(6) ---وعي إثر صدمة---

65 19 16
                                    

*بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم *

-
-
-

-
-
-

----*-----*------*-----*--

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

----*-----*------*-----*--


وسط دفء مطبخ الجامعة وروائح القدور كانت " ليساء " قابعة قرب " جيسيندا " المتوجعة تتأملها باهتمام وهي تروي حكايتها الأليمة ، تروي لها بقلب يعتصره الوجع ودموعها تسير سيولا على خدودها تحت خضوع الهدوء لقصتها فأتبعت بصوت متغير :

- تذكرت لحظات رضاعتها من صدري ، نظراتها إلي حينها بعيني البحر ، وتعلقها بأحضاني بيديها الصغيرتين ، تذكرت رائحة شعرها التي تشبه رائحة ريش صيصان العصافير ...تذكرت هدهداتها وترانيمها ، تذكرت أول جلوس لها وأول مرة تحبو فيها ، تذكرت أول مرة ربطت فيها شعرها الحريري القرنفلي بشريطة بيضاء ، تذكرت أول يوم لها في الروضة ، وأول حفلة لها لما كانت ترقص وتقفز بسعادة فوق المسرح ، وكلماتها وصوتها ولباسها وعاداتها وأطعمتها المفضلة وأفرشتها وكراريسها، فترات انفعالها وجمال خلقتها اللطيفة ..أول حرف نطقته كان ماما ، لم تقل شيئا إنما قالت ماما ، لكني لم أكن تلك الماما اللطيفة التي تحبها ، لطالما كانت تدس ثوبها بالمناديل لتقي نفسها من الصقيع ، وما أكثر إغماءها في الصف بسبب البرد ، كانت ترتدي الحذاء حتى يهترئ بقدميها ، ولطالما اشتهت الدمى والعرائس ولم تحصل عليها يوما ، كان بإمكاني توفير السعادة لها ، ولكني كنت امرأة حقودة أحرص على حرمانها لأستفز والدها فقط ، كنت أؤذيها لأبتز والدها فحسب ، لم أنظر لها يوما بأنها ابنتي، إنما وسيلة لتنغيص حياة طليقي لا أكثر .

فصمتت كاتمة وجهها بكفيها غارقة في البكاء وهي تقول بصوت غاص ندما :

- أخبريني يابنتي لماذا دائما ما تأتي لحظة الوعي بعد فوات الآن ؟

تلتفت إلى " ليساء " متبعة بندم حارق :

-لماذا عندما رجعت إلي لم أحضنها أو أحتويها ؟.. لماذا ضربتها وشتمتها وآذيتها ..لماذا زدتها على الجرح جروحا وزدتها وجعا وضياعا حتى ماتت والدموع بعينيها !

ليس وكأنك تعرف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن