(3)---صقيع قلب---

86 20 13
                                    

*بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم *

-
-

-
-
-

----*-----*-----*----

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

----*-----*-----*----

وسط الهدوء الحذر الذي تعزف على أوتاره أجهزة النبض والتنفس وتلعب على نسماته رائحة المطهر المسكِرة ، تجلس " ليساء" بمحاذاة زجاج حجرة العناية المركزة ودموعها تصقل زرقاوتيها وتسيل في هدوء شديد على وجنتيها الزهريتين ، كانت تناظر في صمت أليم تروي قصته عبراتها عبر ذلك الزجاج الغليظ ؛ وراءه تستلقي تلك العظيمة في غيبوبة موحشة ، منظر الأنابيب التي تخترق كل نقطة في جسدها توحي بأرواح الموت التي تجوب الحجرة ، وجسدها الهامد الذي يهتز بخفة متنفسا آخر رمق من هذه الحياة يزيد رعشة الرعب في القلب ؛ ذلك اللون الأخضر الذي يطلي المكان صار مخيفا ، بات من أدهى علامات الرحيل والفراق !

" عاجزة .. هذا العالم القاسي جرعني مرارة العجز الأليم ، توقف كل شيء أمام عيني تماما كما تتعطل عقارب الساعة عن الدوران ، لا أستطيع العودة للوراء ، ولا أقدر على الإستمرار والكفاح ، رغبتي تستعر في جوفي ، لكن كل أسلحتي مفقودة ..الموت يطاردها من كل صوب وكفوفي مصفدة ، تماما كالذي يشاهد نهايته تقترب وهو مقطوع الأطراف لا يحرك ساكنا ولا يغير قدرا "

كانت نفسها تؤنبها في ضجيج وسط هدوء المشفى وفجأة تدخل الطبيبة فتهرع إليها
"ليساء" في حرص ناظرة منها حرف طمأنينة لكن الطبيبة تقول بوجه يائس :

- هناك أمل كبير في تحسنها ...لكني لا أنكر أن حالها تتدهور ..ربما قد تحتاج لعملية إنقاذية في أية لحظة ..تطور المرض في تزايد رهيب !

تلقت الخبر كالسهم الحاد الذي انغرس بعنف في سويداء قلبها المفطور ليحيي النزيف المتجمد ، ما كان سيشرق في أية لحظة بات مقدرا له الأفول الأبدي !

هوت أرضا وهي تتجرع غصة عذابها المعتم وتبتلعه في أغوار جوفها الحار ، كانت الجرعات الشائكة تنزل كأحجار الجبل الثقيلة وتمزق معها كل صحيح ..حتى إذا امتلأت أثقلت وهوت في عجز أبدي عن الوقوف ثانية !

ليس وكأنك تعرف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن