صمتت قليلًا ثم قالت بهدوء:
- لقد أخبرتك بقصتي وما أعرفه عن نفسي، ألن تخبرني عن نفسك؟!عم الصمت لبرهة ثم قال عديل بصوت خفيض:
- هل يمكننا ألا نتحدث عن هذه المسألة؟
- أخبرني أولًا ولن أحدثك مطلقًا عن هذا الشيء.وافق عديل أن يخبرها بقصته، فبدأ يروي قائلًا وفي حلقه غصة لم يستطع التخلص منها:
- عندما كنت طفلًا أخبراني والداي بأننا سنذهب في رحلة إلى الشام، وعندما أخذنا أمتعتنا وسافرنا...قاطعته شهقة خرجت من فمه بالإكراه، فسكت لبرهة ثم تابع:
- فتركاني وحدي وسط الصحراء الجرداء بدون مأوى.
كانت تتابع تالين في صمت وفي تاخلها يشتعل نار لأجله، ما هذه القسوة؟ كيف لآباء أن يفعلوا شيئا كهذا لأولادهم؟ ولكن لا تفسير لتساؤلاتها.أضاف عديل على كلماته:
- بقيت في تلك الصحراء بدون طعام ولا شراب لمدة ثلاثة أيام متواصلين، ضعف جسدي، وذهب عقلي عن الوعي، ثم رآني رجل كان مسافرًا على راحلته لطلب الرزق، فأخذني معه إلى مصر وأجلسني معه في منزله.تابع قائلًا:
- هو الذي رعاني وآواني وحتى كبرت، فقد كان رجلًا فقيرًا وليس له أولاد، وقبل أن يموت كتب لي وصية بأن أمكث في هذا المنزل من بعده.
- رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.قالت تالين بعد صمت:
- هل لديك أي فكرة عن مكان وجود أسرتك؟
- لا ولا أريد أن أعرف ولن تسأليني عن أي شيء يتعلق بهما مرة أخرى.
- حسنًا اهدأ قليلا أنا لم أفعل شيئًا...**
ولم يكن هذا هو العجيب، الأعجب من ذلك أنه عند فقدان مروة لوعيها بسبب لدغتها، تحولت تلك الأفعى إلى...إياد!إنه هو إياد كان ينظر إلى مروة الممددة أمامه على الأرض في قلة حيلة وهو يلعن نفسه داخليًا مما فعله، لم يحدث هذا بإرادته بل كانت القصة تسير على هذا النهج، ومهمة مروة في هذه القصة أن تجعل هيرو على قيد الحياة ولا تنتهي قصتها بالموت، وكانت ستنفذ هذا عن طريق تغيرها إلى شخص لطيف غير نرجسي كشخصيتها السامة، ولكن لم يحدث هذا.
بدأ إياد يبكي من قلة حيلته وجعل يهز جسد مروة في محاولة منه لإيقاظها، ولكن فات الأوان، لم يكن هذا ذنبه، بل إنه ذنب مروة؛ فقد كانت تستحق ذلك.
**
فتحت عيناها تدريجيًا ليتسلط شعاع النور إلى عيناها الخضراوتين، فمنعت أشاعته بيدها التي وضعتها أمام وجهها، وأخذ يختفي بتدرج حتى اختفى تمامًا وظهر بدلًا منه...حازَم!كانت في مكان غريب كله عبارة عن لون أبيض، سماء بيضاء وأرض بيضاء وكل شيء باللون الأبيض.
في لحظة رؤيتها لحازَم شعرت بالسعادة تغمر قلبها وهي ترى شخصًا تحس بأنه قريب منها أو أنها تعرفه، لكنها لازالت تتكبر ولم تظهر مشاعر السعادة التي بداخلها لحازَم.
أنت تقرأ
رواية «غائبون في الجب» "قيد الكتابة"
خيال علميقبل رحلتنا ما كنا نطيق بعضنا...هل سيتبدل الحال بعد الدروب التي دلفناها معاً ؟!...بعد المصاعب التي تخطيناها معاً ؟!...أم سيبقى الوضع كما هو، هذا ما سنكتشفه معاً في رحلتنا الخيالية...هيا بنا. مناسب لجميع الأعمار ✓