١٠ * النهاية.

280 20 53
                                    

*بعد مرور يومين:

كان يعلم عمر انّهُ سيواجه هذا اليوم،
حتى و اِن ادّعى انه متأملاً و متفائلاً،الّا ان حقيقة بقاء زوجته الى جانبه لشهرٍ فقط كسرت جميع آماله و احلامه،
فمن بعد الجلسة الثانية من العلاج اشتد التعب عليها هذا الصباح اكثر و اكثر،
فقد شعرَت بكسلٍ يُتعب جسدها اكثر من السابق،
فذهب بها الى المستشفى مجدداً،
و اتّضحَ ان جسدها لا يملك مناعةً بتاتاً،
التجوال و بناء بيت الشجرة و العلاج مجدداً قد اتعب جسدها هذا الصباح بشكلٍ لم يلحظه عمر طوال هذا الشهر،
في اي لحظة سيستسلم جسد سوسين و يرفع الراية البيضاء،
كانت مستلقية على السرير في المستشفى،و على طرفه يجلس عمر،
كان يحتضن يدها الناعمة بكلتا يديه،
ينظر اليها بحزنٍ و عتابٍ شديدان،
على الرغم من ان لا حاجة لنظرات عمر المعاتبة لها،
الّا ان عمر لا يرغب بأن تذهب زوجته و تتركه وحيداً بعد ان تعلّقا ببعضٍ طوال هذه السنين،
رفعَت عيناها المُتعبة تنظر اليه،
نظرَ اليها بحزنٍ و أسى واضحيْن،
و بصوتها الهامس:اعتذر.
اغرورقت عينا عمر بالدموع،
هذا ليس خطأاً من سوسين لتعتذر و لكن يبدو انها فهمت عتاب عينا عمر لها،
شد قبضة يديه التي تُمسك يدها،
عمر:ستصبحين بخير،لا تعتذري حبيبتي.
اومأت سلباً بخفّة بسبب التعب الذي يجتاحها،
سوسين:انا..كنتُ انانية،بدأت عيناها ايضاً بالامتلاء،
اومأ عمر سلباً:لا لستِ انانية،تقدّم جسد عمر ناحيتها،سنخرج اليوم من هنا و نعود الى المنزل،بدأ بالابتسام بحزن،ما رأيكِ ان نفعل المتبقي في القائمة؟..او ما رأيك هل نخرج لنمشي على الساحل اليوم؟..تحبّين ذلك.
سوسين:سنخرج..،بلعت ريقها،ستسبقني انت.
تعجّب عمر،
سوسين:ستمشي لوحدك..،سقطت دموعها،كم انا انانية.
عمر:لا سوسين،بدأ بتلمّس وجنتها و يمسح دموعها،لا تقولي ذلك انتِ حبيبتي و زوجتي،لستِ انانية سنخرج اليوم و نستمتع،ستكونين بخير.
سوسين:كان يجب ان ننفصل بمجرّد علمكَ بمرضي.
عمر:لا،لا ننفصل،لمَ انفصل و انتِ تحتاجيني؟.
سوسين:و لكنّكَ تعبتَ معي كثيراً.
عمر:التعب الذي يأتي منكِ راحة.
اومأت سلباً:كنتَ يجب ان تكون مرتاحاً في منزلك الآن..زوجتكَ الى جانبك..طفلكَ نائماً بينكما..حرمتكَ من كل هذا و لا زلتَ تبقى الى جانبي.
عمر:سوسين جميلتي انتِ لم تحرميني من اي شيء،انا سعيدٌ بالبقاء الى جانبك سواءاً بيننا طفلٌ ام لا،فأنا افضّل البقاء معك في جميع الحالات،الأهم لدي انتِ،لا يهمني البقية.
سوسين:بلى يهمّك..لا يوجد رجل لا يرغب بأن يكون أباً،كنتُ انانية بجعلكَ تبقى الى جانبي،لن تستفد شيئاً في النهاية،سأذهب و تبقى وحيداً دون زوجة و دون طفل،على الاقل لو انفصلنا،و لكنني انانية لا اسعى سوى خلف مصالحي.
عمر:لستِ انانية،انا راضٍ بكل هذا،لا ارغب بطفلٍ طالما لم يكُن منك،مسحَ دموعها الجديدة،ارتاحي قليلاً،لا تتعبي نفسك.
سوسين:انا التعب بحد ذاته،اعتذر عمر.
عمر:سوسين ارجوكِ لا تعتذري انا مرتاحٌ بكل هذا و مستعدٌ للبقاء الى جانبك الى الأبد،هذا واجبي تجاهك،سكَب الماء في الكوب،هيا ستشربي القليل من الماء ليمدّكِ قليلاً من القوة حسناً؟.
رفعَها بكلتا ذراعيه،اسندها في صدره،
رفعَ الكوب:هيا جميلتي اشربي قليلاً.
همَست:لا اريد.
تنهّد عمر و ارجع الكوب،
اَلصقها في حضنه و احتضنها جيداً:و لكن لكي تكونِ بخير يجب ان تشربِ الماء،و تتناولِ الطعام،صحيح؟.
لم تُجبه،كانت معاندة و في ذات الوقت لا تشعر برغبةٍ بشرب الماء حتى من التعب،
الصقَ رأسهُ برأسها:ما رأيك؟..،بدأ بالتمسيد على ظهرها و تلمّس شعرها،عندما تصبحين بخير سنذهب انا و انتِ في شهر عسل..كان شهرنا لأسبوعين فقط و لم نهنأ به جيّداً،سنذهب اوّلاً الى لندن انها جميلة جداً و انتِ تحبّين التسوق و الصخب لذا ستكون فرصة جيّدة لترفّهين عن نفسك،اساساً انا تعجّبتُ انكِ لم تكتبيها في قائمة الاحلام،سنبقى هناك لأسبوع و الاسبوع الذي يليه سنذهب الى اي بلادٍ افريقية،ابتسم،تحبّين الحيوانات انتِ،سمعتُ انه يمكننا الاستحمام مع الفيلة،سيكون ظريفاً ذلك الى جانبك،بعدها نذهب الى اسبانيا و نأخذ دروساً في رقص السالسا بما انك ماهرة و تحبين ذلك،ما رأيك؟،امال رأسهُ اليها،و لكن لا يعقل انّكِ لا تجيبيني،رفعَ ذقنها بيده،سوسين؟.
سوسين كانت بعينين مغلقة،
بلعَ عمر ريقه:سوسين؟.
كان رأسها ثقيل يكاد يسقط،
اسندَ رأسها بيده و مباشرةً نظر الى الجهاز،
انه يُظهر نبضات قلبها،
لا يزال الجهاز يُظهر ذاك الصوت المزعج،
تنهّد و ارجعها الى حضنه،
كيف يعقل ان ينسى نعمة وجوده؟،
احتضنها جيّداً،
عمر:ارتاحي جميلتي،بدأت عيناه مجدداً بتكديس الدموع،لا ارغب بفقدانك ابداً،وضعَ قُبَلٌ متفرّقة على شعرها الدافىء،
خرجَ صوتٌ مهمهمٌ من سوسين،و حرّكَت رأسها قليلاً،
نظرَ اليها عمر مباشرة:جميلتي،تحتاجين شيئاً؟.
اجابتهُ بصوتها النعس:جسدي يؤلمني اريد ان استلقي.
عمر:بالطبع،بالطبع،وضعَها ببطءٍ و بكل هدوء على السرير،قامَ بتعديل الوسادة خلفها،مناسبٌ هكذا جميلتي؟.
اومأت ايجاباً،
امال اليها و وضع قبلة على جبينها،
عند رفعه لنفسهِ رفعت سوسين يدها تلمّست وجهه،
نظرَت اليه بعينيها اللامعة:لا تبكِ.
عمر بكى،لم يقدر على تحمّل ذلك،
وضع رأسهُ فوق حضنها و استمر بالبكاء فقط،
تلمّست شعرهُ و حاولت احتضانه بيدها الاخرى،
كانوا بلا حيلة،لم يعرفوا ما يجب عليهم فعلهُ لإبعاد هذا الاذى الذي اصابهم،
رفعَ عمر رأسه عندما ادركَ انه فوق صدرها،و بذلك لربّما سيعيق تنفّسها،
نظرَ اليها فتقابلت عيونهم اللامعة للمرة الألف،
مسحَ دموعها و مسحَت هي دموعه،
عمر:احبّكِ كثيراً.
ابتسمت رغم انه يعلم تلك الابتسامة لم تظهر الّا من ألم،
سوسين:سأحبّكَ لما بعد موتي ايضاً.
اَلصقَ وجهه بوجهها،جعلهما يتلامسان،
وضعَ قبلة دافئة على شفتيها،
عمر:لم اندم انني احببتك.
سوسين:و لم اندم..لنذهب الى منزلنا الآن.
ابعد عمر نفسه:لا ستبقين هنا لأتأكد انّكِ بخير.
سوسين:سأكون بخير في المنزل،و انت الى جانبي لن اقلق ابداً.
عمر:اسأل طبيبك و نرى ما يقول.
سوسين:عمر لنذهب.
عمر:أتشعرين انّكِ افضل؟.
اومأت سوسين ايجاباً:انتِ بجانبي سأكون بخير.
عمر:حسناً.
قرر عمر اخذ سوسين الى المنزل رغم ان الطبيب قد اخبره انها يجب ان تبقى تحت المراقبة بسبب مناعتها المنعدمة الّا ان عمر اخبره بأنه سيعتني بها جيداً،بلا شك.

مَلاذ♥️(süsöm)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن