كسرُ الخاطرِ مؤْلِـمٌ للغايةِ ، و خاصّةً إن كَـان
منْ أقرب النّاسِ إليكَ .مَـا نبستْ بهِ والدتِي أطفأَ شعلةً بخافقي .
ربّما شعلة الحماس لمقابلتها و البقاء معها .إبتسمتُ بإرتباك و قد جحضت عدستايَ .
هِي تريدُ منِّي الذهاب . لمَ لا تُلِحُّ عليَّ
بالمكوثِ قليلا و حسب !حتّى بالكذب ، سأبتهجُ لذلكَ حقّا .
لا بأسَ معِي ، رُبّما هي ستنزَعجُ مِن قربي لها .لكِنِّي إبنتُها بِحقٍّ !
لوهلةٍ ، أحسستُ بخيطٍ طويلٍ
ساخِنٍ ينزِلُ منْ جوهرتاي .اللّعنةُ ، لا أريد إضهار صورتي هذهِ لها .
هي لا يمكنُها جرحي ! لا يُمكِنُ لأحدٍ كسري .أنا أبكِي لسببٍ مجهولٍ فقطْ . نعم ، لأنّني
لم أصرخُ حتّى . دموعي سالت بطريقةٍ هادئةٍ
و مُريحةٍ خلَّفتْ إثرها إحمِرارًا طفيفًا
بأنفي و بِبياضِ عيناي .سكَنتْ الغرفةُ ،لا يسمعُ سِوي صوتُ تَنفُّسنا
و خاصّةً خاصتي المضطرِب .قرَّرتُ أخيرًا التكلم . رفعتُ عسليّتاي
اللّامِعتانِ و خاطبتُها بتعبٍ :- ألمْ تشتَاقِي لِي !؟
رمقتنني بنضراتٍ مُرهَقةٍ هي الأخرى ثمّ
تكلّمت بنبرةٍ مُتحصِّرة :- بُنَيَّتي ، كيفَ لكِ أن تشُـكِّي بأمرٍ كهذا ؟
الرّبُّ وحدَهُ يعلمُ مِقدارَ شوقي لكِ .أضفتُ بِبسمةٍ باهتة مع مسحي لدُموعي :
- إذنْ لماذَا تريدين مِنِّي الذهاب ؟!
لقد ضحيْتُ بدراستي و مُستقبلي
و طفولتي و بروحي فِداءَ
رِضيانِكِ .لَكِنّكِ تقذِفينني بعيدًا بدونِ سبب وجيهٍ .
مِنَ المُستحيلِ ان أكون لقيطةً أو
شيئًا مِن هذا القبيل !مِقدارُ الشبهِ بيننا يَصْرُخُ بِٱرتباطنا دَمًا .
قاطعتني بصرخةٍ خافتةٍ مِن فاهِها :
- لِذلكَ أرغبُ بإبعادِكْ .
ضَيَّقتُ عينايَ مِن ما بصقتْ بِه بلهجةٍ
غيرِ مفهومة .- لَمْ أفهمكِ .
إستغربتُ وضْعهَا ليدها على فَمِها .لكنْ فعلتها
ليست سوى لكي ترغمَ عيناها على عدم
ذرفِ الدموعِ .