الفصل الثاني

40 24 5
                                    

الذئب الذي نبذته قبيلته إما أن يموت وحيداً أو يعود يوما قائدا للقطيع.
سيرتا(قسنطينة مدينة جزائرية):القرن الأخير قبل الميلاد :
حين ينقضي عهد الأخيار من الزعماء لابد أن تستغل الضباع الفرصة لتدخل ساحة الأسود تنهش ما خلفته ،هذا القانون لا ينطبق على الغاب فقط بل شريعة البشر أيضاً.
لم يمر الوقت طويلاً حتى بدأ ملوك الشر الجدد ينشرون الفساد والشرور في كل مكان همهم الملك والسلطة والمال واللهو غير مهتمين بمصير السكان إن خافو أو جاعو من يعترض يسجن ومن لا يقدم نصف محاصيله يموت وهكذا تحولت نوميديا بمملكتيها المنقسمتين واللتان زادتهما سطوة روما انقساما إلى خراب يسوده الفقر والجوع والتخلف ،رغم أن النوميديين رفضو الرضوخ والاحتلال وكانو دوما يحاولون الهجوم والانقلاب واستعادة حقوقهم .
لم يعلم أحد في ماسيليا مصير الأميرة داميا لأن جثتها لم توجد مع من قتلو ولم يرها أحد منذ ليلة الشؤم تلك ،وفي ماسيسيليا أمر آيلاس الجميع بالعثور على الملكة وولي العهد لكن لا أحد قد وجدها او تعرف عليها .
آيلاس الملك الجديد الذي نفذ خطته بالاستيلاء على الحكم وباع المملكة لروما كان يفكر بالملكة ناتير التي لم يعثر عليها لأنه منذ الطفولة يحمل لها مشاعر ما وأحلام أراد بناؤها رفقتها دمرها الملك استنبال وهذه أحد أسباب حقده عليه .
آيلاس:موبخا جنوده أين اختفت الم تعثرو عليها بعد كأن الأرض ابتلعتها فضلت الهرب والتشرد علي ،وقلب الطاولة للمرة الألف وحطم كل ما في القاعة لأنه منذ أن تولى العرش ونوبات الغضب لا تفارقه .
في تلك الأثناء كانت الملكة ناتير متخفية مع طفلها في إحدى القرى لا يعلم مصيرها وحقيقتها أحد سوى تاجر وزوجته ممن ساعدوها على الهرب تلك الليلة وفاءاً لملكهم الراحل ،تلاقي هم الوحدة والضياع من جهة والحزن على الشعب من جهة أخرى هذا الشعب الذي لا زال رافضاً للإستسلام والخضوع ،ولولا أنها بغريزة الام التي تفعل أي شيء لأجل طفلها لذهبت لتواجه الغادر حتى لو كلفها الأمر الموت المحتوم لكنها تعلم أنه لن يبقي على الطفل حيا فاختارت العيش خفية تحاول الاعتياد على وضعها رغم أنها لن تنسى وستعود يوماً مع سيفاو ربما للانتقام وربما لاستعادة السلطة لكن ليس الآن فلابد من الاستعداد جيداً لتلك المرحلة .
خرجت هذا الصباح للسوق تتمشى قليلاً مع طفلها مرتدية ثياب العامة من الشعب توزع الخبز على المشردين تحس بآلامهم وتود لو تستطيع فعل شيء لهم ،رأت الناس مجتمعين بأعداد غفيرة وسط الساحة ملتفين حول رجل كبير السن قليلاً ابيض اللحية بملابس بسيطة أيضاً رفقة صبي صغير يقف في المنتصف يلقي بعض التعاليم على الناس ويقول كلاماً تنبع منه الحكمة بصوت كأنه ليس من البشر يريح النفوس بشكل جميل ،فجلست بين الناس تستمع له ،كان يتحدث عن الفضيلة وصراع الخير والشر وأنه لا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق وأن الشر يمكن أن نزرع داخله بذرة الخير كما أن الخير يتحول شرا إن لم نسقه الفضيلة والأخلاق وراح يسرد قصصاً بأمثال والناس ينصتون له دون ملل ،وناتير أيضاً كان الشيء الذي أشهرها بالأمل منذ شهور ،لكن العجوز يشعر باشياء غريبة كأن قوة ما تنبعث من مكان قريب وإحساسا غير مألوف يراوده منذ لحظات فاختلت أفكاره واعتقلت الحيرة محياه .
ميسيبسا :في نفسه:أشعر بشيء ما طمأنينة مع خوف كأن طاقة ما غريبة تسيطر على أفكاري واحاسيسي تود إخباري بنبأ ما .
غايا:الصبي الذي يرافقه:معلمي ما الأمر !لما توقفت أكمل لنا الجميع ينظر إليك .
أكمل ما كان يفعله وألقى الخطب على الناس رغم أن إحساساً داخليا كان يراوده ترى ما هو ؟ وحين أنهى. غادر الناس مسرورين منه لأعمالهم إلا ناتير تود أن تتعلم منه وأن تفيد الناس وتعلم طفلها عندما يكبر وان تجد سببا للعيش يساعدها على المضي قدماً في حياتها ،اقترب ناتير من ميسيبسا تحمل سيفاو الصغير بيدها مبتسمة تلقي عليه التحية .
ناتير:مرحبا سيدي كيف حالك ؟لقد كان ما قلته رائعا أأنت مفكر أو فيلسوف ؟
ميسيبسا:سمني ما تشاءين ،إنها الحياة يا ابنتي تعطينا دروساً بالمجان فقط علينا أن نعرف كيف نستفيد منها .
ناتير :هذا صحيح لكن ليست كل الدروس مجانية بعضها ندفع ثمنه غاليا .
ميسيبسا:دفع ثمن شيء يمنحك اشياء اغلى وأعظم .
ناتير :في نفسها :انت لا تعلم اي صفعات قد غدرتني بها الحياة .
ميسيبسا:أنا سأزرع الأمل في السكان سأعطيهم ما يحتاجونه لقوة عقولهم ونفوسهم كي لا ينسو أرضنا ومن نحن كي لا تموت فيهم التضحية لأجل الوطن وقد رأيتي كيف غادرو ،سيخبرون أطفالهم وسيعدون جيلا يحرر البلاد والمستضعفين لا اعلم متى لكن سيأتي جيل يعيد نوميديا أهلها ومجدها.
ناتير:انا أيضاً اريد أن تعلمني وتعطيني هذه الدروس إسمح لي بمرافقتك خلال طريقك هذه واعدك لن ترى مني ما نكره ،أريد أن أعد إبني ليكون رجلا صلبا يواجه تحديات دولتنا ،بالمقابل سأساعدك أنت والطفل معك وأصنع لكما الطعام بمقابل ذلك .
ميسيبسا:الأمهات قد لا تطير لكنها تصنع أطفالاً يحلقون بأجنحة،أنا وغايا نسكن في ذلك الكوخ هناك وأعلمه كل شيء العلاج وركوب الخيل والحكمة قرب شجرة الصفصاف عند الكوخ ،إن أردتي أن تقيمي فأهلاً وإلا فزورينا كل يوم مرحب بك في بيتك الثاني يا ابنتي .
فرحت ناتير كثيراً أخيراً رأت شعاع نور يحمي ابنها من ظلام الجهل واحست أن هذا الرجل يحمل من الصفات ما يكفي العالم بأسره من العظمة والكبرياء والحكمة لسنين ووحده من سيصقله ويعده لسن الرجولة كما ينبغي ،ومع مرور الأيام كان ميسيبسا يشرد كثيراً في التفكير كأنه يحس بشيء ما .
في مكان آخر حدود ماسيليا كانت داميا الأميرة الهاربة المتخفية تسير على حصانها غير عارفة أين تذهب والأخطار من حولها فقد أرسل عمها جيلدون الغادر رجاله يبحثون عنها في كل مكان ،لم تدق الطعام لأيام تلعن حضها وضعفها وتحس بالشفقة على نفسها ،كانت وردة في حديقة ابيها وهاهي اليوم كالورقة الذابلة التي تخلت عنها الشجرة في الخريف ،كان ما يلقيها حية الرغبة في الإنتقاد لا غير ،لا شيء سيعوضها ما خسرته شعبها المستعبد والدها الراحل مهامها المقتول وكرامة أرضها المسلوبة ،كرهت كل شيء وكرهت نفسها التي لا تقوى على شيء بنت في الرابعة عشرة فقط وحيدة تهيم من مكان لآخر تبحث عن حلول فلا تجد تعود بنقطة الصفر الموت ينتظرها في العاصمة والمصير المجهول في الأراضي الشاسعة .
كانت تسير والجوع يكاد يهلكها لم تصطد شيء لفترة كان صغير بطنها الجائع يشتد تكمل سيرها بتعب وانهاك إلى أن اشتمت رائحة طعام لتتوقف واللعاب يسيل أمام مطعم بسيط يبعد عن إحدى القرى اميالا قليلة جدا رغم أنها لا تملك ثمن الطعام .
داميا :لنتوقف هنا يا ومض البرق انت استرح وانا أدخل ربما يعطيني طعاماً مقابل سهام قد يحتاجها أو أن اسطاد له أرنب إن تمكنت من ذلك سأحاول .
دخلت المطعم الذي كان مملوءا بالناس أغلبهم رجال وجنود رومانيين جعلها منظرهم تشعر بالقلق فأكثر شيء تكرهه في حياتها محتلي أرضها السبب في موت أبيها وهزيمته .
داميا: في جوعي هذا أتمنى لو أستطيع أن أمزق جلودكم وأشرب دماءكم وافترس لحومكم أيها الخنازير المقرفون .
جلست في إحدى الطاولات خلفها شاب يبدو عليه عدم الاكتراث بالناس لكنه روماني لعنته في نفسها وجلست ،اقترب منها الفتى الذي يعمل هناك .
-ماذا تريدين أن أحضر لكي ؟
داميا:هل الماء مجاني ؟والخبز؟(كانت داخلها تشعر بالعار على نفسها ولما وصلت إليه) يمكنني أن أقدم لك سهامي لأحصل على بعض الطعام وإن لم تقبلها اعود مساءا بأرنب أو طائر قد تتمكن من إيجاده هل هذا ممكن؟
كان ينظر لها باستغراب لما تقوله فتاة مثلها لكنه أشفق على حالها وقدم لها طعاماً مجانيا فقد بدت عليها علامات الجوع والوهن كما أنها نوميدية لذا من واجبه مساعدتها .
بدأت تأكل بشراهة بالغة والرجال في الطاولة المقابلة يضحكون عليها بصوت عال مظهرها الغريب البالي وشعرها الفوضوي واستمروا يسخرون منها من باب التسلية كما يضحكون على السكان المحليين كالعادة .
أحد الجنود :يضحك ويقهقه :هل أنتي مشعودة صغيرة ،صحيح انكم برابرة وتفتخرون بهذا لكنكي تبالغين بهذا المظهر الهمجي ،أنظرو إليها اظن ان هذه المسكينة فقدت امها حتى نسيت كيف تمشط شعرها .
قالها بينما ضحك الجميع بصوت عالي استفز داميا .
داميا :إخرس أيها العجل الاحمق،فمنظرك المقزز وروائح فمك العفن ملأت المكان فلتغلقه لأن شهيتي انسدت بسببك .
وبدأ الجميع يضحك على كلامها فلا فتاة ترد على الرومان في العادة فالجميع يخاف جند روما واستمرت في إهانته ،مما أغضب الجندي فنهض بغضب نحوها يقسم أن يقتلها فقد جعلتهم يستهزئون به ،وما إن كادت قبضته تصل إليها حتى سمع صوت
“توقف هل أصبحت الآن تجيد قتل الأطفال فحسب “
هذا ما قاله ذلك الشاب الذي كان يجلس وحيداً خلف طاولتها .
الجندي:ومن أنت حتى تخاطبني هكذا ،هل تبحث عن حتفك أنت الآخر لك هذا إذن ،وأمسك سيفه بسرعة يحاول مهاجمته أما الشاب فلم يتحرك إنشا واحداً بل بقي متسمرا في مكانه وبحركة خاطفة. أحكم بقبضته نهاية السيف الحادة ،وجدبه بقوة حاملاً معه الجندي كأنه يحمل حشرة ،وسط اندهاش الجميع واسقطه في الأرض دون أي مجهود واستقام لينهض وما أن استدار بوجهه حتى زادت الدهشة وسط الجميع لم يصدقو الشخص الذي رأوه أمامهم أيعقل هذا ؟نرفاسيوس؟زعيمنا السابق هنا ،كيف أتى إلى هنا ألم بطرده الإمبراطور وبقو يحدقون به فلم تزده الأيام سوى هيبة وغموض رغم انكسار مكانته إلا أنه يبقى نرفاسيوس لن تدكر إسمه دون أن تنبهر بالنسبة الرومان .
الجندي الذي هاجمه:سيدي أهذا انت؟أنا آسف لم اعلم أن الفتى الذي خاطبني هو أنت اعفو عني ارجوك.
نرفاسيوس:ياللعار ظننت أن الغزوات الجديدة زادتكم قوة وحنكة وسرعة بديهة وأن مغادرتي غذتكم بالعظم لكني أرى أنكم لم تتعلمو سوى السخرية من الأطفال ومهاجمة العزل .
وحينها كانت داميا تشاهد فقط “من هذا الأحمق الآخر يبدو رومانيا مثلهم حسب شعره الاشقر وعيونه الزرقاء حسب كلامهم الذي لم افهمه جيداً قد يكون جندياً أو فارسا مهاراته دقيقة”
بقي الجنود في أماكنهم تدهشهم رؤية نرفاسيوس الذي كان يوماً ما قائدهم وطرد بسبب فشله في مهمة روسيكادا ،قضى الأيام بعد أن طرد يهيم من بلاد لأخرى باحثاً عن غاية جديدة وهدف جديد يعيش لأجله إلى أن ساقته الأقدار إلى ماسيليا ،تتداخل في فؤاده أسئلة وجودية كالغاية من الحياة وصراع القوي والضعيف والاستعباد ،فالمرء حين ينفرد بذاته ويجول في البلدان تتغير نظراته للحياة ومعانيها وهذا ما حصل معه تماماً.
وبعد مشهد طرح الجندي أرضا كان ينظر لداميا يقترب منها لمصافحتها اعتذارا لها لما فعله مواطنه ،إذ بها تنظر إليه نظرة احتقار يستغرب الجميع منها فالعادة أن الرومان من يحتقرون السكان المحليين سواء هنا في شمال أفريقيا أو في الأماكن التي يغزونها ،لكنها رغم إخفاء هويتها ومظهرها الذي لا  يعكس أنها أميرة إلا أن الشموخ كان يعافيها دوماً.
