STAY ALIVE

ترقية

الفَصل الثّاني

******

يَجلِسُ على حافّة إحدى المَباني الكَثيرة بِجانب بَعض، قَدَماه تتدلّى وأسفله المَدينة تَبدو صَغيرة والنّاس كالنّمل حجمهم..

يُنكِسُ رأسَهُ وبينَ يَديه قارورة كُحول تخلّى عَن سَكب بَعضَها داخل الكأس، لا تَكفيه رشفة صَغيرة لِنسيان حُزنه لِبَعض الَوقت...

تمنّى لو أنّه لَم يُقفِل الباب يَومَها،تمنّى لو أنّه لَم يُغادر فَوراً...

تمنّى وتمنّى حتّى غفى هُناك بالأعلى، غفى عندَ أكبَر مَخاوفه وكأنّها الوَحيدة القادرة على شِفاء روحِه، تُخيفُه أجل.. لكنّها تُساعده على تصفية ذهنه.

وكأنّ مَنظَر المَدينة من الأعلى هُناك وأضوائها أنسَته نَفسُه وأنّه على بُعد خُطوة واحدة مِنَ الهاوية...
حرفياًّ، حركة واحدة خاطئة...

لكن ما حَدَثَ بَعدَها...

..........

"صَباحُ الخَير. أرى أنّك تُواجِهين بَعض
المَشاكل هُنا، آنِسَتي؟"
خرجَ الصّوت من جانِبها الأيمَن لِتلتَفت واضِعةً يَدها على خَصرَها وبِتَقضيبةٍ جَبينٍ بدَت للآخَر لَطيفة،
" أوه سيّد باروزا، نَلتَقي مُجَدّداً. كيفَ حالُك؟"
فور رؤيَته سقطَت مَلامحها المُنزعجة لِتَعلو مَكانها ابتِسامة لَطيفة تُناسِبُها.

" هل عَلينا استخدام الألقاب بِكُلّ مرّة نَلتَقي؟ كوني مُرتاحة بِمُناداتي كارلو فحَسب، سيّدة والتون."
حاولَت بجُهد ألا تَقلب عيناها أمامه لأنّه من غير اللائق استخدام أسلوبٍ مُشابه عند لِقائهم الثاني فقَط، يَكفي ما حدث المرّة الأولى...

" حسناً حسناً كارلو، بدون رَسميّات." أومئ لها برأسِه يُعيد نظره نحو السيّارة التي سَبق وفتحَت غِطاءها الأمامي قَبلَ وُصوله يَحُثّها على إجابَته بِحَرَكتِه هذه،
" لا أدري ماذا حدَثَ لها كُنتُ فقَط ذاهِبة للعَمَل وفجأة تعطّلَت."
بدَت يائسةً جداً عند قولِها هذا، لذا رأتهُ انحنى بجذعِه يتفقّد موضع الزّيت وأشياء أخرى لَم تَعرفها  ليسمَعَها تَقولُ بامتِعاض بينَما تلتَف حولَها وتَركُل عَجَلَتها بِخفّة كادَت تؤذي قَدمَها، " بربّك ماذا حدثَ لكِ أنا مُتأخّرة بنصفِ ساعة عن مَوعد عَمَلي بسبَبك."

ضَحك على مَنظَرِها اللّطيف وهي تلتَف حول السيّارة بِحَجمِها الصّغير هذا وتَقِفُ متَخَصّرة حائرة مِمّا عَليها فِعله...
لَم يَعي على نَفسه إلّا وهي تأتي ناحِيَته قائلة،
" ماذا بِها ولِما تعطّلت، أوه يا الهي بدأت أفقد أعصابيَ بالفِعل لقد تأخّرتُ كَثيراً."
طرقَت بِكَعبِها على الأرض طَرَقاتٍ مُتَتالية خَفيفة وهي عادة تَفعَلها عندَما تَنزَعج بينَما تَنظُر الى ساعة يَدَها تتفقّد الوَقت...