إليانور والتون

44 3 28
                                    

الفَصل الأوّل

*******

"السجينة رقم 737، لديك زيارة"
صَدحَ صَوْت امرأة عَبر مُكَبّرات الصّوت داخِل إحدى الزّنزانات العَديدة المُسطفّة على الجِهَتَين اليُمنى واليسرى من الرّواق المُظلم الذّي امتلئ بالغُبار ودُخّان السّجائر ...

يدان مُكبّلة بِسلاسلَ مُمتدة من الرّقبة حتّى الأقدام، تَسير و صَوت السّلاسل على الأرضيّة تُصدِرُ صَريراً مُزعِجاً، بَينما تَمسِكُها سجّانتان من كِلا جانِبيها يَقودانِها نحو غرفة الزّيارات...

شَعر بُنّي مُبَعثَر، عينانِ خاوية فقدَت لَمعَتها، شِفاه مُتَشَقّقة وبَشرة ملأتها الجروح وبَعض الحروق... تَسيرُ بِتَثاقل، أقدامَها ترتَعش، وجَسَدها النّحيل تَسحبه تلك السّجانات المُحاطة بهم وكأنّها قاتلة خَطيرة لا يَجب أن تَغفل عينيكَ عَنها...
وقَد كانَت كذلك..
قاتلة...

...

"كَيف حالُك؟"
سألتها فورما دخلَت و جَلَست مُقابلاً لَها يَفصِلُ بَينهنّ حائطٌ زُجاجي ممّا دَفَعَها لاستخدام الهاتف الأرضي الموضوع أمامَها..
"لِما أتيتِ؟"
سألتها تَرفض إجابَتها عن السّؤال الذي طرحته، وإجابته واضحة، "أتيت لزيارة صَديقَتي الوَحيدة ولا يُمكنك مَنعي، لقد مرّ أشهر منذُ آخر مرّة رأيتك فيها... لا تزالين على حالك، بَل أسوء."
لَم تَستطع إخفاء نَظرة الشّفقة من الظّهور على ملامِحَها بينَما تَميل برأسها تتأمّل وجه الاخرى الذي اختفت ملامحه...

"والآن لقَد رأيتِني، يُمكِنك الذّهاب لديّ مهامٌ لإنجازِها."
قالَت تَنهَضُ من مَكانِها ناوية عَودة أدراجها لِيَستَوقِفُها صَوت الأخرى عَبر الهاتَف تَقول بِصَوت شبه صارخ،
" توقّفي، هَل يُمكِنُنا التّحدث قَليلاً؟ لمرّة واحدة فقط لا تردَعيني إليانور أرجوكِ."
نَبرَتُها لانت نِهاية حَديثها، لقد مرّت فترة طَويلة منذُ أن تحدّث كِلاهُما بالفعل، هي حتّى تَرفض مُقابَلَتها مُعظَم الوَقت...
" إذهَبي ساڤانا، لا أُريد رؤية أحد ولا تَعودي مُجَدّداً لزيارَتي لأنّني سأرفض، لا أنتِ ولا أحدٌ غَيرك..."
قالَت توليها ظَهرها تَنظُر لها من فوق كَتفها، " غداً مُحاكمتك الأخيرة، اليوم يَومُك الأخير هنا.. هَل ظنَنتِ أنّه بإمكانُكِ الهَرب دائماً وللأبد؟"

لَم تُجِبها، أكمَلَت طَريقها خارِجاً لِتَعود بنَفس الطّريقة التي أتت بها، وبنفس الهيئة...

...

"قَبل ثلاثة عَشر سنة"

"أهلاً آنِسَتي، كيفَ يُمكِنُني مُساعَدتكِ؟"
قالَت تَستَقبِلُ الزّبونة بابتِسامة مُشرِقة تَعلو وَجهَها
"أبحَثُ عَن مُوَرّد خُدود، أُريد درَجة اللون الوَردي المغَبّر، بِدون لَمعة."

STAY ALIVE Where stories live. Discover now