مرت الساعات طويلا..... لكني لست مرهقة ... برغم من الجهد الذي بذلته ... ربما بسبب تلك الجمرة المتقدة
_آخر محاولة ... اغمضي عينيك .. افرغي كل الأفكار التي في دماغك .... الآن تخيلي المكان الذي تريدين الذهاب اليه... ركزي جيدا... رددي ذلك الطلسم الذي حفظته...
...لم يحدث شيء....
لما لم اذهب الى اي مكان؟...
_ أشعر بالعجز
_ لا تيأسي يافتاة لقد نجحتي في كثير من الطلاسم انه الوحيد الذي لم تتقنيه بعد .. كما أنك متعبة... سنكمل الدروس في الحصة القادمة.
_ اهناك مرة اخرى؟
_ اعتقد ان "دغر " لن يكتفي بتعليمك هذه الأساسيات فقط ، بالمناسبة مالذي احضرك إلى هنا ؟
_ لا أعلم، أمسكت بيد دغر ثم اغمضت عيناي فجأة وجدت نفسي فوق قمة جبل شاهق ، اعتقد انه يستعمل الطلسم الذي لم اتقنه بعد.
_ انت تتغابي يافتاة..لا اقصد صعودك للجبل بل أعني دخولك إلى هذا العالم الخطير
_ أريد الانتقام...
_ .... وهل تعلمين ثمن طلبك؟..
_ اي ثمن؟ لقد وعدني دغر انه سيساعدني ولم يخبرني عن أي ثمن
_هل تثقين بدغر؟..
_ليس تماما .. انا أعلم جيدا انه خطر وقد يفتك بي في اي لحظة لهذا اتعامل معه بحرص شديد .
_ الثمن لا أحد يعلمه... قد يكون حياتك ..وقد يتم تلبية طلبك دون مقابل... الآن عليك الموازنة بين عالمين... ستعيشين حياتين مختلفتين.... وهذا الأمر أصعب ممّا تضنين ... وساطتك بين عالمان لا يلتقيان سيكون لها تأثير على حياتك التي اعتدتها .
_ لكني غيرت اسمي وبهذا لن تحدث تصادمات بين العالمين.
_ هذا ماضننته انا أيضا ... والان انظري لحالي...مشعوذ بائس وحيد فوق قمة جبل مهجور لا رفيق لي سوى الحشرات هذه ،أُلبِّي طلبات من هم اقوى مني بمقابل زهيد ..الحياة...
_ وهل تضن أن ثمن الحياة زهيد؟
_ لا اضن ذلك بل متأكد... لا قيمة لحياتي منذ أن ورطت نفسي في هذا العالم البائس... ربما لك لازلتِ فتاة مراهقة في مقتبل العمر الحياة تهمك.... لكنت قد طلبت منك النفاذ بجلدك من هذا الجحيم لكن ..فات الأوان...كل ما عليك فعله هو السير بخطوات حذرة..... عليك التفريق بين الصديق والعدّو ... ولا تقلقي قد يكون "دغر " خطيرا لكني لا اضن انه سيؤذيك .
_ ولما لا تضن ذلك؟ فهو لا يزال شيطانا مخيفا لا يستحق ثقتي بعد.
_ من حقك أن لا تثقي بمن هم خلاف بني جنسك ، لكني اعرف "دغر " منذ مدّة صحيح اني اهابه لكنه من باب الاحترام فقط فلم اشهد يوما ظلم فيه أحدا حتى عندما انتقم ممن ابادوا قبيلته ترك النساء والأطفال ليعيشوا...
كما أنه متمسك بحمايتك بشدة..ولم يتشكل منذ مدة بهيئة بشري.... لا يريد اخافتك يا فتاة.
_ ربما..... لكن لما ترك الأطفال يعيشون لم اسمع من قبل أن أحدا من بني جنسكم قد نسي ثأرا لديه ، كيف لهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي ومن نفى أهاليهم حيّ ؟
_ لم تغب فكرة الثأر عن بال احد... الجميع ينتظر اليوم الموعود... الأطفال يتجهزون للإنتقام ... ودغر كذلك يريد أن يصبح اقوى فاتحاد هذه القبائل سيهزمه أن بقي من الشياطين السفلية..
_ وما الفرق بين الشياطين السفلية والشياطين الأخرى؟
_ ركزي جيدا يا فتاة.....
_ ارجوك يا عمّ سابح لا تنادني بالفتاة إسمي نَشَد
_ هل هذا إسمك الحقيقي؟ ام انك تتغابي كالعادة ؟
_ لست اتغابى لكن دغر طلب مني الاَّ أخبر احدا عن إسمي في العالم الآخر.
ابتسم سابح لصدق نَشَد و وفائها لدغر، كان يعلم أن القلب يلين وان فَرُطَت قسوته كما لان قلب دغر نحوها.
_ حسنا يا نَشَد ، لنعد لموضوعنا... في هذا العالم ستجدين كائنات اخرى غير الشياطين، ستلقين الأشاوس وهم قبيلة تضم مخلوقات بجذع حصان ورؤوس بشرية ويملكون أجنحة كالملائكة، ستجدين طيورا ضخمة تسمى بطيور العنقاء وهم سلالة نادرة اوفياء لأصحابها فقط ... تذكري أن قابلتي يوما طائر عنقاء صغيرا عامليه بحسن لا يغرّنك جسده الهزيل فهي طيور لا تنسى ترد الجميل و تفتك بمن حاول ايذاءها، ستجدين كذلك مشعوذين وسحرة عدة ..نصيحة لا تثقي بالساحرات، إما أنك ستجدين نفسك في قدرها تصنع منك تعويذة أو أنها ستُجّندُكِ وتصبحي من أفراد عصبتها
انهن مغرورات و يُحبِبْن شعر الفتيات الفاحم كشعرك..
كما انك ستلقين انواعا واشكالا من الجن و الشياطين
جن أزرق و جن عاشق ،قرائن كدغر، جن مسلم وجن كافر ، شياطين سفلية و اخرى علوية والعديد من الأنواع كالخدم و المسخرين، وبالنسبة للفرق بن الشياطين السفلية و العلوية ... العلوية منها هم الأسياد وهم من سينتقمون لدخولك إلى هذا العالم، قامو بتأسيس مجلس خاص يضم جميع القبائل و الممالك كان سيدهم الشيطان آعد وهو والد دغر ، انقلبوا عليه بسبب ضعف قبيلته ابادو نسله لكنهم نسو الرضيع تحت الركام ...دغر..
تربى دغر على يد إحدى البشريات ...أعني البشرية الوحيدة التي تسللت إلى قبيلته .. لا أحد يعلم قصتها ولا احد يعلم كيف تركها الاسياد حية فهم يمقتون البشر ...
كبر دغر وأصبح يستفسر عن أهله و لما هو مشرد مع امرأة وحيدة ... علم أن القبائل المحيطة به كلها متورطة في اهلاك نسله ...فانتقم...ابادها جميعا... احرق كل شيء
لكنه كان رحيما ترك الأطفال والنساء ... أصبح الجميع يهابه....صحيح انه شيطان سفلي لكنه الأقوى بينهم ...
فالشياطين السفلية كلها تخدم ذلك المجلس ..سوى دغر .... المتمرد الوحيد..
_ واين اختفت مربية دغر؟
_ لا أحد يعلم مكانها ،البعض يقول ان الأسياد ألقوا القبض عليها بعد اكتشافهم انها بشرية..
_ اعتقد اني لست الوحيدة التي بحاجة للمساعدة.
_ نعم فدغر بأمس الحاجة إليك.
_ لما انا بالضبط ..و ما الذي قد تفيد به ضعيفة مثلي.
_ لست ضعيفة يا نَشَد، سيساعدك في الانتقام وساعديه في أن يسيطر على المجلس...
أغلقت فمي.. لا أعلم مالذي أفعله الآن كيف لي أن أقوم بالمساعدة و انا من يحتاجها ؟ ..
_ اعتقد ان اليوم يكفيك يا صغيرة...دغر في طريقه إليك.
فتح سابح الباب وخرج ، تبعته بخطوات متسارعة .. هبط دغر وهو في شكل طائر ضخم .. علمت انه هو فقط من عينيه الزرقاوين تلك ... تشكل بهيئة ذلك الشاب المفتول... إنه أجمل من بعض البشر بصراحة
شيطان وسيم ....
آآ مالذي أهذي به ،كيف لشيطان أن يكون وسيما ... عودي لرشدك يا فتاة عودي ...
تقدم دغر نحونا ..
_ اهلا بك يا دغر هاهي فتاتك .. لقد لقنتها ماطلبته مني
لكن بصراحة هي غبية بعض الشيء .. تستغرق مدة لإتقان طلسم واحد ..
نظر دغر نحوه بحدة و زمجر....
_ هههه امزح ياصاح انها أذكى و أفضل شخص دربته في حياتي ...
إبتسمت لا شعوريا ... ربما بسبب دفاع دغر عني ..لا أعلم حقا ..لا أزال لا أثق به .
التفت نحوي .. تغيرت عيناه .. انها عسلية لامعة... رموش طويلة ... إنها فاتنة .... حقا فاتنة ..اقترب مني :
_ كيف كان يومك ؟
تراجعت خطوة للوراء .. هل خفت؟ .. أم ماذا؟ ..
_ ببخير..
عاد إلى مكانه بمجرد شعوره أن الخوف قد اعتراني عادت عيناه إلى زرقتها.... وكأنه لم يتكلم قط معي ..
_ يمكننا الرحيل...
_ حسنا .. إلى اللقاء عم سابح..
_ وداعا يا صغيرة...وداعا دغر ..
لم يلتفت دغر إلى سابح قط....
_ ههه ..حسنا لابأس ..وداعا يانفسي ..
أمسكت يد دغر و اغمضت عيناي ....
