*بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم *
-
-
--
-
-----*-----*------*-----*--
وسط دفء مطبخ الجامعة وروائح القدور كانت " ليساء " قابعة قرب " جيسيندا " المتوجعة تتأملها باهتمام وهي تروي حكايتها الأليمة ، تروي لها بقلب يعتصره الوجع ودموعها تسير سيولا على خدودها تحت خضوع الهدوء لقصتها فأتبعت بصوت متغير :- تذكرت لحظات رضاعتها من صدري ، نظراتها إلي حينها بعيني البحر ، وتعلقها بأحضاني بيديها الصغيرتين ، تذكرت رائحة شعرها التي تشبه رائحة ريش صيصان العصافير ...تذكرت هدهداتها وترانيمها ، تذكرت أول جلوس لها وأول مرة تحبو فيها ، تذكرت أول مرة ربطت فيها شعرها الحريري القرنفلي بشريطة بيضاء ، تذكرت أول يوم لها في الروضة ، وأول حفلة لها لما كانت ترقص وتقفز بسعادة فوق المسرح ، وكلماتها وصوتها ولباسها وعاداتها وأطعمتها المفضلة وأفرشتها وكراريسها، فترات انفعالها وجمال خلقتها اللطيفة ..أول حرف نطقته كان ماما ، لم تقل شيئا إنما قالت ماما ، لكني لم أكن تلك الماما اللطيفة التي تحبها ، لطالما كانت تدس ثوبها بالمناديل لتقي نفسها من الصقيع ، وما أكثر إغماءها في الصف بسبب البرد ، كانت ترتدي الحذاء حتى يهترئ بقدميها ، ولطالما اشتهت الدمى والعرائس ولم تحصل عليها يوما ، كان بإمكاني توفير السعادة لها ، ولكني كنت امرأة حقودة أحرص على حرمانها لأستفز والدها فقط ، كنت أؤذيها لأبتز والدها فحسب ، لم أنظر لها يوما بأنها ابنتي، إنما وسيلة لتنغيص حياة طليقي لا أكثر .
فصمتت كاتمة وجهها بكفيها غارقة في البكاء وهي تقول بصوت غاص ندما :
- أخبريني يابنتي لماذا دائما ما تأتي لحظة الوعي بعد فوات الآن ؟
تلتفت إلى " ليساء " متبعة بندم حارق :
-لماذا عندما رجعت إلي لم أحضنها أو أحتويها ؟.. لماذا ضربتها وشتمتها وآذيتها ..لماذا زدتها على الجرح جروحا وزدتها وجعا وضياعا حتى ماتت والدموع بعينيها !
أنت تقرأ
ليس وكأنك تعرف
Historia Cortaهل يمكن أن يولد الحب من حطام الكراهية والعنصرية ؟ هل من الوارد أن تتحول الضغينة إلى ولاء ؟ الوحدة التي تعيشها " ليساء " في نيوزيلندا أجبرتها على تجرع مرارة الكفاح ، حتى يأتي ذلك الشاب ويزيد أيامها مرارة ووجعا مالذي سيجعل ذلك الشاب أخيرا يقدم تضحية م...