*بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم *
-
--
-
-----*-----*-----*----
وسط الهدوء الحذر الذي تعزف على أوتاره أجهزة النبض والتنفس وتلعب على نسماته رائحة المطهر المسكِرة ، تجلس " ليساء" بمحاذاة زجاج حجرة العناية المركزة ودموعها تصقل زرقاوتيها وتسيل في هدوء شديد على وجنتيها الزهريتين ، كانت تناظر في صمت أليم تروي قصته عبراتها عبر ذلك الزجاج الغليظ ؛ وراءه تستلقي تلك العظيمة في غيبوبة موحشة ، منظر الأنابيب التي تخترق كل نقطة في جسدها توحي بأرواح الموت التي تجوب الحجرة ، وجسدها الهامد الذي يهتز بخفة متنفسا آخر رمق من هذه الحياة يزيد رعشة الرعب في القلب ؛ ذلك اللون الأخضر الذي يطلي المكان صار مخيفا ، بات من أدهى علامات الرحيل والفراق !
" عاجزة .. هذا العالم القاسي جرعني مرارة العجز الأليم ، توقف كل شيء أمام عيني تماما كما تتعطل عقارب الساعة عن الدوران ، لا أستطيع العودة للوراء ، ولا أقدر على الإستمرار والكفاح ، رغبتي تستعر في جوفي ، لكن كل أسلحتي مفقودة ..الموت يطاردها من كل صوب وكفوفي مصفدة ، تماما كالذي يشاهد نهايته تقترب وهو مقطوع الأطراف لا يحرك ساكنا ولا يغير قدرا "
كانت نفسها تؤنبها في ضجيج وسط هدوء المشفى وفجأة تدخل الطبيبة فتهرع إليها
"ليساء" في حرص ناظرة منها حرف طمأنينة لكن الطبيبة تقول بوجه يائس :- هناك أمل كبير في تحسنها ...لكني لا أنكر أن حالها تتدهور ..ربما قد تحتاج لعملية إنقاذية في أية لحظة ..تطور المرض في تزايد رهيب !
تلقت الخبر كالسهم الحاد الذي انغرس بعنف في سويداء قلبها المفطور ليحيي النزيف المتجمد ، ما كان سيشرق في أية لحظة بات مقدرا له الأفول الأبدي !
هوت أرضا وهي تتجرع غصة عذابها المعتم وتبتلعه في أغوار جوفها الحار ، كانت الجرعات الشائكة تنزل كأحجار الجبل الثقيلة وتمزق معها كل صحيح ..حتى إذا امتلأت أثقلت وهوت في عجز أبدي عن الوقوف ثانية !
أنت تقرأ
ليس وكأنك تعرف
Short Storyهل يمكن أن يولد الحب من حطام الكراهية والعنصرية ؟ هل من الوارد أن تتحول الضغينة إلى ولاء ؟ الوحدة التي تعيشها " ليساء " في نيوزيلندا أجبرتها على تجرع مرارة الكفاح ، حتى يأتي ذلك الشاب ويزيد أيامها مرارة ووجعا مالذي سيجعل ذلك الشاب أخيرا يقدم تضحية م...