المقدمة الأخيرة

6K 172 15
                                    

هناك صراع أزلي بين ما هو منطقي وما هو حقيقي ... وللأسف تم أدلجتنا وبرمجتنا على الخلط بينهما وخرجنا بمفهوم مدمر وهو أن كل شيء حقيقي لا بد وأن يكون منطقياً أو على أقل تقدير يحمل الكثير من الواقعية وهذا المفهوم نواة للكثير من الجهل المتفشي

بيننا عما يدور حولنا.

من المنطقي بالنسبة لمعظمنا أن يتغلب الخير على الشر دائماً ولذلك صدقنا هذه الفرضية» وتعاملنا معها على أنها حقيقة حتمية ستتحقق طال الزمن أو قصر لكن يؤسفني أن أخبرك بأن هذا غير صحيح فالخير والشر يستمدان قوتهما ممن يؤمنون بهما وانتصار أحدهما على الآخر مرهون بالدرجة الأولى بقوة إيمان من يحمل راية دون الأخرى.

وهذا يثير سؤالاً آخر .. هل الجياد خير أم شر ..؟

وهل للحياد وجود من الأساس ...

هل هو مقصور فقط على الحياد بالقول والعمل أم يشمل كذلك

المعتقد والفكر ...

الحياد في اختيار العقيدة عند البعض يعتبر كفراً بواحاً وعند البعض

الآخر يعتبر حرية شخصية وكذلك فالإيمان بمعتقد أو بمنظومة في معينة يسلب منك حق اتخاذ قراراتك وتصبح بلا اختيار منك خت

بالنسبة الجماعة وشريراً في نظر جماعة أخرى.
من الإنسان مجبول في كثير من الأحيان على عدم الاعتراف بأنه على خص حتى لو أدرك وتيقن من ذلك فإنه يفضل أن يبقى على الخطأ الذي دافع عنه وآمن به ومارسه طويلاً على أن يتراجع عنه وهذا الأم
سيكون لا بأس بها به لولا أن بعض هؤلاء البشر «الخطئين» يسير من
خلفهم مجموعة بل في بعض الأحيان حشود غفيرة من المصدقين لهـ والذين ساروا وراءهم مغيبين لعقولهم مؤمنين بهم حد الكفر بغيرهم السنوات طويلة وقد ينتبهون متأخرين ويحاسبونهم أشد الحساب على

أعمارهم التي أهدرت بسبب تفسيرات وتأويلات خاطئة.

وخشية من سخطهم وانقلابهم عليهم والاقتصاص منهم يستمر هؤلاء المضللون بالدفاع عن منهجهم الخاطئ باستماتة وينبذون أي تصحيح أو تجديد لفكرهم المعطوب فصاحب الفكرة الخاطئة يهون

عليه ضلال الناس على أن يسقط من أعينهم وبين أيديهم.

وهذا يقودنا لسؤال آخر

ما هو أفضل بديل للحقيقة؟
الإجابة .. كذبة يصدقها الجميع . فالكذبة التي يتفق الكل على حقيقتها أقوى وأطول عمراً من الحقيقة التي لا يؤمن بها سوى القلة ...

تغيير قناعة شخص مصدق بأمر ما أو فكرة معينة أسهل بكثير من إقناع المتردد في قبولها، لأن المتردد لا يتخذ قراراً حاسماً في معظم شؤون حياته سواء كان صحيحاً أو خاطئاً فهو معطل من كل النواحي الفكرية والجسدية والحديث معه مضيعة للوقت لأنه حتى وإن اقتنع فسيتردد بالتصريح والاعتراف بذلك وإن اعترف فسيتخاذل في تغيير سلوكه بناء على هذه القناعة الجديدة وإن فعل فسيتردد في إقناع غيره بها والقائمة تطول ولا تنتهي من تلك المطبات والحفر التي تجعله متذيل الطريق متأخراً عن اللحاق بالركب الفكري السوي ليقع فريسة سهلة لمن يسمون أنفسهم بـ «المفكرين» لأنهم يسلمون عقولهم

لهم دون تحفظ أو مساءلة لما يطرحونه.

التفكير والتفكر ليا تخصصا علميا بل طبيعة بشرية .. ومن ينسب

النفسه لقب «مفكر» أو لغيره يؤكد أنه لا يفقه معناها ...

أشياء كثيرة تخيفني .. أعترف بذلك .. لكن مصدر ذلك الخوف لم

يكن يوماً جناً أو شياطين .. بل بشراً .. بشراً يسيرون معنا وبيننا ...

يفرقون تلاحمنا ويبددون قوتنا ويعززون فرقتنا بأفكارهم المسمومة ... وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ... من مبدأ: الأقربون أولى بالمعروف بالطبع ....

الخوف ذكاء فطري وغريزي .. وما نسميه شجاعة غالباً ما هو إلى اندفاع غير محسوب النتائج من مجموعة من الحمقى الذين لا يجيدون استخدام عقولهم ... الشخص الذي يحسب الاحتمالات والعواقب لكل تصرف يقوم به ويضع الخوف أمامه كرادع هو إنسان يملك عقلاً

نشطا ومتقدماً وليس لدي أدنى شك بأن العكس صحيح.

لذا عزيزي القارئ ... كن خائفاً .. خائفاً جداً

ووفر شجاعتك لشيء يستحق ...

لأن نهايتك قد تكون على يد أكثر من تثق برأيهم ونصيحتهم ... فلا يوجد شيء أكثر رعباً وقسوة في هذه الدنيا من البشر ...

«هذه المدونة توثق الفترة التي قضيتها بعد العهد الذي قطعته للرجل الأنيق بتذكر «جواهر» حتى تعود لأهلها وتم إعادة صياغة المذكرات بقالب روائي متعدد الخطابات لتحاكي الأحداث من جميع الزوايا ووجهات نظر الشخصيات ...»

خوف3حيث تعيش القصص. اكتشف الآن