كررت الجملة التي استوقفتها بصوت مسموع: "أنت الآن غنيٌ يا عُدَيل"...!
توقفت تروس عقلها التي تساعدها على التفكير، وعلّقت بصرها في في نفس الجملة وقد فغرت فاها ببلاهة، فمن يصدق أن عُديل الخشّاب الذي قضى حياته في التنقل بين الغابات لقطع الأشجار ونحتها والذي رُبِّي في بيت صغير في الأصل غنيّ..!
وما كانت لتبعد أبصارها عن الورقة حتى سمعت صوت شيء يرتطم بالأرض من خلفها مما جعلها تفزع وتحرك بصرها إلى الخلف كردٍ على المثير الذي جذب انتباهها وما أفجع قلبها...ذلك الواقف أمامها وقد تسرّب إلى معالم وجهه الكلوحة والحنق المفزع للقلوب!
شهقت شهقة عالية صدرت من أعماقها لا إراديًا بعد لمحها لصفحة وجهه العبوسة، فتأكدت من أن عاقبتها لن تكون في صالحها أبدًا.
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وكأنه كتلتة من الأشواك تحتل حلقها، وكل هذا تحت نظراته السليطة، مكثت معه لمدة أكثر من شهر ولم تلمح له نظرة مفزعة كهذه...كانت عيناه تدب بهما الشرار وكأنه على شعرة من انهياره.
استقامت تالين بعد أن كانت تجلس القرفصاء حتى تتمكن من الاقتراب إلى الصندوق والتي بالمناسبة أسرت التنميل في ساقَيْها حتى شعرت بهما مخدرتان ولكن مع ذلك حاولت التغلب على ذلك حتى تتمكن من مجابهة كومة الشرار التي تقبع أمامها.
لم تتحرك شبرًا نحوه بعد أن انتصبت أمامه على قدر كافي من البُعد، لا تخفي أنها كانت مرعوبة منه...حنى أنها خشيت على نفسها منه، حاولت اصطناع الثبات لكنها أفشل من أن تخفي مشاعرها الحقيقية...فمعالم وجهها دائمًا ما تفضحها وتبدي لكل من أمامها بشعورها الحقيقي أمامهم!
اتخذت قرارها بالمبادرة في التفوه قبله حتى تحاول أن تبرر سبب وجودها في الغرفة التي حذرها من اقترابها حتى، استحضرت عباراتها التي نظمتها بترتيب مقنع لكن وبسبب رهابها الاجتماعي تلاشى كل ما جهزت وأخبرت بكلمات سخيفة مع تعثُّر لسانها وإصراره على إحراجها:
- أنا...هنا لأجل أنك..اا غني.لم يستوعب عقلها ما قالته لتوها إلا حين ازدادت شرارة عينيه وحنقه الذي استمر في الازدياد حتى احْمَرَّ لون وجهه كما لو أن وجهه يحترق تحت أشعة شمسٍ لهيبة، حينها فقط استطاعت استيعاب ما قالته وأحست أنها وضعت نفسها في ورطة وقعت بها بنفسها، خفق قلبها بقوة حتى شعرت أنه يكاد يُقتَلَع من مكانه...حتى لم يسلم جبينها من الخوف وتصبب عرقًا رغم اعتدال الطقس في ذلك الوقت.
حاولت إصلاح الأمر وعدّلت على كلماتها:
- لا لم أقصد ذلك، أنا هنا لأبحث عن ورق يثبت أنك ابن عائلتك.
وبدلًا من أن تصلح الخطأ زادت الطين بللًا وقذفت صاعقة دمرت الأمر وكما يقولون: "جه يكحلها عماها" وكل هذا الهراء ولم ينبس ببنت شفة إلا أنها حين تفتح فمها يزداد احمرار وجهه ويزداد معه حنقه.
أنت تقرأ
رواية «غائبون في الجب» "قيد الكتابة"
خيال علميقبل رحلتنا ما كنا نطيق بعضنا...هل سيتبدل الحال بعد الدروب التي دلفناها معاً ؟!...بعد المصاعب التي تخطيناها معاً ؟!...أم سيبقى الوضع كما هو، هذا ما سنكتشفه معاً في رحلتنا الخيالية...هيا بنا. مناسب لجميع الأعمار ✓