نرفاسيوس:أعتذر عن ما بدر منه ومد يده ليصافحها .
داميا:في نفسها(وهل ستعتدر أيضاً عن قتلكم النساء والأطفال)مدت يدها تصافحه ببرود ،حسنا لكن لم يطلب احد منك المساعدة على كل حال لا اطلب المساعدة من قوم احتلو أرضنا.
نرفاسيوس:يضحك بإعجاب،كلام معقول من بنت صغيرة انا نرفاسيوس وأنتي ،هل انتي تائهة وحدك هنا .
داميا :التصرف بلطف وطريقة نبيلة حيل لا تنطلي علي .
وانصرفت بعد أن رمقت الجميع بنظرات حادة ،من يظن نفسه ،أتيه في بلادي؟إنها أرضي لا يتوه المرء في وطنه ايها المغفل النكرة عديم الأصل،يظن اني سأشكره.
نرفاسيوس:غريبة الأطوار،المكان خطير في الأرجاء ماذا تفعل وحدها ؟
تبعها لعلها تحتاج المساعدة وما إن رأته حتى صرخت في وجهه بغضب .
نرفاسيوس:المكان هنا خطير توجد دورية جنود في الانحاء سيعترضون طريقك وربما يسجنونك .
داميا :لا تتصرف كأنك صاحب المكان انت الدخيل في هذه الأرض وانا صاحبتها ،وهذا ليس من شأنك .
نرفاسيوس:حسنا انا روماني لكني لست جندياً الآن ولم اشارك في الاحتلال وكل الاماكن في الأرض موطن بالنسبة لي،حدرتك فقط أنتي يافعة والدين وحيدة ،لا أساعد الأطفال في العادة.
داميا:كف عن الثرثرة الغبية وإلا رفست وجهك المقرف بحياتي إبتعد واهتم بشؤونك افضل الموت على أن يساعدني الدخلاء،سيأتي يوم وانتقم وأعلق رؤوسكم على حدود البلاد كلها .
نرفاسيوس:حسنا ،على كل حال ارحتني من أعباء مساعدة الاغبياء كثيري العناد.
انطلقت داميا بحصانها بسرعة لا تعلم أين تذهب وهاهي تسير في طريق تؤدي نهايتها للمعبر الحدودي الفاصل بين مملكتي ماسيليا وماسيسيليا لم تنتبه للأمر حتى توقفت لتجد ناسا مصطفين واحداً بعد آخر وبوابة فاصلة ضخمة لدخول ماسيسيليا (الجزائر)وهنا أدركت أنها سارت في طريق خاطئ ،وبينما هي تعود ادراجها لتجنب الضياع حتى سمعت أصوات صراخ صادرة عن من كانو هناك وصوت السوط يضرب بعنف أجسادهم الضعيفة لتلتفت فإذا بها ترى حراسا هناك يضربون الناس حتى أن رجلا عجوزاً سقط على الأرض مدرجا بالدماء ،كانو يجبرونهم على الدفع مقابل أن يعبرو  الحدود رغم أن أغلبهم لديهم أقارب وأبناء في الجهة المقابلة ،مكان فرقته الجغرافيا لكن تاريخه واحد .
لم تتمالك داميا نفسها وحملت سهماً وأطلقته نحو السوط الذي يحمله أحد الحراس حين ضرب الرجل العجوز فسقط من يده وصرخت عليه ،إياك أن تلمسه مجدداً اقطع رأسك أيها الخنزير .
كانت نظراته المستغربة ينبعث منها الشرر هذه الفتاة ميتة لا محالة من تظن نفسها ،فقال بغضب ودعي الحياة أيتها الحشرة المتطفلة قد يعيش العجوز الذي تدافعين عنه لكني سأدفنك مكانه ،هيا أمسكوها وعلقوها على البوابة واجلدوها حتى الموت قال هذا يأمر رفاقه بحزم .
جهزت سهامها ووقفت وقفة الاستعداد للهجوم قائلة في نفسها “أنا لا أعرف الخوف هيا اقتربوا أن كنتم رجالاً كيف ساخاف من محتلين متغطرسين يتسلون باقتحام الأراضي وإذلال الشعوب “.
وما إن اقتربو منها حتى أصابت بعض السهام عدداً منهم لكنها لم تكن سهامها التفتت للخلف لترى رجلاً ملثما يخفي وجهه تماما بنيته ضخمة يرميهم بالسهام فيصيبهم كأنه يلاعب الذباب ،حينها بدأ الحراس يقرعون طبولا للإشارة لزملائهم من الدورية لدعمهم لإيقاف هجوم هذا المتمرد والإمساك بداميا ،اقترب الملثم منها مخاطباً “لنركب الحصان وتنطلق إن امسكونا صرنا في عداد الموتى,هل يقفز الحصان من الأسوار العالية ؟خاطبها يتساءل ؟فاجابته أن ومض البرق مدرب على كل شيء.
فركبا وانطلقت تراجعت بالحصان إلى الخلف ثم بانطلاقة سريعة قفز من السور الحاجز تحت صراخ الناس المندهشين ،وماهي إلا برهة كانو داخل حدود ماسيسيليا لكن الحراس لم يدعوهم وشأنهم وانطلقوا بالحياد خلفهم .
كانت سرعة الحصان الأسود ومض البرق بالعلامة البيضاء على جبينه لا تضاهيها سرعة الجياد الأخرى ،رغم هذا داميا خائفة جداً ونادمة ارتكبت خطأ بالخروج من مملكتها كيف ستعود الآن الأمر خطير،كيف ستنتقم كان هذا ما يشغل تفكيرها،ليتها بقيت في الجهة المقابلة لكن لا وقت الندم الآن حياتها في خطر .
داميا:عندي دوماً يسبب لي المشاكل هذا كله بسببك ايها الرجل الملثم الغبي لا يصادفني سوى من يتدخلون في ما لا يعنيهم ،من انت ولما تغطي وجهك إنزع اللثام عن وجهك وإلا سوف أمزقه استدارت إليه لتنزع عنه اللثام للتتفاجأ إنه نفسه الرجل الذي ضرب الجندي في المطعم .
داميا:إنه انت الغبي الذي يتدخل في مالا يعنيه ألا ترى فيما ورطتنا فيه لقد غادرت الحدود بسببك .
نرفاسيوس:عرفت انك ستقعين في ورطة حدسي لا يخطئ ،الجنود لا يرحمون أحدا إفهمي هذا انتي لا تعرفين روما جيدا.
داميا:اخرس هذا ليس وقت الحديث ألا ترى أنهم خلفنا.
كيف لا تعرف روما وجنودها وهي التي فقدت أباها وكل ما تملك من وراءهم .
كان الإثنان على الحصان والسهام تتطاير وراءهم وما هي إلا لحظات حتى أصاب سهم ما نرفاسيوس في ظهره وانغرس تحت صراخ داميا وخوفها من أن يمسكوها لكن زادت سرعة ومض البرق عن السابق حتى دخلو غابة بها أحراش كثيفة مشو،ومن سرعة الحصان زاد الم نرفاسيوس حتى أغمي عليه من التعب والإرهاق وخسارة الدم .
داميا:يالك من ضعيف متغطرس واعتقدت انك ستساعدني فاستسلمت سريعاً ،حين نتجاوزهم سأرميك في مكان ما على الأقل سيكون إحساساً جميلا أن انتقم من أحد المحتلين .
ضيع الحراس أثرهما حيث اختبأت بين الأشجار الكثيفة حين حل الظلام أما الحراس فقد عادو أدراجهم فهم في مكان يمنع تجاوزه من الجنود الماسيليين بدون إذن ،كان نرفاسيوس يفقد الوعي تارة ويستعيده تارة أخرى ،اشفقت عليه داميا قليلا وقررت أن تبحث عن مكان لعلاجه في الصباح ،وما إن اشرقت الشمس وألقت سطوعها على جبال البلاد الشامخة حتى انطلقت به مسرعة اميالا تسير وتسير دون توقف وهو منهك القوى يأن ويتألم .
داميا :منظرك مثير للشفقة أنت لا تستحق الموت بهذه الطريقة ظننتك قوياً لكنك على وشك الإستسلام .
كان وضعه خطيراً يستدعي العلاج لمن لم يصلوا بعد إلى قرية أو مدينة ولم يجدوا المساندة ،استمر السير يومان آخران وقد نالهم التعب حتى توقفت على سفح جبل ما تحته مدينة عظيمة بأبنية رائعة تحيط بها القرى من كل مكان ،لكن داميا لا تعلم أنها على بعد أميال عن سيرتا (قسنطينة الجزائر)عاصمة ماسيسيليالكنها شعرت أن الأمل يلوح لها وأن عليها الإسراع لدخول إحدى القرى لإنقاذ نرفاسيوس رداً لجميله رغم أنها لا تصدق لعبة القدر الذي قادها لإنقاذ شخص روماني ،لكنها الحياة تلقي بك حيث تريد هي وليس ما تريده انت ،اميرة قصر الأمس هي هاربة متخفية اليوم تحمل رومانيا معها لا تعلم أين الطريق وإلى أين المصير.
استمرت في السير بضع ساعات إلى أن وصلت قرية ما لتبحث عن النجدة فيها وتبدأ المناداة طلبا للمساعدة ،فالتف السكان حولها مستغربين فهي لا تبدو من سكان القرية وما زادهم غرابة وجود الأجنبي المصاب معها مما فتح تساؤلاتهم ما سر  هذه الفتاة ومن معها؟
داميا :إلى ما تنظرون ألا ترون حالنا ألا يوجد طبيب أو من يقدم العلاج هنا؟
أحد السكان قائلا:بلى يوجد من يستطيع المساعدة والتطبيب لكنه ليس طبيبا .
داميا :خدني إليه من فضلك .
لكن السكان كانو محتارين كيف يساعدون رومانيا وهم لم ينسو ما سلب منهم الرومان وهم على حق إن تركوه دون مساعدة ،لقد قتل الرومان اهلهم وشردوهم ونشرو الفساد في كل مكان لكن لا فرق بين روماني أو نوميدي فحتى أبناء شعبهم غدروهم وانقلبت ضد الحق وضدهم .
في ذلك الكوخ كان ميسيبسا وغايا مع ناتير وسيفاو يقرأ إحدى المخطوطات ويشرح لهم محتواها إلى أن أتى أحد الرجال ينادي عليه أن شابا مصابا مع فتاة بحاجة للمساعدة ،في هذه اللحظات شعر ميسيبسا بشعور غريب واضطرب مرة أخرى ،هذا الشعور الذي كثر وزاد يراوده منذ فترة وايام عدة .
ميسيبسا:تدخلون بسرعة هيا ،ناتير أريد ماءا ساخنا وبعض القماش النظيف وزيت وصبار لنضمد الجرح هيا بسرعة .
ناتير:حاضر سيدي لك هذا.
ميسيبسا:اليوم ستكونين مساعدتي سيدة ناتير .
فإذا بهم يدخلون فتاة يافعة وشاب جريح بإصابة سهم رفقة حصان اصيل أمام الباب ،كان المنظر غريبا الرومان لديهم أكثر الأطباء شهرة فكيف لم ياخدوه إلى وسط العاصمة وماقصة الفتاة التي معه ،لم يهتم ميسيبسا للموضوع المهم هو إنقاذ حياة فرد ما ولائهم اي شيء اخر لا يمكنك أن ترد من جاء بيتك راكضا مستنجدا ستكون جبانا إن فعلت .
كان الجرح بليغا واستمر تضميده وتطبيبه لساعات لكن في النهاية نجح الحكيم بمساعدة ناتير في ذلك وهاهو نرفاسيوس يغط في نوم عميق والواضح أنه سينجو ،كانت داميا سعيدة ومرتاحة أنه لم يمت لم تكن تريد أن يهلك دون أن ترد له الجميل واعتبرت ذلك عارا عليها أن تتركه يلقى حتفه دون أن تحاول مساعدته .
ميسيبسا :هذا الشاب يملك بنية قوية وإرادة صلبة كابحة للألم ،انغرس السهم بقوة في أماكن خطيرة وحساسة في ظهره والإصابة ليست حديثة جداً لكنه نجا بفضلك يا ابنتي لو لم تحضريه لكان قد هلك لكن ما قصتكما تبدين نوميدية من مكان ما أما هو لا شك اجنبي أو روماني .
لقد غادرنا حدود ماسيليا هربا تعرضنا لملاحقة الحرس هناك القصة طويلة وغريبة أحكيها لك لكني جائعة ومتعبة هل يمكنني البقاء هنا الليلة ليس لدي مكان أذهب إليه وحين يستيقظ سأرحل .
ميسيبسا:نعم يمكنك البقاء هذا بيتي مأوى من لا مأوى لهم وانا اب من لا اب لهم ابقي كما تشاءين سكان القرية متكتمون ولا يخبرون أحد مهما كان المشكل الذي أنتم فيه لا تخافي لا يوجد وشاة في قريتنا .
ناتير :سأحضر لكي طعاما استريحي واغتسلي ولا تفكري بشيء .
كان الوضع غريبا جدا كوخ صغير يجمع عجوزاً وحيداً وطفل يتيم وملكة متخفية تطبخ لناس غرباء وروماني محتل يتلقى مساعدة ممن احتل أرضهم وأميرة هاربة لا تعلم أين المصير ،شعرت داميا أن المكان يتسع لكل شيء حتى  الأرض الشاسعة لا تملك هذا الدفء وأول مرة تحس بالأمان فكلما نظرت الحكيم تدمرت والدها ومعلمها وبدون شعور تغمر عيونها الدموع .
في صباح اليوم التالي نهضت ناتير لتجد مكان داميا فارغاً فقلقت عليها تتساءل اين ذهبت ،لتخرج خارج الكوخ لتجدها أمام الباب ترتب سهامها .
ناتير :سهام !
تدكرت موت الملك بسهم الغدر ،استنبال الذي مات ضحية مؤامرة ،عادت إليها الذكريات المؤلمة واحدة بعد أخرى .
صباح الخير هل نمتي جيداً؟
داميا :ومن يستطيع النوم رفقة ذلك الطفل البكاء إبنك المزعج .
ناتير:بضحك :لقد نام الآن إنه ليس مزعجاً بل لطيف ويمكنك اللعب معه .
داميا : شكراً لا اريد اكره الأطفال .
ناتير:حسنا لا باس عزيزتي ،أرى أن لديكي سهاما اهي للشاب الذي معك؟
داميا :لا بل لي انا احب رمي السهام إنها تسليني المفضلة .
ناتير :غريب فتاة بعمرك تجيد رميها .
داميا :نعم انظري .
وأمسكت سهما سددته صوب الطيور فوق الشجرة المجاورة وبدقة أصابت أحدهم بلمح البصر .
ناتير:هذا رائع (كانت في تقول في نفسها لو أستطيع التعلم سأنتقم وأقتل آيلاس بنفس طريقة موت إستنبال ليشفى غليلي )
هل يمكنكي تعليمي ؟قالتها بترجي .
داميا :لا اعلم أنا مشوشة ولدي هدف لاحققه لا أظنه الوقت المناسب آسفة جدي شخصاً آخر ،سأنتظر استيقاض ذلك الشاب لأشكره على مساعدتي ثم أحاول العودة لوطني .
ناتير :وطنك !ألستي من هنا انتي تتكلمين لغتنا وتشبهين السكان هنا ،ما قصتكما يا صغيرتي ؟
داميا :انا من ماسيليا.....
وقبل أن تقول شيئا جاء غايا مسرعاً يقول إن الشاب استيقض وهو مع ميسيبسا يتحدث .
نهض نرفاسيوس مستغرباً ،إنه في منزل أحد السكان المحليين النوميديين عجوز ابيض اللحية بعيون عسلية تظهر عليه الطيبة وطفل يبتسم له وسعيد برؤيته رغم أن معاملة النوميديين له كانت في العادة معاملة سيئة اينما مر يتلقى الشتم بمجرد أن يعلموا أنه من روما فزاد استغرابه ،وبعد برهة دخلت ناتير بسعادة ودائما تدعي اللامبالاة وما إن رآها شعر بالسعادة لأنها بخير ولم تتعرض للأذى .
ميسيبسا: من الجيد انك بخير لا تتحرك كثيراً حتى يشفى جرحك يا بني لكني لابد أن أعرف قصتكما الكاملة .
نظرا له بوجه مبهم فحتى هما لا يعرفان بعضهما لكن كل منها مدين بحياته  للآخر كانت عيونها تشكر بعضها البعض دون أن يتكلما ثم قصا على ميسيبسا القصة كاملة .
ميسيبسا:قصتكما غريبة لكنكما إنسانان يحملان المعنى الحقيقي للآدمية ،فبالرغم من الإختلاف تبينان أن أبناء آدم لوافترقو تجمعهم أحداث ما .
داميا:مالذي تقوله يا سيدي المحترم ؟كلامك جميل لكني كنت سأرميه على كل حال ثم رأيت أنه يجب أن يشفى لنعدبه في القرية افضل (لم تكن تقصد ما تقوله في الحقيقة)
نرفاسيوس:يضحك ،هذا غريب لم اتوقع أنني سأكون مدينا بحياتي لفتاة في يوم من الأيام شكراً لكي لكننا تعادلنا تذكري لن أرد الجميل اكتفيت من مشاكلك .
داميا :انتهت مهمتي سأرحل غدا أما انت فالتذهب حيث تريد لكني سأقطع رأسك أن اعترضت طريقي .
نرفاسيوس:لا تغتري بنفسك انا نرفاسيوس لم أكن لأقهر بسهم لو واجهني لكن الضربة كانت في ظهري وإلا لما واجهني.
داميا:مضحك واثق بنفسك جداً رغم أنك مجرد جندي مطرود استمرت النقاشات والشجارات طويلا لكن لم ينزعج منهما أحد فوجودهما يضفي المرح على المكان .
ظل الجميع يعتنون باهتمام لنرفاسيوس رغم أن بعض السكان منزعجون لوجوده بينهم إلا أن ميسيبسا اقنعهم أن إنقاذ حياة إنسان من أكثر اأعمال التي تزيد نبل الإنسان وتجعله راقيا آدميا وكالعادة يقتنعون بما يقوله ،لكن ميسيبسا كان مستغرباً دوما من تصرفات داميا وغموضها المستمر وعدم الإفصاح عن معلوماتها وقررت المغادرة بعد شفاء نرفاسيوس واستعادته لعافيته .
في هذه الأثناء وصلت رسالة من ماسيليا مملكة الغادر جيلدون عم داميا تفيد بأن هناك من اقتحموا الأراضي الماسيييلية ،وان ماسيليا تطالب بهم احياء لمعاقبتهم على تجاوز الأراضي دون إذن ،لكن آيلاس رفض ليس لحمايتهم لكن كل همه أن لا يتفق مع المملكة الشرقية في شيء ما جعل الصراع بينهما يشتد .
أمر آيلاس رجاله بالبحث عن الفتاة والروماني في كل مكان ليعاقب من دخل مملكته رغم أنه لم يكترث عندما باع الأرض لروما ودخلتها بلاد أخرى .
في اليوم التالي بينما داميا متأهبة للرحيل تاركة نرفاسيوس مع ميسيبسا وناتير الذين يحاولون منعها أنها وحيدة بلا أهل وليس لها أحد لكنها مصرة على الذهاب وإيجاد طريقة للعودة إلى ماسيليا ،لكن لسوء الحظ كان رجال آيلاس حسب أوامره يبحثون عن غريبين في كل مكان ويتقفون اثرهما حيث وصلت اخبار أن فتاة دخلت إحدى القرى مع روماني مصاب قد تكون من يبحثون عنها حسب الوصف الذي أعطاه لهم حرس الحدود.
قامو بتمشيط كل القرى القريبة من الحدود وصولا إلى تلك التي تحيط بسيرتا جنود نوميديون ورومان يدخلون كل قرية تكون أمامهم يبحثون ويضربون بالسياط من يعترض طريقهم أو لا يعطيهم معلومات  لكن لم يخبرهم أحد شيء فالسكان يفضلون الموت على أن يقدموا معلومة للحاكم المنقلب الذي يكرهونه .
كان رجال آيلاس في السوق في قرية ميسيبسا يعدون السكان بالمكافآة إن اخبروهم عن المبحوث عنهم ،رآهم التاجر جار ميسيبسا فأسرع إليه يخبره بما حصل وفور سماعه الخبر اضطرب ،مالعمل الآن ؟ماذا سيفعلون رجال الحاكم على مقربة منهم إن أمسكوهما سيكون مصيرهم السجن الأبدي والعقاب لمن ساعدهما إنها مشكلة خاصة في وجود نرفاسيوس المصاب .
داميا :ماذا سنفعل؟سيمسكون بنا (لا يمكن إن امسكو بي سينتهي كل شيء لن اتمكن من العودة والانتقام )
نرفاسيوس:علينا فعل أي شيء ما عدا الخوض في قتال معهم سيزيد وضعنا سوءاً .
داميا :آسفة كل هذا بسببي .
ميسيبسا:علينا الخروج بسرعة لا حل آخر أخشى أن يشي بنا أحد تحت التعديب .
التاجر:لدي أحصنة في الاسطبل اهربو بها بسرعة وانجو بأنفسكم .
لكن ناتير قالت إن هذا لا يمكن لان معهم اطفال ولن يستطيعوا الهرب ،حينها قال نرفاسيوس “انتم اسبقوني وأنا أحاول تشتيت انتباههم ليس لدي ما اخسر على الأقل ارد جميلكم لا أحب أن أكون مدينا لأحد”
داميا :لا تثق بنفسك كثيراً جرحك لم يشفى بعد فكيف سنعول عليك .
نرفاسيوس:حتى جثتي الميتة ستكون اقوى من كل جنود هذه البلاد.
داميا:مغرور .
نرفاسيوس:هذا ليس وقت الكلام فلنتحرك ونحاول أن لا تحدث جلبة .
خرجو من الكوخ واحداً تلو الآخر وكانت الجياد معدة في انتظارهم وبينما بدأوا المغادرة حتى رآهم أحد الرجال وبسرعة توجه للسوق حيث الجنود لإخبارهم بغية أخد المكافأة ،وبينما جماعتنا يغادرون القرية حتى هم الجنود وراءهم بسرعة البرق ،تملكهم الخوف إن اسوء مصير قد يتلقونه هو السجن حيث ستدفن أحلامهم وحقيقتهم ويكتشف أمر المتخفين منهم ،كان سكان القرية غاضبين من الرجل الواشي واخدو يضربونه ويشتمونه وحمل كل منهم عصا أو مجرفة أو فأس ليلحقو بالجنود الذين وراء الحكيم ميسيبسا ورفاقه وفاء وعرفانا بجميله وبكل ما قدمه من خدمات لهم ولابناءهم غير لأبنائهم غير خائفين من سخط الجنود وغضب الحاكم إن عرف المهم أن لا شاهدو دون فعل شيء .
والتحمو مع الجنود في حدود القرية صحيح إنهم مجرد مزارعين لكن بشجاعة المحاربين اخذو يهجمون عليهم وبدورهم الجنود لم يتساهلو معهم وضربوهم بالسياط ،مما منح الوقت لداميا وناتير والآخرين بالهرب.
كان التاجر يلهي الجنود ويصرخ “سيدي ميسيبسا اهرب بسرعة وانجو بحياتك “
وكلما كان بعض الجنود يهم باللحاق بهم كان السكان يعيقونهم ،كأن قوة منحت لهم أو أن إحساسا يقودهم للدفاع عن ناس لا يعرفونها جيداًلأنك يجب أن تدافع عن الحق مهما كانت الأسباب ومهما كان الثمن ،الدفاع عن النساء والأطفال والمستضعفين شرف لن تمنحك إياه الحياة كل يوم فإن اتاك هذا الشرف استغل الفرصة.

لأجل نوميديا عودة سيفاو وانتقام دامياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن