الفصل 18 | مَرْسَمُ ٱلْفَارِسِ |

433 24 19
                                    

سَبْعُ سَنَوَاتٍ........

سَبْعُ سَنَوَاتٍ مَرَّتْ وَكَأَنَّهَا الْعُمْرُ بِأَكْمَلِهِ، وَأَنَا أَحْمِلُ فِي دَاخِلِي ذَاكَ الْحُبَّ كَسِرٍّ غَائِرٍ، مَدْفُونٍ بِعُمْقٍ، لَا أَجْرُؤُ حَتَّى عَلَى الْاِعْتِرَافِ بِوُجُودِهِ لِنَفْسِي........

مُنْذُ تِلْكَ اللَّحْظَةِ الْأُولَى الَّتِي رَأَيْتُهَا فِيهَا عَلَى تِلْكَ الشُّرْفَةِ، نَظْرَةٌ وَاحِدَةٌ كَانَتْ كَافِيَةً لِيَعْرِفَ قَلْبِي أَمْرًا لَمْ يَكُنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ. كَيْفَ لِي أَنْ أُفَسِّرَ مَشَاعِرِي تِجَاهَ فَتَاةٍ لَمْ تَلْتَقِنِي وَلَمْ نَتَعَامَلْ مَعَ بَعْضِ؟ لَمْ تَعْرِفِ اسْمِي، وَلَمْ تَكُنْ حَتَّى تُدْرِكُ وُجُودِي......

كَانَتْ فِكْرَةُ أَنْ أَكِنَّ لَهَا كُلَّ هَذَا الْحُبِّ تَبْدُو غَيْرَ مَنْطِقِيَّةٍ، بَلْ وَتَكَادُ تَكُونُ مَجْنُونَةً. كُنْتُ الْأَمِيرَ الْمُحَاطَ بِالْعُزْلَةِ وَالرَّفْضِ، الشَّابَّ الَّذِي سَئِمَ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ وَتَمَنَّى الْمَوْتَ أَلْفَ مَرَّةٍ. فَكَيْفَ أَسْمَحُ لِنَفْسِي بِالِانْجِرَافِ نَحْوَهَا؟ كَيْفَ لِي أَنْ أُحِبَّ فَتَاةً لَمْ تَسْمَعْ صَوْتِي، وَلَمْ أَلْمَسْ يَدَهَا، وَلَمْ أُشَارِكْهَا يَوْمًا مِنْ حَيَاتِهَا؟ ......

كَانَتْ كُلُّ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ تُلَاحِقُنِي كَعَاصِفَةٍ، تَجْعَلُنِي أَشْعُرُ أَنَّنِي أَسِيرُ فِي دَوَّامَةٍ مِنَ التَّنَاقُضَاتِ؛ كَيْفَ لِعَقْلِي أَنْ يُقَاوِمَ، بَيْنَمَا قَلْبِي كَانَ يَرْفُضُ بِشِدَّةٍ أَنْ يَنْسَى؟.....

أَخْبَرْتُ نَفْسِي مِرَارًا أَنَّ مَا أَشْعُرُ بِهِ لَيْسَ إِلَّا وَهْمًا، خَيَالًا فِي رَأْسِ شَابٍّ وَحِيدٍ. لَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، لَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ فَتَاةٍ عَابِرَةٍ. تِلْكَ النَّظْرَةُ، تِلْكَ اللَّحْظَةُ الْبَسِيطَةُ عَلَى الشُّرْفَةِ، كَانَتْ كَافِيَةً لِتَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا مِنِّي، كَأَنَّهَا أَخَذَتْ جُزْءًا مِنْ رُوحِي، وَحَمَلَتْهُ مَعَهَا إِلَى عَالَمِهَا........

حَاوَلْتُ مِرَارًا أَنْ أَدْفِنَ هَذِهِ الْمَشَاعِرَ، أَنْ أُغْلِقَ هَذَا الْبَابَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَجِبُ أَنْ يُفْتَحَ، أَنْ أَتَجَاهَلَ صُوَرَ عَيْنَيْهَا الْخَضْرَاوَيْنِ، بَرِيقَهُمَا الَّذِي يَبْدُو وَ كَأَنَّهُ يُضِيءُ كُلَّ مَرَّةٍ أُغْمِضُ فِيهَا عَيْنَيَّ......

وَ مَعَ ذَلِكَ، عَلَى مَدَارِ هَذِهِ السَّنَوَاتِ السَّبْعِ، عَذَّبَنِي حُبُّهَا بِقَدْرِ مَا مَنَحَنِي مَعْنًى لِلْحَيَاةِ، أَصْبَحْتُ أُفَكِّرُ فِيهَا كَحُلْمٍ بَعِيدٍ، شَيْءٍ لَا أَمْلِكُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ، وَلَا أَمْلِكُ أَيْضًا التَّحَرُّرَ مِنْهُ.......

Lady De Jorgia 🎻Where stories live. Discover now