٢٠٠٨/٥/١
الصمت و الصراخ يتنافران داخلي . طفلة دفنت حية اعتقد في تلك اللحظة فقدت الشعور بالخوف او ربما بسبب الصدمة التي جرت لي لم اعد اشعر بأي شيء...
اتذكر صوت الاقدام و هي تبحث عني في الارجاء اسمع صوت حشرات الارض و هي تدندن في اذني اسمع انفاسي الاخيرة و هي على وشك الانتهاء اشعر بالعرق و هو يتصبب من جبيني ثم يحرق عيناي اشعر بيد دافئة تمسكني بقوة لكن لا يمكنني الرؤية بسبب ظلام المكان. سمعت همسات في اذني لا افهمها كأن شخصاً ما يخبرني سر بحذر و بصوت خافت... اخر كلمة سمعتها قبل ان افقد الوعي هي كانت "اكتشفي الحقيقة" لم افهم او أعي هذه الكلمة الا بعد ما حلت عليه اللعنة ...
٢٠٢٤/٥/١
انا غدير ... المحققة غدير..
وقفت على قدمي من جديد ثم اخذت احدق على نفسي بالمرأة .
تذكرت هذه القضية ..
عرفت في تلك اللحظة بأني الآن في نقطة البداية سأرى الجريمة من بعيد دون تغيير القدر . سأجد القاتل .
اخذت نفساً عميقاً ثم مسحت وجهي بأكمام الفستان الابيض المتسخ بالتراب . فتحت الباب برفق و انا انظر للاسفل بدئت برفع رأسي رويداً رويدا محاولة اقتباس شخصية حرير الغامضة و لعب اللعبة بذكاء . عرفت بتلك اللحظة ان من اخرجني من ذالك المكان المظلم هي سر الفتاة ذات العيون الرمادية .
ريما : كيف تشعرين الآن؟.
سر : بالطبع بخير .
ريما : سألت حرير لم اوجه السؤال لكِ .
سر : اعلم .. هي بخير. ألستِ كذالك؟!
حرير : نعم، انا بخير .
نظرت إلي ريما نظرة غريبة و كأنها لا تثق بسر على الاطلاق .
٢٠٢٤/٥/٢
الساعة ١٢:٠٠صباحاً.
لم اشعر بالنعاس في تلك الليلة .
سمعت صوت اقدام تتحرك ببطء محاولة الاقتراب من سريري
تظاهر بالنوم لكن عيناي كانتا خائنتان لم يستطيعا ان يتظاهرا بالنوم ..
ريما : حرير .. حرير...حر...
حرير : ماذا؟!
ريما : كم انتِ فاشلة بالتمثيل.
حرير : ها؟!
ريما : انني ارى عيناكِ كيف ترتجفان.
حرير : حقاً؟.
ريما : الا تعرفين كيف تلعبين لعبة الاستغباء ؟!
حرير : الاستغباء؟!
ريما : لعبة الاستغباء. يجب ان تلعبيها بذكاء .
حرير : كيف العبها ؟!
ريما : الخداع...
حرير : الخداع؟!
نظرت الى عيناي الخائفتين ثم بدئت عيناها تذرف الدموع مع شهقات البكاء التي ايقظت جميع من في الغرفة . كم كانت هذه الدموع حقيقية . كالثعلب الماكر...
استيقظ كل من في الغرفة ثم اخذوا يحدقوا بي . اتجهت سر بسرعة الي ثم قالت لي ..
سر : ماذا يحدث هنا؟!
ثم اخذت تمسح دموع ريما الكاذبة و حملتها الى سريرها و كأني انا هي المذنبة .
بعد هذه الليلة كل من في الغرفة رجع بهدوء الى سريره و نام في سبات عميق الا انا لازلت اشعر بغرابة المكان.
في الصباح عندما اشرقت الشمس و ملئت الارضَ ضياءً .. خرجت الى خارج الميتم ثم جلست على كرسي صغير في حديقة الميتم.
اخذت احدق في المكان و بعيون باهتة كالورد الذابل..
شعرت بأن احداً ما يجلس بجانبي ادرت رأسي شمالاً وجدت ريما تجلس في الكرسي الذي بجانبي . كانت تنظر الى حائط الميتم و لم تضع عينيها علي و لم تنطق اي حرف كانت تجلس مثل الصنم لا تتحرك و لا ترمش و لا حتى تتكلم . حاولت تجاهلها لكن المنظر كان غريباً للغاية.
كنت مصرة على تجاهلها لكن..
ريما : من اخرجك من ذاك المكان؟!
حركت رأسها بأتجهاي لكن جسدها كان ثابتاً في مكانه و اخذت تحدق بعيني.
حرير : ماذا ؟!
ريما : اتلعبين دور الضحية ام تجيدين الاستغباء؟.
نظرت إليها و ملامحي كلها تسؤلات ...
ريما : من اخرجك من القبو؟!
حرير : سر .
ريما : بالتأكيد ، من غير سر يفعل هذا.
حرير : لا افهمك ؟!
ريما : أحقاً لا تفهميني ؟؟!
حرير : لماذا كنتُ في القبو وحدي هناك؟!
ريما : سأخبرك.. لكنه سر بيننا لا تدعي احد يعرف ان من اخبرتك.
حرير : حسناً .
ريما : الا تذكرين ماذا جرى قبل ان تُحبَسي بالقبو؟!
حاولت ان استرجع بعض من ذكريات حرير فهذا ليس جسدي و هذا العقل ليس عقلي .
اتذكر صوت صراخ و شجار حاد ..
ريما : و ماذا ايضاً؟.
حرير : اتذكر صوت الباب يطرق بقوة ثم صوت بكاء و نحيل . هناك كلمات عشوائية تدور برأسي.
ريما : ما هي؟!
حرير : موت.. ه...ه.. هند؟!!.
اشعر بأن الدم خرج من جسدي و اصبحت بلا روح كأن الهواء نفذ و توقف كل شيء حولي .
نظرت إليها بعين ممتلئة بالصدمة و الرعب تجمدت اطرافي و أسودَ النهار كأن الشتاء حل و السماء تحجبت بالغيوم .
لا استطيع ان انطق اي كلمة. صمت بعد صمت...
اصبح كل شيء واضحاً داخل رأسي سبب وجودي في ذالك القبو المعتم ثم سبب موت هند ....
إنها ليست قضية مقتل ريما فقط . بل هناك ضحية اخرى.
٢٠٢٤/٤/٢٩
(( في ليلة من ليالي الميتم استيقظت حرير على صوت قطرات مياه كان الصوت يزعجها لذا ذهبت لأغلاق صنبور المياه و لكن حرير لم تنتبه على ان الباب كان مفترحاً مسبقاً و ان صنبور المياه بعيد للغاية عن غرفة نومِهم فقد كانت عالقة في نومها و لم تقوم بفتح عينيها الناعستين و لو قليلاً الا بعد ما شعرت بماء يبلل اقدامها الصغيرة لذا قررت ان تفتح عينيها العسليتين لكن مصباح الممر كان يصعب الامر.
بدئت بفتح عينيها رويداً رويدا لكن الصدمة هي ان لم يكن هناك اي ماء او حتى صوت قطرات ماء بل كان صوت قطرات دماء هند تتساقط من اعلى السقف بعد ما قتلت ثم شنقت .
بدئت اشعر بمشاعر حرير في تلك اللحظة و المشاهد المأساوية التي رأتها هذه الطفلة.
كان الصمت في تلك اللحظة يقتلها لم تتمكن حتى من الصراخ لم تستطع ان ترمش و لو لثانية .
كانت تظن لا يوجد اسوء من هذا المنظر .. تغير الوضع جذرياً بعدما سمعت صوت اقدام تنزل من السلم الخشبي ...اقدام ناعمة ، هادئة . حركت رأسها ببطء لِترى لمن هذه الاقدام ؟!!
وجدت ريما تنزل من السلم تُدَند بصوت هادئ .. اقتربت إليها ثم تبسمت ابتسامة حقيرة و هي تنظر الى وجهِ حرير الشاحب و ملامِحِيها المتجمدة.
مسكت معصمها بقوة ثم سحبتها الى قبو الميتم . كانت حرير تتحرك بلا وعي من أثر الصدمة لازال المشهد ينعاد داخل رأسها مراراً و تكراراً ...
جلست حرير على الكرسي ثم اخذت ريما تربط عينيها بقطعة من القماش أغلقت عليها الباب .
غسلت يديها الملطخة بالدماء كانت مبتسمة و تنظر الى وجهه القبيح المجرم بالمرأة و كأنما فعلت كل هذا عن عمد لازلت لا اعرف السبب... استيقظت سر و بدئت بالصراخ بوجه ريما لكن لماذا كانت تصرخ بوجه ريما؟!
هل من الممكن لانها عرفت ريما المجرمة؟! ام من حزنها على هند فلم تعلم على من تفرغ غضبها؟!....))
استرجعت حرير كل الذاكرة في تلك اللحظة و كانت مليئة بالحقد تجاه ريما .
اخذت نفساً عميقاً ثم مسحت دموعي حاولت تذكرين نفسي بأني لست غدير انا لازلت حرير... لا يمكنني تغيير القدر.
مازالت تلك المشعوذة الصغيرة تنظر إلي و لازالت تبتسم ابتسامتها الخبيثة ..
ريما: يا لها من حادثة.
حرير: كم انتِ قبيحة ... كيف؟! كيف فعلتي هذا؟!
ريما : اهدئي . هل نسيتي إيتها الثعلب مَن العقل المدبر للجريمة؟.
حرير: ماذا؟.
ريما : ماذا حدث ؟! هل نسيتي مَن المجرم الحقيقي هنا؟! انا فقط قلت لكِ احب رؤية الدماء و شعور الخوف ثم صوت البكاء.
انتِ مَن شجعتني على القتل .
حرير: ك.. كيف؟! ماذا تهلوسين...
ريما : بعدما تركتكِ امكِ بهذا الميتم و انتِ اصبحتِ مريضة بالاضطراب ... لا يمكنك التحكم بنفسك انتِ لستِ بريئة . انتِ مَن اقترح عليَ فكرة القتل ثم لعبتي كالثعلب الماكر دور المسكينة.
(( غدير: عندما يقترب دور الجريمة افقد سيطرتي على الشخصية التي اني بداخلها و هنا كذالك فقدت السيطرة على حرير كأنني ارى من بعيد لكنني انا الجريمة ... فعندما افقد السيطرة اعلم بأني وقت الجريمة هو الآن)).
وقفت حرير على قدميها الصغيرتين ثم مالت رأسها يميناً و اخذت تمشي ببطء الى غرفة نومهم .
بِغباء اتبعتها ريما كانت بكل ثقة تظن ان الضحية التالي هي حرير.
راقبت حرير خروج الفتياة من الغرفة لتناول الفطور صباحاً.
دخلت الغرفة بهدوء و تركت الباب مفتوح بعدها بثواني دخلت ريما الى الغرفة ثم اغلقت الباب بكل شجاعة.
حرير : أتعلمين. طالما كنت معجبة بِثقتك العالية بنفسك.
ريما : اقول بتفاخر لستِ اول شخص.
ثم اخذت ريما كأس الماء لتشرب دواءها لانها مصابة بالربو حان موعد شربها للدواء قد كانت حرير تعرف هذه الخطوة الذكية.
اثناء شربها للماء تبسمت و قالت هل تعلمين مَن الضحية التالية؟!.
اجابتها حرير انتِ هي اول ضحية لي.
شعرت ريما بالاختناق مسكت عنقها بقوة ثم سقطت على الارض و باتت عيناها مفتوحة زرقاء تكاد ان تخرج من جمجمتها .
اخذت حرير حبل ثم لفته على عنقها و كأنما ريما قامت بالانتحار بعدما قتلت هند و دفنتها بحديقة الميتم .
لسوء حظ حرير كان هناك شخص يعرف كل شيء و هي سر. اخر مَن تبقى فعند موت ريما كانت سر تعلم مَن المجرم الحقيقي .
هذه الغرفة انغلقت ابوابها و اصبحت حرير تنام بغرفة معزولة و بعيدة عن سر.
لكن سر اصرت على ان تواجه حرير. ففي احدى اليالي ذهبت سر بهدوء تعلم بأن حرير لا تنام اليالي لذا طرقت الباب بسرعة ثم رمت بورقة تحت الباب .
اخذت حرير الورقة كان مكتوب بِها
( تعالي الى الحديقة إيتها الثعلب)
لم يناديها احد بهذا اللقب غير ريما لذا استغربت بشدة و راحت تركض بسرعة الى الحديقة.
وجدت سر تقف بعيداً و تحدق بالنجوم التي تملئ السماء.
اخذت تمشي ببطء و هدوء ثم وقفت خلف سر و قالت:
حرير: اليل يشبهكِ.
نظرت سر إليها بشجاعة و بدون اي خوف
حرير : غامض، هادئ، ساكن... يشبهكِ تماماً.
سر : يا ليت هناك من يشبهك فلا احد كجشعكِ.
حرير : مَن اين تعرفين الثعلب.
سر: اعرف الحقيقة .
وقفت حرير بتخصر ثم وضعو يديها واحده داخل الاخرى.
حرير : حقاً؟!
سر : كيف يمكن للانسان ان يكون بهذا الجشع.
حرير: أوثقتِ بكلام ريما ام ريما كانت ذكية لتلعب دور الضحية.
سر : الضحية التي قتلتها بدم بارد؟!
حرير : لماذا كنتِ تصرخين بوجه ريما عند موت هند.
سر : اعلم بأنكِ انتِ مَن قتلتها.
حرير : اذاً كانت ذكية لتلعب دور الضحية.
سر: ماذا افعل؟!
حرير : تصمتين .
ادارت سر ظهرها لترحل لكن كان هذا رحيلها الابدي بعد ما كانت هي الضحية التالية..
ثم دفنت بجانب هند في الحديقة قرب القبو ..
١٢:٠٠صباحاً
ايقظني المنبه ثم سمعت صوت الباب يطرق ذهبت مسرعة و اني سعيدة لانني قمت بحل لغز اخر.
فتحت الباب وجدت علي يقف مستعداً و متحمساً للمغامرة .
علي : هيا لنذهب.... ما بكِ وجهك مخيف.
غدير: انا سعيدة.
علي : اعلم لعذا وجهك مخيف.
غدير : اصمت و اتصل بالدوريات الشرطة في الحال.
علي : ماذا يحدث؟!
غدير : سوف ترى...
ذهبت مسرعة للميتم. استيقظ كل من هناك . عندما دخلت من باب الميتم شعرت بالحزن ثم تقشعر كل بدني حال دخولي الى الحديقة عندما تجمعت الاحداث داخل رأسي و كل ما حدث في هذه الحديقة المظلمة .
خرج جميع الاطفال في الميتم و خرجت المديرة ثم خرج الشخص المنتظر (الثعلب) يقف بعيداً.
ناديت بصوت عالي و مرتفع من بعيد قائلة..
غدير : (إيتها الثعلب).
تجمدت حرير بمكانها باتت تنظر إلي بعيون الثعلب الماكر . اخبرت الشرطة بأن يلقوا القبض عليها بعدما اخذت تصريح لفعل ذالك ثم قاموا بتفتيش الحديقة وجدوا جثة هند متحللة لكن جثة سر لازالت جسدها لم يتحلل بعد.
كدليل على ان حرير هي المجرمة سقط خاتم حرير اثناء حفرها للقبر و ايضاً بصماتها لازالت موجود ...
.........النهاية؟؟
كلا لازال هناك الكثير العالم مليئ بالمتسخين الذين لا يعرفون قيمة الحياة و لا يعرفون قيمة انفسهم كل مجرم نهايته معروفة .