الدكاترة كده...
قاطعها والدهشة تلحفه مِن سرعتها بالحديث وإسترسال إتهامها -المحفز للضحك-، يكاد يُجزم أنها قادرة علىٰ غرز الإبرة بعنقه لولا غرزها بيديها الآن!
ظل يحمد ربه علىٰ تخليه عن تخصص الأمراض النفسية؛ ليُلاقي بؤرة للجنون بأم عينيه!_ لو كنت هاخد نصيب في الفتة والكوارع مكانش عندي مانع أسيب الزايدة تنفجر جواكِ أصل من الواضح مش هي الوحيدة اللي كانت هتنفجر، في حاجة تانية قابلة للإنفجار في وشي حاليًا.
هدوءه يصيبها بمقتل، تبًا له بعدد تماسكها لإطلاق السباب بوجهه عنان السماء
مختل!
تقسم بذلك، تلك الإبتسامة الصفراء لا تفلح سوىٰ بأوج رغبة نزع فمه عن وجهه في لحظة خاطفة!_ عمومًا حمد لله علىٰ السلامة يا أستاذة "سماح" هتقضي الليلة هنا بإذن الله وبكرة علىٰ الضهر هعدي عليكِ ولو الدنيا تمام وخرجتي ريح بكرة هتخرجي إن شاء الله، الأكل مش دلوقتي بكرة هتاخدي سوايل دافية الصبح وتتمشي في الطرقة شوية، وحمد لله علىٰ سلامتك مرة تانية يا أستاذة "سماح".
شدد في نهاية حديثه علىٰ تلك الكلمة التي تجعل وجهها مشدودًا وكأنها أمام قطعة من السمك المتعفن!
فيلتمس إبتسامة صادقة علىٰ وجهه أثر إظهار غيظها!
أنت تقرأ
إعادة تأهيل
Kurzgeschichtenورُغمًا عني وقعتُ بوصمة عارٍ بالنسبة للمجتمع وإطلاق الحرية بعد موت السجان بالنسبة ليّ!