الفصل الرابع

774 36 0
                                    

الفصل الرابع
وأصبح دوائي هو عملي فلأتقنه حتى لا تكون الخسارة متزايدة فيكفي القلب ومايشعر به من آلام.
شعرت ولاء بالحيرة وخاصة بعد سفر ولاء المفاجئ والتي لا تعلم أسبابه، فهيأ لها خيالها ان تلك التسنيم ماهي الا زوجته او حبيبته وذهبت إليها لاحتياجها إليه.
أصاب قلبها الحزن فدون إرادة منها مال قلبها إليه. كانت دائمة الإتصال على عائلتها وتذهب عليهم بعطلة نهاية الأسبوع دائمًا، شعرت والدتها بإنشغالها وعند سؤالها أخبرتها بما تشعر فهي لاتخفي شيئا عن والدتها.
أشفقت والدتها عليها فكيف لهذا الشخص ان يرتبط بإبنتها إبنة الموظف البسيط والتى تعمل بشركته ورغم هذا أخبرتها أن كل شئ بيد الله ولتترك كل شئ لترتيب القدر.
ركزت بعملها وبأن يخرج على أكمل وجه، كانت بشوشة مع الجميع فأحبها الجميع بصدق، ترتدي دائما بنطالا واسعا وعليه بلوزة طويلة فكان مظهرها رائع رغم حسمتها وحجابها الملفت الجميع بتلك المنطقة إما إعجابًا او سخرية من بعض المتنمرين المدعين للتحضر.
أما ولاء فسافر سريعة بعد ان علم بتدهور حالة والده ولم يخبر أحدا غير كريم والذى رآه صدفة فى ممر الفندق.
كان يود ان يذهب إليها ليخبرها ولكن بأى سبب سيقول لها أنه مسافر؛ خاصة عندما علم بإنسحابها المفاجئ ولايعلم لمَ شعر بالحزن عندما وجدها قد غادرت ولكن بنفس الوقت وبذكائه المعهود تبسم بشدة عندما شعر أنها من الممكن ان تكون قد شعرت بالغيرة عند سماعها لإسم والدته، أرضاه هذا التحليل وبشدة ورغم هذا كان يود الذهاب إليها ليخبرها بمرض أبيه ولأول مرة كان يريد المؤازرة من أحد وليس أي شخص بل منها هي.
مرت عدة أسابيع شعرت هى بفراغها لعدم وجوده، ظلت تتذكر كيف جعلت غيداء تسأل عنه دون أن تخبرها بشئ فكبرياؤها منعها. من السؤال عليه مباشرة وعلمت حينها بمرض والده؛ الأمر الذي استدعى السفر للخارج وبالطبع لن يتركهم هو.
تشعر بالإشتياق الشديد له ولا تعلم ان هذا هو نفس حاله غير أنه قد أعلن راية الإستسلام وأصبح يسأل عنها كريم بصفة يومية حتى أن كريم عندما يتصل عليه أصبح هو من يخبره دون سؤال الآخر، خاصة بعد ان تأكد من أخلاقها الحميدة والتى جعلت الجميع يحب العمل معها فهى تخرج منهم أفضل مافيهم دون أي تعنت أوأوامر صلدة.
تشعر بأن اليوم مختلف ولا تعلم لمَ؟ ولكن قلبها يدق بطريقة غريبة وكأنه يشعر به بجواره، ظلت تتلفت يمينًا ويسارًا ولكنها لم تر غير العمال والمهندسون الآخرون يعملون بصدق.
إقتربت منها غيداء وهي تقول: مالك كده مش على بعضك؟
أجابتها  بهدوء: مفيش حاجة، متشغليش بالك.
أمسكتها غيداء من يدها وقالت: طب عايزه أقولك حاجة بس متضحكيش.
إستفربت ولاء من وجه صديقتها الخجول وقالت بإبتسامة شديدة: إيييه فيه إيييه؟ حاسة كده بحاجة حلوة.
أجابتها غيداء بفرحة: الجبلة إتكلم؛ باشمهندس حسام نادى عليا من شوية وطلب رقم بابا عشان يكلمه ويخطبني وقالي انه معجب بيا من ساعة ماشافنى بس هو مرضيش يكلمني غير لما ياخد خطوة بجد.
إحتضنتها ولاء بفرحة فصديقتها معجبة هي الأخرى بحسام ولكنها لم تكن تعلم أنه يبادلها الأمر.
أتى كريم واندهش لمظهرهم وقال بإبتسامته المعهودة: خير ياباشمهندين؟!
إبتسمت ولاء وقالت: خير إن شاء الله ياباشمهندس .
إبتسم كريم بخبث وقال: أيوه عارفه أنا الخير ده ماهو حسام بلغني بيه، مبروووك ياغيداء تستاهلي كل خير وحسام راجل محترم وشغال معانا من زمان مشفناش منه أى حاجة وحشه.
ثم نظر لولاء وقال بمغزي: عقبالك يا باشمهندسة ولاء انت كمان.
أماءت بخجل وشكرته، أكمل هو متابعة العمل وتركهم فسألتها غيداء بإستغراب: مش ملاحظة انه بينده للكل بإسمه عادى لكن انت الوحيدة اللى بيقولها ياباشمهندسة؟
هي بالفعل إستغربت الأمر ولكنها لن تستطيع السؤال ولم تكن تعلم أن تلك أوامر ولاء وذلك لغيرته الشديد عليها عندما ذكر كريم إسمها يوما دون لقب.
أما هو ف يسير واضعا نظاراته السوداء يمشط المكان بعينيه فقط إماءة من رأسه تأتى كرد لمن يحدثه وهو بواد أخر متلهفا لرؤية تلك العنيدة التى أبت ان ترحمه فى صحوه ومنامه حتى اسمه كلما ناده أحدهم عادت أفكاره إليها ركضا فينتهى به المطاف رافعا راية الإشتياق لرؤية تلك العيون السارقة لقلبه بلون القهوة خاصتها.
بسمه صغيرة تمردت على جمود ملامحه ناظرا لكوب القهوة الصغير بيده كيف صار مدمنا عليها وهو العازف عنها قبلا هز رأسه بسخريه من حاله لا يعلم ما أصابه او يعلم ولكنه القلب خائف عنيد متردد يحتاج إلى التفكير.
حتى انه لم يستطع أن ينتظر لكي ينتهي من إحتساءها وأخذها معه بكوب ورقي بعد ان طلب ذلك.
تنهيدة عالية خرجت منه عالما بأن ما يحدث له غير طبيعي بالمرة وهو الشخص العملي الذى تترمى أسفل قدميه أكثر النساء فتكًا وإثارةً ولكنه أبدًا لم يلتفت لإحداهن لتأتي تلك الولاء لتجعله راكعًا على قدميه لها دون أدنى مجهود منها.
هز رأسه يلتف بجزعه ينظر الموقع وللأعمال القائمة به بإعجاب شديد لذلك الإنجاز بوقت قصير لتتيبس قدماه أرضا ، تحفز سائر جسده وبرزت عروقه بغضب وهو يستمع إلى ذاك الحوار الدائر ، فمقدمته فقط كان كافيه لاشعال فتيل الحرب داخل قلبه
_يا حسين يا حسين.
_في ايه مالك وبتنادي عليا كده ليه يا حسين يا حسين حصل ايه؟
العامل وهو يلتقط أنفاسه: اصل البشمهندس ولاء عايزك.
حسين تاركا ما بيده ملقيا اياه أرضا بسرعه وقف أمامه وقال بتساؤل:  مين فيهم الكشري ولا النواعم.
العامل بغمزه: لا العسلية مستنياك فى  الوجهة التانية بتقولك  فيه حاجه غلط مخالف للتصميم ومحتاج يتعدل .
أشار إليه مودعا إياه وقال: سلام بقه عشان مش عايز أتأخر عليها انت عارف مبتقدرش تستغنى عني.
تبتسم حسين بهيام وقال:  يا بختك، استنى خدنى معاك.
اوقفه عامل ثالث إلى جواره: ماتخلص ال فى ايدك ده الاول وبعدين روح لها ما تجبلناش الكلام من الكشري لحسن ده جه النهارده وبيمر.
حسين: قصدك مين؟
العامل: المهندس ولاء الراجل.
حسين بهيام: بذمتك لو وحده زى المهندسة ولاء بعتتلك تسيب ال فى ايدك ولا لا.
العامل بتنهيدة: لاجل الحق الوقفه جنبها كده وهى بتتكلم بتخلى الواحد ينسى نفسه من حلاوتها وأدبها وإحترامها، عارف ياد يا حسين فى يوم انا كنت واقف قدامها وكل ال فى بالى لو واحد زيي اتقدملها توافق؟ اصل ال زيها فى جمالها وادبها واخلاقها ما تتفوش ابدا.
حسين: طب خليك جدع وكمل مكانى وخلينى انا كمان ألحق اتمتع بطله فى وشها...
اكمل يراقص حاجبيه: اتملى فى جمال عيونها وشفايفها وهى بتهزقنى ، اشم...
توقف عن الحديث بفعل تلك القبضه التى أمسكت بملابسه من الخلف تجذبه لصاحبها وبصوت بث الرعب بنفسه:
قولي كده تاني وسمعني الكلام اللى انت كنت بتقوله؟!
ابتلع ريقه بصعوبه: مهندس ولاء!
بنبره تهديديه كانت واضحه المعنى : ها كنت بتقولوا ايه؟
صمت ماذا يقول ليتصرف الثالث سريعا: ولا حاجه يا باسمهندس ده هو كان رايح للمهندسة ولاء فى موقع ب يعدل شغل هناك.
ولاء بحده أجفل لها الاخر: اااخرس.
لو كانت النظرات تقتل لاردته قتيلا نظر له بعمق يتخيل أسوأ السنياريوهات التى يمكن أن يفعلها به لعلها تهدئ اجيج قلبه المستعر فذاك من تمناها زوجه له وبكل بجاحه يقف أمامه ينطق اسمها بين شفتيه هكذا!!
حاول تمالك اعصابه موزعا نظراته عليهما: انا مش بحب اقطع عيش حد بس انتوا مارعتوش اكل عيشكم ومقضينها كلام فارغ.
حسين والعامل: إحنا آسفين يا باشمهندس آخر مرة.
ولاء :  ماهي فعلا آخر مرة لأن المرة الجاية هيبقى العقاب مختلف ودلوقت هتتنقلوا  موقع ج وعلى الله ال حصل يتكرر
العامل وحسين: حاضر.
تركهم متجها إليها بعد ان علم مكانها من حديثهم  متوعدا لها فمن دق لها قلبه تصبح ملكه هو لايجوز لأحد أن ينظر إليها، يتحدث معها، يرى حسن أخلاقها بل كل هذا له وفقط.
"والله لموريكي ياقدري المهبب" هكذا تحدث بينهم وبين نفسه متوعدا لها.
ذهب إلى الموقع وعيناه تبحث عنها كالرادار فوجدها تقف مع بعض العمال تملي عليهم ما تريده ورغم إحتشامها وهي ترتدي تلك الملابس الفضفاضة إلا أنه شعر بالنيران بداخله لأنها تتحدث مع رجال آخرون.
ذهب إليها كالإعصار متغاضيا عن كل من يحدثه حتى كريم والذي نظر إليه بتوجس وقال: هو ماله ده عامل زي القطر وبيطلع نار من عنيه ربنا يستر.
اتجه إليها دون إدراك أمسك يدها وسحبها خلفه دون إكتراث لأعتراضها والذي خرج مستغربا من أفعاله.
تحدثت بخوف: فيه ايه ياباشمهندس، مالك سأبني وراك كده ليه؟ طب لو فيه غلط فى الشغل عرفني وقولي بس مش كده.
إذا كان الحائط يرد لفعل هو ولكنه لا يشعر بشئ غير النار التي أشعلتها كلمات العامل عنها ومازاد الطين بله هو حديث الجميع عنها وعن أخلاقها وبشاشة وجهها ولكن هل يلام الورد على حسنه وبهائه.
أوقفها أمامه ونظر لعيناها بإشتياق شديد وهو يلعن فى تلك اللحظة أنها ليست حلا له فيأخذها بين ذراعيه ليستنسق عبيرها ويرتوي من فيض حنانها.
كانت هي الأخرى تنظر له بإشتياق شديد، تناست ما فعل وتخضب وجهها من نظراته حتى تداركت الأمر خاصة مع علو أنفاسه وإنخفاضها دليلا على عصبيته الشديدة.
سألته بخفوت متأثرةً بنظراته وقالت: حضرتك سحبتنى من إيدي قدام كل العمال من غير سبب.
وكأنه تذكر فقال بغضب حذر: إنت كنت واقفه بتعملي ايه مع العمال؟
نظرت إليه وكأنه برأسين وعادت إليها روحها المتمردة وقالت: نعععم أنا المهندسة المسئولة عن المشروع حضرتك ولازم أتكلم مع أصغر عامل قبل المهندس.
أبتسم بسخرية وقال: أيوه زي حسين كده.
تذكرت ذلك العامل وأنها قد أرسلت إليه من ينادي عليه حتي يتدارك الخطأ الذي وقع ورغم انه خطأ بسيط ألل أنه لاتود ان يكون هناك أى أخطاء ولو بسيطة.
نظرت إليه وقالت: وماله بقه حسين؟
لم يجب عليها وقال بغضب شديد: بصي كلامك مع العمال يكون بحدود وياريت تقولي ملاحظاتك لكريم مثلا وهو يبلغهالهم ولو مش موجود يبقى تكلمي رئيس العمال وهو يبلغهم.
أكمل بغيرة: لكن بقه تكلمي ده وده ولازم كل واحد تعرفيه يعمل إيه لا سامعه ولا لا؟!
نظرت أليه بكبرياء وقالت: ولو قلت مش سامعة تعمل ايه يعنى ياباشمهندس؟
إقترب منها وقال: إتقي شرس يا ولاء.
سألته بعدم فهم: أنا عملت إييه لديه كله؟
وكأنها أعطته الذريعة ليثور بوجهها أكثر وقال: كل ده وعملتي ايه؟ أقولك أنا عملتي إيه؛ خلتينى بلف حوالين نفسي أشوف مين بيبص عليكي ومين مبيبصش، خليتي المهندس ولاء العاقل بقى مش مركز بسبب تفكيره فيكي، خلتينى كل ساعتين أكلم كريم عشان اعرف أخبارك رغم تعب والدي وإنشغالي، حتى اسمي اللى كنت بكرهه بقيت يحبه عشان كل ماحد ينادي عليا بفتكرك إنت.
أشار على قلبه وقال: خليتي ده بيدق فى الدقيقة الواحده ولا مليون دقة بس لما يفتكر ضحكتك، وفى نفس الوقت يتوجع مليون وجع لمجرد فكرة إنك تكوني بتفكري فى حد تاني.
تائهة هي بين كلماته؛ كل حرف ينطقه ينزل على قلبها فيدغدغه ورغم هذا فهي تخاف أن تفسر كلامه بطريقة خاطئة فسألته بغباء: يعني إيه؟!
صرخ بها فلقد فاض به الكيل وقال: يعنى بحبك ياغبية

 نوڤيلا  ولائي وكبريائي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن