Lady De Jorgia 🎻

الفصل الخامس | لِقَاءٌ مُفَاجِئٌ |

فِي مَسَارَاتِ الْحَيَاةِ الْمُتَعَرِّجَةِ، نُوَاجِهُ أَحْيَانًا لِقَاءَاتٍ مُفَاجِئَةً تَتَسَرَّبُ إِلَيْنَا دُونَ سَابِقِ إِنْذَارٍ، حَامِلَةً فِي طَيَّاتِهَا مَشَاعِرَ غَيْرَ سَارَّةٍ قَدْ تَتْرُكُ فِي نُفُوسِنَا أَثَرًا عَمِيقًا. تَكُونُ تِلْكَ اللَّحَظَاتُ هِيَ تِلْكَ الَّتِي نَكْتَشِفُ فِيهَا أَنَّ حَيَاتَنَا لَيْسَتْ سِوَى سِلْسِلَةٍ مِنَ الْمُفَاجَآتِ، بَعْضُهَا يَحْمِلُ لَنَا الْفَرَحَ وَالسُّرُورَ، بَيْنَمَا تَحْمِلُ أُخْرَى عَبْئًا مِنَ الذِّكْرَيَاتِ وَالْمَشَاعِرِ الْمُعَقَّدَةِ......

تَكُونُ تِلْكَ اللِّقَاءَاتُ مُفَاجِئَةً، حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ نَلْتَقِيَ بِأَشْخَاصٍ مِنْ مَاضٍ كُنَّا نَظُنُّ أَنَّنَا طَوَيْنَا صَفَحَاتِهِ إِلَى الْأَبَدِ، أَوْ نُوَاجِهُ أَحْدَاثًا حَاوَلْنَا جَاهِدِينَ تَجَنُّبَهَا بِكُلِّ السُّبُلِ الْمُمْكِنَةِ. فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ، نَجِدُ أَنْفُسَنَا فِي مُوَاجَهَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ الذِّكْرَيَاتِ، كُلٌّ مِنهَا يَأْتِي مَحْمَلًا بِعَبْءِ مِنَ الْأَلَمِ أَوِ الْخَيْبَةِ، مِمَّا يَجْعَلُنَا نَتَسَاءَلُ عَنْ السَّبَبِ وَرَاءَ ظُهُورِهَا مُجَدَّدًا فِي حَيَاتِنَا......

وَقَدْ تَكُونُ تِلْكَ اللِّقَاءَاتُ أَيْضًا مَعَ أَشْخَاصٍ لَا تُرِيحُنَا نَظَرَاتُهُمْ أَوْ كَلِمَاتُهُمْ، الَّذِينَ يُذَكِّرُونَنَا بِأَوْقَاتٍ عَصِيبَةٍ أَوْ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهْنَاهَا سَابِقًا. نَجِدُ أَنْفُسَنَا فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا، نَتَسَاءَلُ عَنْ مَغْزَى تِلْكَ اللَّحَظَاتِ الَّتِي قَدْ تَظْهَرُ غَيْرَ مُرِيحَةٍ، وَكَأَنَّهَا دَعْوَةٌ لِاسْتِكْشَافِ أَعْمَاقِنَا وَمُوَاجَهَتِنَا لِأُمُورٍ لَطَالَمَا حَاوَلْنَا تَجَنُّبَهَا......

تُمَثِّلُ تِلْكَ اللِّقَاءَاتُ لَحَظَاتٍ فَاصِلَةً فِي حَيَاتِنَا، تَدْفَعُنَا لِلْتَّفْكِيرِ فِي مَسَارِنَا الْحَالِيِّ وَمَا إِذَا كُنَّا بِحَاجَةٍ إِلَى إِعَادَةِ تَقْيِيمِ بَعْضِ الْخِيَارَاتِ أَوِ الْعَلَاقَاتِ الَّتِي شَكَّلَتْ تَارِيخَنَا. قَدْ يَكُونُ الْهَدَفُ مِنْ تِلْكَ اللِّقَاءَاتِ هُوَ دَفْعُنَا لِلْتَّغْيِيرِ، أَوْ لِمُوَاجَهَةِ الْحَقَائِقِ الَّتِي لَطَالَمَا حَاوَلْنَا إِخْفَاءَهَا عَنْ أَنْفُسِنَا.

فِي النِّهَايَةِ، تَبْقَى تِلْكَ اللَّحَظَاتُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ تَجْرِبَتِنَا الْإِنْسَانِيَّةِ، تَذْكُرُنَا أَنَّ الْحَيَاةَ مَلِيئَةٌ بِالْمُفَاجَآتِ، وَأَنَّ كُلَّ لِقَاءٍ، سَوَاءً كَانَ سَعِيدًا أَوْ حَزِينًا، يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ دَرْسًا أَوْ عِبْرَةً تَسْتَحِقُّ التَّأَمُّلَ......