عندما كنت صغيرة شعرت كأني أميرة، شعرت كأن العالم ملزوم بتنفيذ رغباتي، عندما أحزن أجد ما يسعدني، عندما أبكي أجد أن دموعي مبالغ فيها،لأن حزني في وقتها كأن لا شيء، كنت أبكي على دمية محطمة أو تسريحة شعر لا تعجبني، كانت أمي صابرة وكان والدي حاضر، كل ذلك أختفى بعدها
الآن أنا لست سوى فتاة عابرة، لست أميرة أو شاعرة، حزني هو لا شيء، غايتي هي لا شيء، ما يبكيني الآن هي ذكرك ماضيه،
هي ذكرى لتلك الليلة الماطرة، كنت في العاشرة وكانت أمي نائمة، استيقظت ونزلت الأدراج للبحث عن والدي الذي لم أجده في غرفته،
وهنا شاهدته يمشي مسرعاً يريد الخروج
سألته : إلى أين أنت ذاهب يا أبي؟ولكنه لم يجب، خرج من الباب الأمامي غير مهتم، تبعته وفتحت الباب، شاهدته يمشي والمطر يسقط على معطفه وصوت الرعد يضرب مسامعي
صرخت بعدها أنادي خائفة :
المطر غزير، والوقت خطير، إلى أين ستذهب؟!توقف بعدها والتفت لي، ما رأيته هو شيء لم يسبق لي رؤيته،
نظر لي بجانبه الأيسر، حزيناً عابساً، كأنه أراد قول شيئاً ولكن لا يقدرقلت أخيراً ولا أعرف لماذا قلتها، نزلت دموعي وأنا لا أعرف لمَ :
خذني معك.. لا تتركني لوحدي يا والديسمعت في لحظتها صوت الرعد مجدداً، ومن بعدها أمضى في طريقه وركب سيارته، تقدمت مسرعة أريد الذهاب معه ولكنه أنطلق ولم ينظر للوراء أبداً،
وقفت في وسط الشارع والليل يحكي لي أن أضيق وأحزن
والليل يقول لي أنا سوف أبكي معكِ، اجعلي المطر يؤكد قولي.الآن بعد مضي ثمان سنوات، لم يتبقى من ذكره إلا هذه الرسالة التي ترك واحدة لي وواحدة لأمي، لم أفتحها ولم أفكر أبداً أن أفتحها منذ رحيله
ولا أظن أبداً أنني سأفعل ذلك، لدي الآن أولويات قصوى، وسوف أتخرج
في هذا العام، لذلك لماذا أعطي قيمة للذي لم يعطي لزوجته وأبنته قيمةتركنا ورحل، ولهذا أنا سأترك ذكراه وأرحل بعيداً عنها،
تقبلت العيش بدونه، ولا أريد أن أعود إلى البئر الذي حبسني مجدداً.
YOU ARE READING
رسالة إليكِ
Romanceيختفي والد الفتاة (راحلة) في يوماً من الأيام الماطرة، ليترك ورائه رسالة واحدة، لم تقدر أبنته على فتحها منذ سنين، لتكبر ولا تعرف حقاً ما بداخلها