(9)---كله بسببي---

49 11 8
                                    


*

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم *


-
-
-

-
-
-


----*----*----*----*

طال مسامعه صوت فتاة تغني نازلة الدرج لفتح الباب...

بينما كان "أوليفر " واقفا خلفه إذ يقترب ذلك الصوت الرخيم حتى يفتح الباب وفجأة يندهش لما يرى أمامه " ليساء " !

تجمدت بمكانها وأحست بأن خافقها إنشق وهي تراه أمامها يحدق بها بعينيه الحادتين ثم رفع يده وجرها من خمارها حتى خلعه ورمى بها جانبا يهمهم :

- Game over !

نهضت من الأرض بخوف ولفت خمارها بخفة وركضت هاربة من المنزل فتابع مسيرته وطلع الدرج أمامه .

كان ذلك المنزل هادئا وجميلا ، وبعد هنيهة تخرج من إحدى الغرف سيدة عجوز محجبة بوجه مشرق وترحب به بلطف :

- أهلا بني ..أتحتاج شيئا ؟


جذبه صوتها الهادئ فجلس إلى كرسي وجلست أمامه باسمة ومن دون مقدمات سألها عن الفتاة فسكتت لبرهة حتى تذكرت فأجابت بوجه مشرق فرحا :

- أتقصد تلك الطيبة " ليساء " ؟.. إنها ملاك نزل لي من الجنة ، تلك البنت تخدمني كل يوم كأني أمها ، تنظف وتغسل ملابسي وتطبخ لي وتنزهني وتعالجني أيضا بلا مقابل ، رغم أنها لم تعرفني يوما ، لكنها تعاملني بإحسان وحرص ، حولت منزلي المهترئ إلى جنة ، وآنستني في غربتي هنا ..

تشير بإصبعها لحديقة صغيرة قرب النافذة :

- أنظر ، كان ذلك المكان مكب نفاية قذر ، لكن بيديها صار حديقة مزهرة يفوح بعطور الورود والياسمين ...

تتبع وهي تشير بسبابتها علويا :

- تلك البنت مباركة ، بفضل إحسانها أسلمتُ وآمنتُ بالله ، لقد أبهرتني أخلاقها معي رغم أني كنت مجوسية ، إقتنعتُ بربها الذي أدبها .

تحدثت بسعادة عميقة فلم يحس
" أوليفر " بنفسه إلا وذرف الدموع الحارة من مأساة تلك العجوز وكيف تحسنت حياتها بفضلها والخبر الذي أثار ألمه أكثر هو تكرمها عليها بالأعشاب النادرة لتبيعها لعلاج والدتها ، لم يكن بهذا الحس لكن اقترابه من المسلمين يجعله متأثرا ، ظل يبكي حتى باح لها بأنه قد بلغ عنها ظنا منه أنها لصة فغضبت العجوز منه وانهالت عليه ضربا بالعصا بلا رحمة وهي تشهق باكية من فعلته حتى سال الدم على جبينه فتوقفت ، ومايزال يبكي حتى نهض واستل حزمة مال من جيبه ووضعها خلسة في حقيبة " ليساء " التي تركتها وغادر خائبا من نفسه .

ليس وكأنك تعرف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن