١ البداية* مطر

234 19 100
                                    


مستشفى الأمراض العقلية / الثامنة مساءً، 20/مايو/2024

خلف باب خشبي موصد مطلي بلون أزرق باهت يحمل لافتة الدكتور المقيم في هذه المساحة، يجلس الدكتور أحمد على كرسيه البني يتكئ بمرفقيه على المكتب، يمسك رأسه بكلتا كفيه و بينهما أستقر دفتر مذكرات مفتوح على أحدى الصفحات التالفة بسبب خط أحدهم المبعثر و التي اختفت معظم الكتابات أسفل خربشات وحشية

ـ لن يمكنني علاجهم!

هتف محادثًا زميل العمل الجالس على الأريكة، يرتشف بشرود من كوب قهوته و التي سقطت بضعة قطرات منها على ردائه الأبيض لغياب وعيه، ما نطق به أحمد جذب أنتباهه، كل منهما مشغول الباب على أحد مرضاه، لكن أخر مريض أستقبله أحمد قبل خمسه أشهر من الآن، كان هو سبب أكتئاب الدكتور نفسه

ـ أ لم تتقدم حالته ولو قليلاً؟

رفع أحمد رأسه، كان له ملامح هادئة و هالة بيضاء تستحضر الأطمئنان لمجلسه، يملك شعر بني مع خصلات بيضاء متناثرة و واضحة في فروه رأسه و لحيته الخفيفة
ابتسم بسخرية على كلام صديقه.

ـ تقصد حالتهم! الجميع مريض من حوله و يحتاجون لمعالجة هوسهم

صمت الأخر فهو قد سمع عن هذا المريض و سمع عن القليل من ما عاشه فقط!، و تأكد عندها بان هذه اصعب حالة تمر على هذا المشفى منذ تأسيسها، و هي تعتبر تحدي لأحمد ذا خبرة سبعة و عشرين سنه في علاج مراجعينه بكفاءة عالية، فهل حقاً سينسحب هذه المره ...
عن نفسه كان ليفعل، و لو كان مكان هذا المريض لقتل نفسه منذ أول شهر هناك، فلا حل لديهم له، هم يعالجون بقايا الاشخاص، وهو لا بقايا له غير جسد متحرك بعقل مبرمج على اللا وجود

اجفل الزميل على انتصاب أحمد عن كرسيه ليهرول خارج المكتب بملامح مرتعبه بعد استقباله اتصال عاجل، جعل منه هو ايضاً يجري خارجا ... تاركين خلفهم مذكرة و قهوة مسكُوبة على الأرضية

قبل تسع سنوات و نصف

الحديقة المركزية/ الرابعة عصراً،
20/ يناير / 2015

يوم الجمعة

صوت عالي لهتافات أطفال ضاحكون، يجرون بين الأشجار يتتبعون أحدى الكرات، على بعد منهم أسفل ظلال الأشجار ألتف أربع أطفال حول أحدهم كان منحني للأرض، يتحدث بحماس كبير كان ألبينو بعيون كبيرة بلون اللافندر، ذا روح مشتعلة، و ابتسامة مشرقة، احتد النقاش مع اصدقائه، تعالت ضحكاتهم، وقبل غروب الشمس توغلوا لداخل الحديقة حيث الأشجار الكثيفة.

وسط ظلمة المكان الخافتة بفعل وريقات الأشجار، بداخل إحدى حاويات الشحن المتروكة أجتمع الاصدقاء، كانت الحاوية مخبأهم، جدرانها من الخشب و الارضية مفروشة بمفارش متعددة الالوان و الزخارف، وحيث يوجد كل ما يحبون، جهاز الالعاب، وسائد، مدفأة من حطب و ارفف للكتب و الاعمال اليدوية

نجم منكسر ✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن