الفصل السادس

17 3 5
                                    

وصلنا.... داخل غرفتي رأيت نفسي نائمة على سريري، واختي جالسة هي الأخرى في مكان نومها .... سرت قشعريرة في جسدي... مالذي افعله؟ .. ماذا لو رأت اثنتان منّي ؟ ودغر معي؟ ..... كيف سأفسر لها مايحدث؟ ....ضللت واقفة بلا حراك محتارة في كلامي الذي سأقوله.... مهلا لحظة... لقد استغرقت وقتا طويلا في التفكير..لما لم تراني؟..لم تنتبه على وجودنا ....
و بينما انا غارقة في بحر افكاري ،أشعر بيد تمسك كتفي وتهزني بلطف .. فقت من شرودي التفت نحو دغر ،قال:
_ لا تقلقي ، نحن غير مرئيان لها .. عندما تخرج من الغرفة سأعيدك كما كنت ...
تنفست الصعداء... ارتحت من كلامه...لا أريد أن اقحم اهلي في مسيرتي ..
_ لكن من تلك التي تنام في مكاني ؟
_ انه شيطان مسخّر لخدمتي ميزته التشكل و التصرف في هيئة بشر لأطول مدة ..لكنه يجد صعوبة احيانا في التقليد خصوصا طريقة الأكل و فتح المواضيع ..لهذا طلبت منه أن يبقى نائما ..
تحركت شقيقتي "رشا" من مكانها و خرجت من الغرفة..
_ يمكنك أن تعود لطبيعتك أيها الشيطان بأمر من سيدك الذي قطعت له عهد الولاء سيدك "دغر"..
فجأة تحرك ذلك الجسد النائم ...ثم بدأ لون البشرة يميل إلى الزُرقة و ارتفع طول أذنيه... و ظهرت تلك الانياب من خلف إبتسامة تشي بالخبث ... أصبح انفه معقوفا... و اختفت قدماه ضل يطفو كالبخار.... انخفض جسده المغطّى بمواد لزجة تثير الاشمئزاز إلى مستوى قدميّ دغر .. ضل يقبل قدماه بطرق مقززة ...ثم اردف:
_سمعا وطاعة...سيدي..
ثم اختفى ... شعرت بِ.... بأشياء غريبة ... لا استطيع وصفها ...إنها مزيج بين القرف و الاشمئزاز و الخوف ....
لكن.... لما الخوف؟ ... لقد اخترت الدخول إلى هذا العالم بكامل ارادتي.. لا يجدر بي ان اخاف بعد الآن...
امسك دغر بيدي ثم تمتم ببعض الكلمات فشعرت بكهرباء تسري في جسدي..
_ لقد أصبحتِ مرئية الآن ..
_ هل ستعيدني غدا إلى العم سابح؟
_ ليست مدرسة يا فتاة.. الوقت يداهمنا علينا التحرك .
_ نحو ماذا ؟
_ لا أعلم بالضبط لكني اشعر اننا سنقبل على شيء و نحن الآن نضيع وقتنا...
_ دغر...
نظر الي بعيونه العسلية تبرق منهما تلك اللهفة ربما بسبب نطقي لإسمه فجأة... كم انا غبية ... لمَ لم أكمل حديثي دون توقف..
_ نعم ...
_آآآ ... ما المقابل في مساعدتك لي ؟
_ شخصيا لن اطلب مقابلا منك فأنا من أراد مساعدتك..
ولن يطلبه منك احد .. فأنت تحت حمايتي .. لن أسمح لأحد بأن يمسّك ...
_ لكن اعتقد انك تحتاج إلى مساعدة فكيف لك أن تساعدني... وتراهن على حمايتي ؟
_ من قال اني احتاج مساعدة؟
_ آآ... العم سابح .
_ ذلك المعتوه و كأني لم اخبره أن يحفظ السر .. مالذي اخبرك اياه بالضبط؟
قصصت عليه كل كلمة قالها العم سابح .... ساد الصمت فجأة لم نتكلم لمدة تجاوزت الثواني وأصبح الزمن يعد الدقائق ينتظر كسر ذلك السكون...
تنهد دغر و عدل من جلسته ثم أردف:
_ كل ما قاله صحيح... يجب عليّ السيطرة على المجلس يجب أن يصبح بحوزتي حلفاء أقوياء و جيش مجهز و لكني لن أجبرك على مساعدتي ولا أريد أن اقحمك في مشاكل لا تخصك.
_ لا على العكس ،لا أريد أن يبقى أي دين على رقبتي مع عالمكم لا أثق بأحد .
_ مالذي تعنيه؟ اي دين هذا؟
_ أعني مساعدتك لي ، لاأريد أن تبقى مدينا لي فكلكم شياطين سيأتي يوم و تطالبني برد الجميل ولا أعلم مالثمن.. لا أثق بأحد.
_ لن اطالبك يوما أخبرتك بأني مختلف.. لما لا تزالين تشكين في صدقي؟ لما لا تثقين بي؟
برغم من انه قالها بهدوء تام الاّ أنني شعرت بتلك الاعاصير التي بداخله شعرت انه يعاتبني ...لكن ما باليد حيلة لا استطيع الوثوق به ...
لم أستطع أن اجيبه لا أملك مبررا مقنعا ...ربما لأنه ليس من بني جنسي...أو اني أعلم أنه وحش ... لا أعلم حقا .. لقد أباد قبائل بأكملها، كيف لي ان أشعر بالأمان معه؟... لا أعلم ما أقوله حقا .... ساد الصمت مطولا..لم يجبرني على الإجابة... احسن فلم تكن لديّ اصلا...
_ آآ .. مالذي يميزني كي اكون السبيل في مساعدتك؟
_ جنسك..
_ مالذي تعنيه ؟ عالمكم يمقت البشر .
_ ليس الجميع... هنالك شخص أحبّ بشرية.
_ من يكون؟
_انه "ملاز"....
سرت قشعريرة في جسدي بمجرد ذكر هذا الاسم تذكرت اني قد قرأت عنه و أعلم أنه لم يتحدث لأحد بعد موت محبوبته.... ثم قلت و الدهشة تعتريني:
_ أتعني عاشق نورة؟
_ نعم بالضبط.... يفترض بك أن تتحدثي اليه و تأخذي خاتم حبيبته خفية ستجدينه على أحد عظام الجماجم.. إياك أن يلحظ سرقتك..
_ ماااذااا؟؟؟ كيف تريدني ان اتحدث اليه و هو الذي رفض لقاء اقوى الشياطين تريده أن يلقى بشرية ضعيفة مثلي؟؟؟
_ لا اضن انه سيرفض التحدث إليك ان أخبرته انك كنت تعرفين حبه الأول و تحملين رسالة أو وصية ..
_ و هل تضن انه غبي ليصدق هذا ؟ لقد مرت قرون على وفاة تلك الانسية كيف سيصدق أنني اعرفها بهذا السن؟
_ لا شيء مستحيل يا نَشَد مادمت دخلتي إلى عالم غير عالمك فيمكنك توقع كل شيء .. اخبريه انك قد عدت بالزمن بسبب ضميرك الذي يؤنبك و اخترعي كذبة مقنعة إلى أن تتمكني من سرقة الخاتم..
_ مالذي يهمك في هذا الخاتم؟ حتى جعلك تعرضني لخطر كهذا و تكذب على عاشق مسكين محطم؟
_ ذلك الخاتم يملك قوة لا مثيل لها سيكون بمثابة حصن لي سيزيدني قوة و سيهابني الجميع .. اعتبره اول خطوة في السيطرة على المجلس.... عليّ الحصول عليه وانت الوحيدة التي تستطيعين فعلها... سيخيب أملي ان رفضتِ حقا ...
مهلا لحظة... مالذي يقوله ؟...أشعر أنه يجبرني على مساعدته بطريقة غير مباشرة... كيف يقول لي انه سيخيب أمله ان رفضت ألم يقل منذ قليل انه لا يريد اقحامي في مشاكله؟... أشعر أني افكر بشكل مفرط .. اعتقد ان تبسيط الأمور هو أفضل حل.. لا أستطيع تحمل شيء يرهقني أكثر ..
_ حسنا سأرى في الأمر لاحقا أشعر بالتعب الآن .
_ لا بأس،سأتركك و شأنك.
رميت بجسدي على ذلك السرير و أرخيت عضلاتي، بمجرد التفكير أن ذلك الشيء الأزرق المقزز كان ينام في مكاني يجعلني اشمئز من ملامسة سريري ...
_ استيقظت ! تعالي وساعديني في إعداد الطعام.
_ أشعر بالتعب أريد أن أنام قليلا فقط .
_ لقد كنت نائمة طوال اليوم ، عن أي تعب تتحدثين ؟
_ آآه.. حسنا انا قادمة.
لم تُطِل "رشا" اسئلتها تلك و خرجت مباشرة .. لقد كان العم سابح محقا الموازنة بين هذين العالمين صعب جدا
..أشعر بضغط كبير على دماغي... قمت ومحاولة إخفاء تعبي تفشل في كل مرة ... أحاول أن اظهر في كامل نشاطي ... ههه وكيف لي أن أفعل ذلك و صوت الأنين يملأ المنزل ...نعم ذلك الأنين لوحده كفيل بارهاق كل عضلات جسدي ... كيف لي أن أكون بخير و عزيزي ليس كذلك .. عمود البيت يكاد ينهار ... كيف لنا العيش دون أساس؟... منذ إصابة والدي بذلك المرض اللعين أصبح المنزل محاطا بهالة سوداء تبعث علينا الحزن و الاكتئاب
ألم يخبرني دغر انه سيساعدني في الانتقام من كل شيء يزعجني؟.. هل يمكنه الانتقام من هذا المرض الخبيث ؟..لا أريده أن يأخد أبي بعيدا ... لقد استنزف من طاقته بما يكفي لن يتحمل أكثر من هذا ولن يتحمل قلبي ألما آخر ....
زفرت تنهيدة لعلّها تخرج كل ذلك الضيق الذي بصدري لكنها لم تجدي ..
في صباح اليوم التالي أيقظتني امي لأذهب إلى المدرسة أخبرتها اني لا أريد ذلك فالفصل الدراسي يكاد ينتهي ولم يعد هنالك الكثير من الطلاب ممن يداومون على زيارة تلك المدرسة اللعينة.
_ لا ،يجب عليك الذهاب يكاد الفصل ينتهي لكن السنة الدراسية لم تنتهي بعد ، ستأتي عطلة الربيع و ستُشبعين ذلك الجسد الكسول نوماً .
_ لكن لا....
قاطعتني قبل أن أحاول حتى في اقناعها كالعادة..
_ لا تجادلي هيا أفيقي و لتجتهدي في دراستك لن ينفعك شيء سواها ....
صمَتَت لثواني وهي تتأمل في عيني دون أن ترمش ولا لمرة ... مهلا لما تلك الأعين تسبح في ماء مالح ... آآه يارب اعتنِ بقلبي قليلا لا أتحمل هذا القدر من الألم... لا أقدر على رؤية مقلتيها مبللتان..
ثم اردفت وهي تمسح دموعها بكفيها لعلّها تضن اني لم أنتبه لسقوطها فعادة أكون شبه مغمضة العينين عند الإستيقاظ من النوم:
_ هيا هيا يا بنيتي انهظي و افرحينا بنتائج مذهلة أترين والدك .. برغم من مرضه و ألمه يضلّ يهذي بإسمك لا أعلم لما انت بالضبط لكنه يهذي بك طوال الوقت..
_ أمي.. اصدقيني القول ، هل ابي بخير ؟ لقد أخبرتني أن السرطان قد انتشر في بطنه لكنك لم تفسري لي شيئا منذ أن قام بتلك العملية .
_ .... حسنا، فصيلة ذلك المرض هو أنثى يعني انه ينتشر و يتكاثر اسرع عن غيره و بعد تلك العملية ضن الأطباء أنه قد اختفى لكنه كان قد انتشر خارج المعي الدقيق .... والآن لقد أصبح في النخاع الشوكي... والدك يعاني من سرطان في العظام..... ويجب أن يقوم بعملية اخرى نستأصل فيها تلك الحبيبات التي خارج المعي..
_ لمَ لم تخبريني من قبل ؟
_ لم أرد التشويش على عقلك .. هيا هيا انهظي و استعدي للمدرسة .
_ لكن امي...
_ فليرضى ربي عليك يابنتي انهظي .
و كَكل أم هي أمي تستخدم هذا القسم لتجعل أبناءها يفعلون ما تريد، التلويح بسيف الرضا و سحبه في حالة عدم الإذعان يبني عقدة ذنب جاهزة و مركونة على الرف ويمكن استخدامها في اي لحظة
خلال دقائق كنت قد جهزت نفسي بعد تثاقل و تكاسل طويلين..
وصلت إلى مستشفى المجانين.. أعني تلك المؤسسة العقابية .. أعني ذلك السجن..ههه اعتقد اني ابالغ في وصفها .. اعتذر أيتها المؤسسة التربوية التي أنهكت روحي منذ العام الأول لي فيها...
دلفت الصف و انا لا أعير أيّ انتباه لتلك النظرات ، لم أفهم بعد لمَ أصبح الجميع يمقتني فجأة، فليذهبوا إلى الجحيم جميعا لا يهمني أحد بعد الآن...
انتهت تلك الحصص الطويلة، لقد مرت كالدهر ، خرجت وفي الطريق نحو المنزل طريق مقرفة ، اعيش بها اسوء اللحظات مررت و كالعادة تلك المعاكسات التي تشعرني بالغثيان و الاسوء هو رؤية البعض من الفتيات يبتسمن و يتمايلن و كأنهن رأين ملاكا منزلا أو جمالا كجمال يوسف يحاولن إغراء أولائك الكائنات الغريبة بكل الطرق بالله عليكم مالذي يحدث في هذا الزمن ؟ أقسم انه لو كان دغر هنا لطلبت منه أن يُبِيد هذه الجراثيم ..

عالمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن