النبيُّ إِبراهِيم «عليه السلام»

64 27 42
                                    

قصة إبراهيم عليه السَّلام هيَ أطولُ قصَّةٍ قرآنية بعدَ قصةِ سيِّدنا موسى عليهِ السَّلام، ومساحتُها تزيدُ على الجزء، وآياتها نزلت مبكرةً في المرحلة، واستمرَّ نزولها حتَّى أواخِر المرحلة المدنية، وهذا يعني أنَّ قصّةَ إبراهيم الّتي أخذت هذهِ المساحة الكبيرة في القرآنِ الكريم، وأخذت هذهِ المُدّة في نزولِ الوحي لها دور كبير في تحقيق أهداف القرآن الكريم ومقاصِدِه.

لقدْ بعثَ اللهُ تعالى إبراهيم -عليه السّلام- إلى قومهِ في العراق، وكانوا يعبدونْ الأصنام، والكواكب، وغيرها من الأشياء التي لا تُفيد عابِدها، وقدْ كانَ والدُ إبراهيم -عليه السّلام- يصنعُ الأصنام للقوم؛ لكي يعبدوها، وفي أحد الأيَّام بعثَ والدُ إبراهيم إبراهيمَ حتّى يبيعَ للنَّاس صنمًا مِنْ الأصنام التي صنعها؛ فصارَ يُنادي ويقول مَنْ يشتري صنمًا لا يضرهُ ولا ينفعه، وكانَ دائمًا ما ينصح قومه ويقول لهُم ما هذهِ الأصنام الّتي تعبدونها؟
وكيفَ تستطِيعون أنْ تعبدوا أشياءً أنتم تصنعونها، وتنحتونها مِن الحَجرِ والخشب؟
وكانَ يدعوهم ليلًا ونهارًا إلى عِبادة الله وحده.

وأما والدُ إبراهيم -عليه السّلام- كان مِن العابدين للأصنام، وكان إبراهيم كثيرًا ما يدعو والدهُ ويقول:
"لهُ يا أبتِ آمن بالله، ولا تكُن مِن أتباع الشَّيطان الّذي يُضِلُّ الإنسان، ويوسوسُ له حتى يُشركَ باللهِ، ويرتكبُ المعاصي، ودائمًا ما يُحدّث والده بالإيمان وهو يتودّد لوالده بالكلام الحسَن، ولكنَّ والدهُ لم يكُن يستمعُ له ويقسو عليهِ بالكلام؛ فيحزْن إبراهيم لأنَّ والده لا يُريدُ توحيدَ الله.

صارَ القوم يستهزِئون بإبراهيم -عليه السلام- ويقولون له هلْ فعلًا أنتَ نبيّ، أم أنَّك تمزحُ معنا؟
ويُطلقون الضحكات بيْن بعضهم بعضًا، وإبراهيم يصبِر على أذاهم ويدعُوهم إلى عبادةِ الله الواحِد، ولكن ما مِن مُجيب، وفي يومٍ مِن الأيَّام أرادَ القوم أنْ يخرجوا مِن المدينة إلى عيدٍ مِن أعيادهم؛ فخرجَ كلّ النَّاس ما عدا إبراهيم بقي فِي المدينة، وقال إبراهيم عندما تخرجونَ مِن المدينة سأكيد للأصنام حتّى تعرفوا أنَّها لا تقدَر على شيء.

ولمَّا خرجَ القوم إلى ذلكَ العيد، ذهبَ إبراهيم -عليه السلام- إلى المعبد الّذي فيهِ الأصنام الّتي يعبدونها، وحطَّم جميعُ الأصنام ما عدا الصَّنم الكبير، تركهُ وعلَّقَ الفأس الّتي حطم بها الأصنام في رقبته، فلمَّا جاءَ القوم ورأوا الأصنام جُنَّ جنونهم وقالوا: مَن فعلَ هذا بآلهتنا؟!
وغضبوا غضبًا شديدًا؛ فقال أحدهم:
"لقد سمِعتُ إبراهيم قبْل أن نذهب إلى العيد يقول إنَّه سيُلحق الأذى بهم"
ولمَّا جاءوا بإبراهيم قالوا له:
"هلْ أنتَ من حطَّمت هذه الأصنام يا إبراهيم؟"
فقال لهم:
"بل الذي حطَّم الأصنام الصغيرة هو هذا الصنم الكبير، وإن أردتم معرفة الحقيقة تستطيعون سؤاله إن استطاع أن يُجيبكم."

ألم يأنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن