02:غيابات القدر

856 47 62
                                    

رتب الشاب جلبابه ذا اللون الأزرق الداكن ثم  ارتدى بلغته بخفة ليتسنى له استقبال زائرة كان قد علم هويتها سلفا .

من غيرها ؟ والدته 'لالة رقية' .

نزل سلالم الكتاب بينما ألقى سلامه على العمال المارين ، كان الكتاب في عملية تجديد غير ان هذا لم يوقف الحَفَظَة، بل زادهم تنافسا على من سَيُكَرَّمُ حاملا للقرآن يوم الافتتاح .

اتجه ناحية قاعة الانتظار و التي  كانت عبارة عن دفيئة زجاجية أحاطت بها المزروعات من زهور وورود وشتلات  بينما توسطتها طاولة دائرية الشكل وضع عليها 'براد'  ، ابريق الشاي مغربي ، مع حلويات جوز ولوز وتمر  .

كانت لالة رقية تتنغم بذاك الكأس بينما تتذوق قطعة من حلوى اللوز ،و التي كانت ثاني قطعة لها .و عندما لمحت يوسف الذي ابتسم لعفويتها تلك ، اعادت وضع كأسها في مكانه . .

كانت المرأة امامه تبلغ من العمر سبعا وأربعين سنة ،  على عتبة الخمسين ،  إلا ان روحها عشرينية الهوى لم تذبل قط .

" لالة رقية !  ما سبب زيارتك لنا اليوم دون إعلامنا؟"
تحدث يوسف بينما ضم يديه .

" لالة رقية؟ " رفعت المرأة حاجبها الاسير  "..ويحك يا ولد اين ذهبت مكارم اخلاقك ! .. الست والدتك ؟ ام اني لم اكن الا عاملا لتوصيلك لهذه الحياة "
عبست رقية متظاهرة بعد ذلك بمسح بضع دمعات زائفة .

"حشاك عن هذا يا اماه "  انحنى الشاب ماسكا راسها ليقبله و يديها

"اذا ما سر قدومك من المغرب  لهولندا دون إعلامنا؟"

" لي عندك حاجة يا بني! " اختفت النبرة المازحة من على كلماتها واشتد الجد في الحديث .

جلس يوسف على المقعد المقابل لوالدته وسكب كاسا من الشاي لنفسه ليتسنى له منحها كل ذرة تركيز .

كان الشاي بالنسبة له كجرعة ممنوعات لا غنى له عنها تعدل مزاجه وتحسن منه .

اخدت والدته نفسا عميقا ثم تحدثت

" لقد توفي هشام قبل نصف سنة .. " توقفت قليلا و كانها لا تزال غير مصدقة لذلك " ..و  ترك خلفه فتاة عشرينية  ، بات لقب الارملة لسيقا لها في ذلك المجتمع ، انت تعلم ان ذاك اللقب اقرب لوسمة عار ، اصبحت تكنى بالارملة العشرينية.. "

ازاحت نظرها الى الساعة أمامها لكنها لم تتوقف

" كنت انا من خطبها لهاشم .. هي ما كانت تريد زواجا الا انني اصررت على وقوع الرؤية الشرعية والخطبة الأولية.. "  كتمت المرأة غصة في حلقها عند تذكرها لابنها وفرحته التي شاء الخالق ألا تتم .

أُظْفُرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرْبَتْ يَدَاكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن