05| القريَة

24 8 19
                                    

▪︎ سُبحانَك اللهم وبحمدِك، أستغفرُك وأتوبُ إليك ▪︎

---

لا تضرعنّ لمخلُوقٍ على طمعٍ
فإنّ ذلِك وهنٌ منكَ بالدّينِ

واسترزِق اللهَ رزقًا مِن خزائنِه
فإنّما هوَ بينَ الكافِ والنّونِ

-لصاحبه.

---

ما الذي يتبادَرُ إلى ذِهنِكَ عندَما تسمَعُ كلمة "قرية

لا أدرِي ما نوع الذكريات التي تحمِلُونها مع هذه الكلمة، ومع القرية التي تعرفونها، لكِن بالنسبة إلي فالقرية ليست مكانا سأفضل التواجدَ فيه، خصوصا في مثل هذه الأيام التي جُل ما يدُور في داخلِي هو التفكير والتفكير والتفكير فحسب.

وفي القرية الجو الأسوءُ لمثلِ من هم بحالتي، لماذا؟ لأنّ وسائل الهروب تكاد تكون منعدِمة هناك!

كيفَ لا؟ والجو هادِئ، والمناظر طبيعية، المشتتات قليلة إلى شحيحة، وشبكة الإنترنت غير موجودة، وبالكاد تصِلُهم شبكة الاتصال في بعض المناطق المحددة، والليل من انعدام ما يمكن الهروب إليه يمكنه أن يكُون طويلا جدا حتى وهو في الحقيقة أقصر من النهار ثمّ بساطة الناس، وكثرة العمل البدني مقابل العمل الذهني، وسواء كنت في موسم زراعة أو حصاد، وفي أي فصل، أنتَ لن تجِدَ هنا مكانا يعينُك على دفنِ ضميرك.

لذلك تعتبر القرى الأماكن الأفضل للتفكير، وتصفية الذهن، وأتحدث هنا عن القرى التي لم يدخل عليها شيء من التمدن بعد، القرى التي ما تزال محتفظة بأرضها وأجوائها الطبيعية تُحسّسك بكم أنّ المدن مقرفة حتّى وهي في غاية التحضر وكل المرافق فيها متوفرة.

أشعر أنّ النفوس يمكنها أن تزداد بشاعة كلّما توفّرت على ما تهواه.

و...

ما الذي أوصلني إلى هنا؟ ألم أكن أتحدث عن أفكاري وهروبي؟

زفرت باستِياء، فها أنا ذا أصعَدُ ماشيا هذه الطريق غير المعبدة متوجها إلى القرية والتفكير بدأ يأخذني إلى منعرجاته ومنعطفاته بلا هوادة.

رحمتك يا رب.

لا أدري كم سيحتاج الأمر حتّى يُعلن أن الابن الأكبر للتاجر النابغة منصور قد جنّ جنونَه وسيُحفَظُ في مستشفى للأمراض العقلية حتى يأذن الله بالفرج.

زفرت مرة أخرى، وشعرت أن قدمي لا يسعهما حملِي بعد الان، لماذا أرسِلتُ إلى هنا؟ وإلى العم مسعود بالذات؟ لا شكّ وأنّني سأصبِحُ عامِله الجديد، هل بدأ موسم الحصاد؟ وماذا سأفعل بشأن غياب المدرسة؟

تَمَلُّصْ [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن