الفصل الثالث

48 25 7
                                    

الفصل الثالث لعبة الحياة والموت :

لا تفكرو في الهرب لأن الموت حينها سيكون ارحم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

لا تفكرو في الهرب لأن الموت حينها سيكون ارحم .
هل تعلم كيف تصنع وحشا ؟
لا .
ببساطة أخذله وخنه أو اكسر قلبه خاصة إن كنت  صديقا له أو عائلته ذلك سيكون بمثابة إسقاط نيزك يدمر المجرة وسيكون هذا زمجرة الوحش الذي صنعت ولأن الدنيا تدور ستعود لك أفعالك على شكل انتقام الحياة وستجني ما زرعته .
ابتدأت الرحلة ،رحلة بنهاية غير معلومة نحو مادور(سوق اهراس الجزائر حالياً)المدينة اللغز وجامعة الغموض .
سيفاو الذي لم يغادر في حياته المخبأ الذي لجأت إليه قرية صيفان منبهر بجمال الوطن حزين على حال المدن والخراب الذي أحدثته بها روما يشعر بالعار لأن قريبه آيلاس سبب كل هذا ،هو الآن عازم على أن يعود إلى عرشه وأن يعيد البلاد إلى نهضتها ويخرس الأعداء ويبعد الضباع عن عرين الاسود .
كلما مرت بمكان ما ازدادت رغبته في إعادة البلاد لركب الممالك العظيمة وكما اوصاه ميسيبسا لن يكون ذلك دون علم وقوة وتضحية ولأن مادور هي البداية لن يخشى شيء وسيحاول .
شيئا فشيئا تظهر جامعة مادور الصرح العظيم خلف المدينة وتبدو اكبر شيء فيها وهنا تملكهم الخوف قليلاً من كثرة الحكايات التي تروى عن هذه الجامعة الغامضة .
هي بناء ضخم هرمي الشكل تحتل هضبة عملاقة ،ظاهريا بها أساتذة وفلاسفة ومفكرون وعلماء حساب يشرف عليها كبيرهم كأي جامعة في العالم لكن ما لا يعلمه أحد أن كل هؤلاء تلامذة جماعة المولتوس تماما مثل ميسيبسا،كانت جماعة المولتوس منذ القدم تشرف عليها بكل إخلاص لتكوين القادة والملوك فكل ملوك نوميديا العظماء وقادتها ومفكروها تخرجوا منها لكن الأمور تغيرت بعد دخول روما إلى هنا حيث صارت مركز تسلية للحكام والوزراء يعدون اختبارات فائقة القوة والخطورة تؤدي للموت غالباً لا يتخرج منها سوى اقوى الأقوياء ونخبة النخبة ،أما الغالبية فيلقون حتفهم .
تكلم ميسيبسا حين اقتربو من الوصول أنه لن يشارك لأنه سبق له التخرج منها لكن البقية إن أرادوا الإنسحاب ليفعلو الآن أو في الجولات الأولى من تحديات الجامعة لأن الإنسحاب في آخر الجولات يساوي الموت ،وان عليهم الآن اختيار اسماء مستعارة يشاركون بها كي لا يثيرو الشبهات ،تعمد ميسيبسا جعلهم يختارون اسماء مستعارة أن المولتوس متأكدون هذه المرة حسب الرؤية أن صاحب الدماء الملكية بين جماعته وان على ميسيبسا أن يكون حذرا بشأنه وان لا يكشفه رغم أن ميسيبسا لا يعلم من هو تحديداً بل يشك أن اسيد هو ولي العهد فتى ظهر دون سابق إنذار فجأة دون عائلة ولم يخبرهم تفاصيله ،او أن أحد الفرسان صاحب الدماء الملكية فحتما لن يكون نرفاسيوس لانه روماني ولو كان ابن ناتير لأخبرته لأنها اعتادت الصدق أما داميا فطبيعتها وتصرفاتها لا تحمل معاني الأسر الحاكمة ورغم تحليلاته بقي مشوش الذهن لا يستطيع السؤال خوفا من خطورة الموقف وخشية الغدروانتظارا للحظة المناسبة  .
حانت لحظة دخول الجامعة “مرحباً بكم في اللعبة حيث لا بقاء سوى لمن اجتاز الصعاب “هذا ماكتب على البوابة بوضوح سرت قشعريرة لدى الرفاق وهنا اتضحت خطورة الوضع ،لكن داميا كأن شيئاً لا يحدث فمن أرضعته الحياة حليب الصعاب وفطمته على الفقد والخذلان لن يخشى لهيب الموت المحرق وجحيم الايام الغادرة .
كان قلب سيفاو الشجاع ينبض خوفاً وحماسة بمجرد الشعور أن أباه الذي لم يعش معه طويلاً كان هنا في أحد الأيام واستطاع تجاوز الصعاب والمحن هنا ليصير ملكا يزيده فخراً ورهبا ومسؤولية كبيرة لابد أن يكون مثله ليفعلها .
حتى أسيد في نفسه”حتى انت يا ابي كنت عظيماً وسأكمل طريقك سأجعلك اينما كنت فخورا بي
استدار غايا لمعلمه يقول سأتخرج من هنا مثلك يا معلمي سأكون خلفاً لك انا وسيفاو سنكون تلاميذك الأبطال .
كانت الجامعة مكتظة بالناس من كل أرجاء القارة وحتى الأجانب فملابس البعض توحي أنهم رومان ويونان ومرطنيين والأغلبية نوميديون وحين رأى نرفاسيوس بنية من يرتادون الجامعة شعر بالإثارة لأن المنافسة ستكون شديدة وهذا ما يبحث عنه .
تركهم ميسيبسا لانه من الآن ممنوع أن يختلط بهم إلا في أيام ااراحة سيكون في قاعة المخطوطات والكتب يراقبهم .
اجتمعو في الساحة كالبقية منتظرين من سيأطرهم حينها اقترب وفد يرتدون ملابس بيضاء ونهال ذهبية مظهرهم المهيب ووجوههم تعطي شعوراً بالوقار والحكمة ،حينها اقترب كبيرهم من المنصة العليا آمرا الجميع بالسكوت ليعم الصمت في الأرجاء .
“أيها الطلبة لا مكان للجبناء في هذه الجامعة إما الموت أو التخرج “
صرخ المفكر عاليا بهذه الكلمات لينتاب الرعب الجميع رغم أن معظمهم يعلم أنه من يلتحق بمادور فنهايته أن يكون عظيماً أو يعود منسحبا جبانا أو يكمل الطريق للنهاية .
المفكر:أعيد كلامي “من لا يستطيع إنقاذ نفسه والإرتقاء بها كيف سينقذ الأمة من الظلال ألا يستحق الموت فعلاً اجيبوني “
لم يكن نرفاسيوس خاءفا ولا متوتراً كأن الأمر لا يعنيه حتى داميا فليس لها ما تخسره أما سيفاو فقط قلق على أمه يرجوها الانسحاب خوفاً أن يخسرها كأبيه.
ناتير:ماذا تقول يا ولد أنسحب؟اتسخر مني أتعتقد أني سأخسر سأ ريك الآن أنني اشجع منك ولن انسحب.
وهنا دخلت داميا في نقاش مع المفكر(الفصل التمهيدي)
على حد قولها لا يهمها الموت مادامت ستكون طريقة الموت عظيمة وتجعل الناس يدكروك ،حينها شعر نرفاسيوس بالحماس أكثر يبدو أن الوضع سيكون ممتعاً في هذه الجامعة.
المفكر:نحن هنا أنا وهؤلاء المفكرون والمعلمون والفلاسفة سنشرف على تدريبكم وتدريسكم لكن لا شأن لنا بالمنافسات البدنية ستكون تحت إشراف ميلوس واتباعه الرومان (قال جملته بحزن لأن الأوامر في المنافسات البدنية تأتي من السلطات العليا للتسلية ومشاهدة الم المتنافسين ورؤية الموت والاستمتاع بها) كلكم سواسية بالنسبة لي لا فرق بين أبناء نوميديا أو ماسيسيليا والأجانب ولن ترو من الأساتذة اي اختلاف في المعاملة و الآن إليكم قوانين الجامعة وبدأ يقراها وهو حزين لأنه مجبر على تنفيذ الأوامر لكن هذه المرة على ثقة بما قالته جماعة المولتوس إن الرؤيا تقترب من التحقق سيعود للأرض مالكها وحاميها.
القوانين:لكم مهلة للتفكير مدتها ثلاث ايام إما البقاء أو المغادرة .
يتألقون كافة الدروس من طرفنا دون اختبارات (يقصد الدروس النظرية )أما المنافسات التي على أساسها النقاط والإبعاد فهي المنافسات البدنية والتحديات ،تحديات الشطرنج المبارزة المصارعة الرومانية رمي السهام ،السباحة مبارزة قفص الأسود ومصارعة الثيران .
الجولات الثلاثة الأولى الخاسرون فيها يتم فصلهم أما الخاسرون في الجولات الأخيرة إما العقاب أو الموت إذا لم تكن لديك نقاط .
غدا سيتم إجراء اختبار الحصول على النقاط أما بقية الاختبارات فهي بدون نقاط فقط التأهل وفي الجولات الأخيرة يمنح نقطة إضافية لمن يقتل غيره أو يقضيه من المنافسة .
قال الجملة بحزن لما فرضت عليه السلطات أن يفعل .
الشجار خارج المنافسة ممنوع .
التغيب عن المنافسات يساوي الإقصاء مع عقوبات صارمة .
الطعام والشراب مجاني ويوم راحة كل اسبوع قبل المنافسات أما هذه الأيام الثلاثة فهي كي اكتشفت مادور(جامعة جزائرية في الفترة النوميدية اول جامعة في أفريقيا حسب المؤرخين)
انتهى الخطاب وترك الطلبة وحدهم يتفحصون مكان إقامتهم كان المكان كالمدينة تماماً مكتبات وأماكن تنزه واصطبلات لمن يملكون جيدا والمكان راقي ومريح .
يزيد حزن سيفاو الا يستحق الشعب المهمش أن يعيش في أبنية كهذه اماكن تحفظ له الكرامة كما كان في السابق مما زاده سعياً أكثر فأمامه هدف يجب أن يحققه وفي طريقه للمكتبة حيث يريد الإطلاع أكثر على عدة أمور صادفه نرفاسيوس في الممر ينظر إليه باستهزاء .
نرفاسيوس:سيفاو الصغير رضيع الأمس قد كبر ويقحم نفسه في مسائل الكبار هل تظن أنك ستبلي بلاء حسنا هنا انت تحلم .
سيفاو : نرفاسيوس الجندي المفصول الذي يهيم كالقطعان الشريدة بلا خريطة بلا هدف أتظن أن كلامك سيقلل من عزيمتي ؟
نرفاسيوس:انا بلا هدف؟انا ساقف حيث القمم حيث أتلامس مع النجوم أنا سأكون دوماً حيث أستحق القمة أما انت فمن تكون يتيم صغير هزيل الجسم أما أنا فمن تحتاجه البلاد حتى لو كنت غريباً عنها سأفيدها أكثر منك.
سيفاو:لا يهمني أن اكون في القمة يمكنني أن أكون زلزالاً في الأسفل يهدم الأرض ويوقع من هم بالقمة تذكر هذا.
سيفاو ليس من النوع التفاخر فلو كان كذلك لكان أفصح عن هويته وأخرسه بمكانته أو حتى طالب بهما لكنه رغم صغر سنه ينتظر الوقت المناسب ويتريث وقبل كل شيء سيثبث لنفسه قبل الجميع إن كان يستحق ،وهاهو يجلس ساعات طويلة يقرأ ويتعلم دون كلل يثير استغراب نرفاسيوس هذا القروي طالما لفت انتباهي بعزيمته وطموحاته من اين يأتي بكل هذه الثقة ؟سأريه أن البلاد لا تحتاج فتيان حالمين بالوهم بل رجال يدودون عنها وقت الشدائد ،كانت عاطفة نرفاسيوس تزيد يوماً بعد يوم لهذه الأرض إنه يقول وطني منذ قرابة العقد ولم يعد يدكر روما الأرض التي انجبته ذلك القائد المتغطرس لاحتلال البلدان بالأمس يدافع عن إحداها اليوم ريد أن يقدم لها شيء رغم أن بعض أبناءها خانوها،هذه البلاد التي احتواه سكانها والتي رأى أن يرد لهم الجميل .
مضى الليل وحل الصباح إنه يوم الاختبار الأول الذي سيجريه أساتذة الجامعة لمعرفة مستويات المتقدمين وتقييمهم حسبها وإعطاءهم النقاط التي تحميهم من الخطر في آخر الجولات إن تأهلو.
دخلو قاعة كبيرة تمتد طويلاً بزخرفات قديمة عليها صور جميع الملوك ابتداء من ماسينيسا إلى آخرهم آيلاس(في هذه الرواية نركز على ماسيسيليا والجزء الجزائري من نوميديا)وجلس كل في مقعده وفي هذا اليوم الافتتاحي ينبغي أن يحضر كل القادة والزعماء وضيوف الشرف والملك وكبير مستشاري روما اوستافيوس (الفصل الاول)
كان المتقدمون للإمتحان حاولي الألف لكن لن يتم سوى الأفضل منهم حسب قوانين الجامعة أو نخبة النخبة مما زاد التوتر لدى الكل.
انظرو إلى هؤلاء المتباهين والمتغطرسين إنهم يظنون أننا مصدر تسليتهم حسنا سنسليكم لكني اتوعدكم أن آخر ما سترونه سيوفي تنغرس في أعناقكم تماما مثل ما سأفعله يعني في الشرق هناك فقط سأنهي هذه الاختبارات واعد الخطط لا مزيد من الانتظار كان هذا ما قالته داميا بين شفتيها وهي ترمقهم بنىظرات الكره والحقد خاصة الرومان منهم
أما ناتير ترتجف بخوف وتغطي وجهها رغم أنها بعيدة جداً عن المنصة التي يجلس فوقها الملك إلا أن المخاوف راودتها فهمست لابنها أترى ذلك الجالس في المنتصف أو بالأحرى الملك إنه آيلاس قاتل أبيك ما ان انتهت جملتها حتى اضطرب سيفاو وزادت ضربات قلبه وتعرقت جبهته وانتقد لسانه الذي لم يستطع قول جملة واحدة هذا ليس إحساسا بالخوف لكنه الخذلان تخيل منظر أبيه يتلقى الغدر وحده فأكثر ما يؤلم أن تطعن من قبل من اعطيتهم الثقة وقال في نفسه”وأنت تغلق دائرة الثقة لا تنسى شكل المخرج ستحتاجه لتعود إليه لتفتحه مجدداً وترمي بمن وقفت بهم خارجاً” لكنه سرعان ما تمالك نفسه متجاهلا مشاعره حتى لا يلاحظه أحد سوى أمه .
وبينما الجميع لهم أهداف كالشهرة والجوائز والتسلية ومنهم من فقد الأمل بالحياة وجاء ليخاطر لكن من احضرهم ميسيبسا معه يدفعون أرواحهم ثمنا للوطن يثبثون أنهم سيقودونه دون أن يعلموا أن النهضة الجديدة ستأتي على يد سيفاو العائد وانتقام داميا الجريحة.
وخلال الصمت السائد تقدم الملك آيلاس وبنبرة متغطرسة تعكس شخصيته الهشة لأن الضعفاء دوماً يتسلحون بالغرور والنرجسية لإخفاء ضعفهم ،وبضحكة عالية “أرحب بكم في جامعة مادور هذا الصرح العظيم منبع المعارف ومولد النهضة منذ زمن معهد الأقوياء والفرسان حيث البقاء ليس للأقوى بل للأمكر والأذهى للأكمل والأخبث “
كلام معقول ممن يظن صاحب المعرفة ماكر وصاحب الحكمة ذو ذهاء ،شيء متوقع من جشع غادر مثله هذا ما قالته ناتير بهمس.
استمر يقول “اسلم الكلمة لاوستافيوس ممثل روما وبعده للمأطرين الذين سيجرون لكم اختبار اليوم لمعرفة من سيبقى ومن يغادر ،حينها شرح لهم اوستافيوس ما يلزم وهو ينظر بين المتقدمين إلى أن لمح نرفاسيوس بينهم جالساً قربه افراد نوميديون غير مختلط بالرومان فأعجبه وضعه وكيف أنه مجرد واحد منهم وليس ذلك القائد العظيم الذي كان عليه يوما يغار منه الجميع .
بدأ الإختبار وهو اختبار الكفاءات والمعارف أسئلة لمعرفة مستوياتهم وتقسيمه لمجموعات حسب كل مستوى تعطى النقاط لذوي المستوى الأول ،أما البقية فيغادرون وبعد الانتهاء لم يفز سوى مائة فرد رغم أن عدد المتقدمين كثير وما لا يعلمه أحد أن جماعة المولتوس أعطت أوامرها أن لا يقبل سوى ذو البديهة الجبارة أما ذوو القدرات المتواضعة فلا حاجة إليهم في مثل هذا الوضع بل عليهم العودة مجدداً حين يحسنون أنفسهم (الكاتبة صارمة في قوانينها الجامعية 😌)
تم تقسيم المقبولين إلى مستويات :المستوى الاول خمسون فردا يساوي أفراد المستوى الثاني كان سيفاو وداميا ونرفاسيوس من ضمن الناجحين في المستوى الاول وممن العروس كبار الأساتذة والمفكرين ،اما ناتير وغايا وأسيد واجونا وأردام من ضمن الناجحين في المستوى الثاني كان ميسيبسا سعيداً ،لانهم جميعاً مقبولون ومن بينهم ثلاثة في المستوى الاول.
تم تدكير الجميع بالقوانين وخطورة الاختبارات وأنه تبقى يومان لإعطاء آخر قراراتهم بالإكمال أو الانسحاب .
كانت ناتير تفكر في الانسحاب لأن المنافسات الأخيرة سيكون فيها الملك حاضراً ولن تستطيع اخفاء وجهها وقد أخبرت إبنها بهذا وهي نفس رغبته يخشى أن تتعرض للخطر لكنها أرادت أن تجرب دخول المنافسة لتثبيت قدرتها ولكن حين يكون آيلاس متواجداً ستنسحب .
انقضت مهلة اليومين وبدأت الدروس من طرف الفلاسفة والمفكرين يجمعهم بيبارس في الساحة لأول دروس الجامعة .
بيبارس:كتب التاريخ بقلم وحبر ونخطه على ورقة وقد يكون الخط جميل لكننا نقرأ الورقة ونمزقها أو نحتفظ بها في مكان يأكلها الغبار فيه لماذا لا نقرأ الورقة يومياً وطوال الوقت ونتأمل جمال الورقة وروعة الخط ؟
رفع طالب روماني يده يدعى كارلوس كانت تبدو عليه الفطنة”ببساطة لأن غاية هذه المخطوطة إعطاءنا  المعلومة وقد انتهت غايتها نأخذ جوهر الشيء هذا ما يهم وما تبقى لا نريده”
بيبارس:إذن لماذا نضطر لكتابة الجوهر والتضحية بالورقة والحبر إن كنا لا نحتاجها بعدها .
سيفاو :سيدي بل تحتاج الورقة وما كتب عليها لقد قلت انك كتبت تاريخاً بالورقة لتحميله من الزيف والتغير لتحافظ عليها كما هي للأجيال اللاحقة.
بيبارس:هذا منطقي يا فتى أحسنت.
داميا:أستاذ تضحية الورقة والخط الذي وصف الكلمات يذكرني بشيء نحن لا ندكر سوى ما كتب فقط لكننا لا ندكر الورقة والحبر وغيرها تماماً كالواقع ،نحن نذكر فقط الملوك والقادة الذين كتبوا التاريخ وننسى الجنود اللذين ماتو والمحاربين الذين ضحوا والشعب الذي قتل ،هذا لأن الإنسان يحب فقط ما يبدو له ثميناً كالجوهرة في منتصف التاج دون أن نذكر جمال الجواهر حولها وانها ساهمت في جعل التاج ثمينا .
بيبارس:هذا رائع يبدو أننا على وشك بدأ فصل مشوق .
واستمر النقاش إلى أن حان وقت التحديات من الجولة الأولى والتي ستكون العقوبة خلالها الابعاد.
توجهو إلى الساحة المجهزة بكل ما يلزم للمنافسات تحت حراسة الجنود وهناك أيضاً متفرجون من النبلاء وغيرهم يتراهنون على من يفوز ،إنه وضع محزن كالمسرحية تماماً حيث يتسلى الجهلة وبسطاء العقول بمن هم أفضل منهم في الواقع،حيث تعطى القيمة لمن لا يملكون مستوى أما من يستحقون الثناء فيتلقون السخرية .
بدأت الهتافات من المتفرجين المتحمسين لبداية الجولات الأولى التي لا شك تبدو حماسية للغاية .
يقف أصحاب المستوى الأول في المقدمة خلفهم تماماً أصحاب المستوى الثاني لكن العدد قد تقلص ليصل إلى ثمانين فرداً أي أربعين ضد أربعين وستجرى القرعة لمعرفة نوع الاختبارات يتم سحب مخطوطات موضوعة على سهام يكتب عليها ما سيجريه صاحب السهم ،وكل فرد من المستوى الاول سينافس من يحمل نفس الرقم من المستوى الثاني.
كان منافس سيفاو فتى من اليونان ضخم البنية ،اما نرفاسيوس فمنافسه حبشي وأسيد ينافس رومانيا وغايا واجونا وأردام يتنافسون مع أفراد من نوميديا والمفاجأة أن داميا ستنافس ناتير ولا شك أن الخاسرة فيها تغادر .
وحسب القرعة تعددت المنافسات لكن أغلبها كانت المصارعة الرومانية والشطرنج فانقسم الجمهور للتشجيع والرهان .
كانت المصارعة الرومانية من نصيب نرفاسيوس وباقي الفتية أما داميا وناتير ستتباريان في رقعة الشطرنج،كان سيفاو متوتراً منافسه يبدو ضخم وقوي مقارنة به نحيل الجسم قليلاً واصغر سنا لكنه أقسم بأن لا يستسلم أو ينسحب مهما حصل .
في الميدان تبدأ الجولات بنرفاسيوس ومنافسه الافريقي تبدو منافسة متكافئة نوعاً ما كلاهما قوي البنية وطويل لكن يراهن الجميع على فوز الحبشي .
تقسم المواجهة إلى ثلاث جولات كل جولة منها مدتها دقيقتان فقط بينهما نصف دقيقة استراحة تنتهي اللعبة بتثبيث الخصم ،وفي حال تثبيث أحد المصارعين لخصمه ولمس كتفيه الأرض معا مدة ثانيتين يعلن الحكم فوز المصارع مباشرة .
إبدآ.
اعتلى الصراخ واشتد الحماس والجميع يشاهد ويراهن على من يفوز ،نرفاسيوس ومنافسه كل منهما يطرح الآخر ولا يقدر عليه بسهولة ،قلب الحبشي نرفاسيوس وحاول تثبيثه لكنه سرعان ما رد له نرفاسيوس الضربة وثبثه وفاز في الجولة الأولى .
وبعد استعادة الأنفاس تبدأ الجولة الثانية تحت التسجيلات وبدأ التباري بينهما كل منها لا يستهان به لكن هذه المرة أوقع الحبشي نرفاسيوس بقوة وثيقه أرضاً لكنه غير مستعد للإسلام بقيت جولة واحدة .
نرفاسيوس:لابد أن يمتلك هذا الضخم نقطة ضعف ماهي ؟.....وجدتها السرعة لابد أن اقضي عليه من نصف أول نصف دقيقة .
التحمل مجدداً وهذه المرة بسرعة خاطفة ثبثه أرضاً ،انتهت المنافسة بفوز نرفاسيوس الذي خرج متباهيا ينظر لداميا قائلا ما رأيك؟
لكنها تجاهلته “أحمق وما شأني انا بفوزك أو خسارتك؟”
نرفاسيوس في نفسه”ظننت أني حصين تجاه ما يسمى المشاعر لكن اتضح اني عندما ظننت ذلك استثنيتك من الأمر “لا بأس المهم اني فزت .
استمرت المنافسات بفوز أجونا وأسيد والبقية بسهولة والآن دور سيفاو المتوتر قليلاً .
ناتير:دع هذا التوتر جانباً عليك أن لا تفكر سوى في الفوز .
سيفاو :حسنا سأفوز لأجلك أمي كوني فخورة بي .
كان الجميع في هذه الجولة يراهن على اليوناني فكما يبدو سيهلك هذا الصغير حتماً.
اليوناني يستهزئ بسيفاو لكن هذا الأخير لم يكترث له مطلقاً بل بدأ بداية قوية والتركيز عال يحاول إسقاطه وتثبيثه لكن هذا لم يكن كافياً يحتاج للمزيد من القوة حتى نال منه اليوناني ووقع أرضا كانت ضربة موجعة للبربري صاحب الشعر الاسود المجعد لكنه لن يستسلم وفي بداية الجولة الثانية قرر الهجوم مباشرة دون انتظار وبحركة خاطفة جعلت الجميع يندهش طرحه ملقى الكتفين متألما حتى هو لا يصدق ما حصل انتهت الجولة الثانية بالتعادل ،والفيصل ما ستنتهي عليه الجولة الثالثة .
يبدو أن اليوناني لا يريد الخسارة تغيرت نظرة الجميع لسيفاو يبدو أنه صار لديه من يراهن على فوزه ،هذه المرة كل منهما يظهر اقوى ما لديه .
مرت دقيقة كاملة ولم يسقط اي منهما .
تعلو الهتافات والحماس وأصوات التشجيعات .
داميا :هيا يا سيفاو أره ما لديك .
ناتير :إقض عليه يا بني .
غايا والآخرون هيا يا صديقي .
نرفاسيوس:لا اريدك ان تخسر ايها الغر.
داميا :انت لها انت الافضل ،وما أن هتفت له انزعج الروماني .
نرفاسيوس:غيرت رأيي أرجو أن تخسر.
سيفاو بشجاعة وبالضربة القاضية ثبثه بقوة ولم يترك له المجال ليعود في النزال وأعلن فوزه أخيراً.
بكل فخر اثبث أنه قادر “شكراً لتشجيعاتكم انتم قوتي “
مرت المنافسات وحان دور داميا وناتير للتباري في رقعة الشطرنج ،داميا بالقطع السوداء وناتير بالبيضاء لتكون من ستبدأ فاتخذت وضعية الانتشار أما داميا فقامت بوضع خطة القطعة مقابل قطعة لتغير الاستراتيجية من خطة الانتشار إلى خطة ضربة الشوكة وحاصرت قطعتين لإجبار داميا على التراجع لكن داميا ليست غبية لتنفيذ الأخيرة خطتها في استهداف الملك مباشرة وهزمتها.
ناتير:حزينة للخسارة لكن لا بأس أنها تستحق الفوز .
داميا:معلمي لم أنسى طريقتك في اللعب “مهاجمة الملك مباشرة “لقد فادتني اليوم.
كان سيفاو حزين لخسارة أمه لكن الابعاد بجنبها الخطر ستعود للقرية وتكون بأمان هناك .
وهكذا تم تحديد الفائزين في هذه الجولة وقد انخفض العدد للنصف أما البقية سيكملون الدراسة والتحديات حتى الوصول إلى المنافسات النهائية .
وصلت لجماعة المولتوس سجلات المتأهلين وكانو يتفحصونها بانبهار فجميع الفائزين يتمتعون بقوة وصمود وذهاء خاصة النوميديين منهم وهذا ما يدل على اقتراب الرؤية من التحقق لم يبق الكثير ليأتي ذلك اليوم الذي يظهر فيه حامل السيف مع فرسانه لتخليص البلاد وتحريرها.
كانت اليوميات في الجامعة عادية جداً البعض يتسلى والآخرون يقرأون أو يتدربون لانه لم يتبق سوى جولتان من المرحلة الأولى ثم الدخول الى المرحلة التي سيدفع كل منهم حياته ثمنا للخروج منها لكن رفاق سيفاو لا يمر يوم دون أن يزيدهم حماساً وثقة بالنفس.
كان غايا في أحد الأروقة ينتظر سيفاو للذهاب إلى المحاضرة يتنهد بملل” اين ذلك الفتى كثير التأمل والتفكير لما علي أن انتظره دوما”وبينما هو غارق في ملله مر إثنان من الطلبة الرومان ينظران إليه باحتقار كعادتهما حين يشاهدان أحد الطلبة النوميديين،حتى قال أحدهما للآخر”أنظر إليه يبدو طفلا لا أعلم كيف تأهل لهذه المرحلة أمثاله يغادرون من الجولة الأولى”ضحك الآخر وأجابه”لا ادري كيف تجرأ على المشاركة من الأساس”
غضب غايا من كلامهما لكنه لم يرد خوفاً من أن يفصل أو يعاقب لكنهما استمرت في استفزازه ومضايقته انتهى به المطاف للدخول معهما في شجار وفي لحظة غضب لم يتمالك نفسه وأمسك مزهرية كانت موضوعة في الممر وكسرها على رأس أحدهما وأخذت الدماء مجراها تسيل منه أما الآخر فبدأ بضرب غايا ولكمه ذوى صوت الصراخ في كل مكان إلى أن جاء الحراس الذين كانو خارجاً لتفرقتهم واخذوهم إلى المسؤول الروماني ،كانو يجرون غايا بقوة إنه في وضع صعب الآن وبينما الوضع كذلك كان سيفاو قريبا وقد لاحظ ما يجري فركض مسرعاً إلى صديقه .
“مالأمر ياصديقي؟مالذي يحدث؟”
غايا:ساعدني يا أخي أين معلمي ؟
إنهم يقودونه إلى المسؤول هو والطالبين الآخران أمام أنظار الجميع رأته داميا لتقترب بقلق “مالذي يجري ؟اتركوه أيها الحمقى “وحاولت أن تواجه الحراس لتركه لكنهم ضربوها ووقعت أرضا.
سيفاو :طفح الكيل لن أسمح لكم بلمس اصدقائي كيف تجرؤون على ضرب إمرأة يا عديمي الأصل.
أحد الحراس آمرا رفاقه “أمسكو المرأة والفتى وقودوهم جميعاً للعقاب .
ازداد الوضع سوءاً كان غايا فقط والآن داميا وسيفاو أيضاً .
وصل نرفاسيوس الذي رأى كل ما حدث متأخراً لم يرد أن يحكم نفسه “اغبياء لقد ورطتم أنفسكم سأذهب لميسيبسا قد يجد حلا لهذا “
كان أحد الأطباء يعالج الطالب المصاب أما غايا والآخر فيقفان أمام المسؤول الذي جمع كل الأساتذة وكبار المعلمين وغيرهم وجاء ميسيبسا الذي ينظر اغتيال بغضب كأنه لم يتوقع أن يفعل تلميذه العاقل هذا لأنه يعلم أن من يتجرأ على الرومان يلقى العقاب .
بدأ الرومانيان في تأليف القصص وقلبو مجرى ما حدث بحيث يبدو أن عليا من اعتدى عليهما وليس العكس تحت دهشة الجميع.
سيفاو :يفتح عيونه البنية بغضب صديقي لا يفعل هذا ،أنتما من تجرأ عليه .
داميا :تلفيق القصص والكذب من اختصاصكم أيها الرومان الحقيرون .
المسؤول:إلزمي حدودك وإلا قطعت رأسك .
وبعد الاستماع لكل الأطراف حكم عليهم باختيار إما الفصل أو أن يدخل غايا قفص الأسود كعقاب إما أن يقاتلها أو يموت.
سيفاو :بغضب:هذا ظلم لن أسمح لكم خذوني بدلاً عنه ،إياكم أن تلمسو صديقي .
داميا :اتركوه يذهب في سبيله غايا لن يضرب أحداً بدون سبب .
المسؤول:لا احب المتمردين أبدا لذا يبدو أنكما تريدان أن تشاركاه العقوبة لكما هذا ،سيستمتع الجميع اليوم .
ميسيبسا:أنا اعترض هم لم يفعلوا شيئا يستحق لقد أخطأ غايا لكن هذا لا يخول لكم أن تعاقبوه بهذه الطريقة أما الآخران فلا ذنب لهما .
المسؤول:هذا لا يعنيك أيها العجوز لقد انتهت مهامك هنا منذ زمن لا تقحم نفسك أنت تعلم ما يحصل لمن يتجاوز حدوده.
وبقي يحاول أن يجعلهم يصلحون عن غايا والرفاق لكن دون جدوى.
أخذ الحراس غايا وسيفاو وداميا أمام أنظار الجميع إلى الساحة الكبرى بعد أن قيدوهم بالسلاسل يلحقهم المعلم ميسيبسا الذي يترجى أن يتركوهم لكن ما عساه أن يفعل لا توجد رحمة ،كان الجميع يشاهد البعض مندهش والبعض مستمتع أما الثلاثة فقلوبهم تنبض بالخوف والرهبة لم يتوقعو أن يواجهو الموت في مادور التي لا ترحم في وقت مبكر وتحت حماس الجميع ألقوهم في قفص ضخم من الفولاذ مع ثلاثة اسود .
قضي علينا صرخ عليا بهذه العبارة ودخل في نوبة هستيرية فتقدم أمامه سيفاو “ستنجو يا صديقي إبق خلفي ولا تخف”
داميا تستل خنجرا وتستعد”لم اواجه في حياتي أي نوع من الضواري مالعمل المكان ضيق ومخيف “
لم يستطيعو حتى التركيز الخوف من جهة وهتاف المتفرجين من جهة أخرى كالعادة الرهانات عمن سيموت أولاً.
أحد الطلبة :سيموت الولد البكاءأولا ثم الفتاة والنحيل أو سيمسك كل اسد بواحد منهم ويفترسه ،تحت قهقهة الجميع يمسكه نرفاسيوس من صدره اغلق فمك وإلا قطعت لسانك المشؤوم لتموت قبلهم .
يتراجع الثلاثة بخوف شديد والأسود تقترب تزيد الرهبة ويعلو الصراخ إلى أن انقض أحد الاسود عليهم ومن خوفه ركض غايا حتى يبعدهم عن رفيقيه فاجتمعت الأسود الثلاثة حوله سيهلك لا محالة .
داميا :ألا توجد نقطة ضعف للأسد.
سيفاو :لا اعلم السباع هي الأقوى لقد هلكنا سررت بمعرفتك على كل حال .
داميا :وجدتها الأسود تعشق مطاردة الفريسة إن كنت تظهر خوفك فأنت تلعب دور الفريسة لكن إن هجمت ستخالك أحد الضواري قد تقاتلك لكنها قد تخاف ،إذن هناك احتمالان إما سنموت كالحمقى او نموت كالأبطال .
سيفاو :ماذا ؟كل الاحتمالات تؤدي للموت ما هذا الحظ لم أتزوج بعد.
داميا :نحن على وشك أن نصبح عجة لهم وانت تفكر في هذا؟
سيفاو:نظر بخجل:أردت أن نتزوج .
داميا :هذا ما كان ينقصني الزواج من رضيع هيا افعل ما قلته لك صبري بدأ ينفذ.
كانت الاسود تهاجم غايا لأنها رأت بغريزتها أنه الحلقة الأضعف ،اما داميا وسيفاو فكانا يتقدمان منها دون خوف أو على الأقل التظاهر بالشجاعة والهجوم ورفعا أيديهما معا لمحاولة ضربها بالخناجر وأخيراً ابتعدت عن غايا الذي أخذ نفسا عميقا،لكن مع من يلعبان مع زعيم الغابة؟
في مشكلات كهذه وحين يكون الخصم أقوى منك وانت على وشك خوض مزال خاسر لا تكن فريسة حاول أن تهاجم كن مثيراً للجدل للقرف لكن أبداً لا تكن مثيراً للشفقة هذا ما تعلمه سيفاو من فلسفة داميا في هذا القفص.
كان هجومهما غير كاف في منطقة ضيقة ولا مجال للهرب والتوتر يغلب على المكان ،إنهما يوشكان على الاستسلام محاصران وغايا ساقط على الأرض والزئير من الأسد الضخم يعلو إنها النهاية .
كان أصدقائهم يهاجمون الجنود والحراس لإخراجهم والجميع يشاهد كأنها تسلية .
أسيد:أطلقو سراحهم أيها الحمقى فلتنتهي اللعبة لا نريد أن نكمل فقط اخرجوهم .
أجونا :يضرب بكل قوته ويلقي أرضاً كل من يجده أمامه منطلقاً نحو القفص يتبعه نرفاسيوس وهاهما يحاولان إيجاد طريقة لإخراجهم لكن الحراس يضربونهم من كل جانب .
أسيد:افعل شيئا يا معلمي ؟معلمي ؟إستدار فلم يجد ميسيبسا ،أين أنت يا معلمي سيقضون عليهم ،وفي خضم هذا الجو المرعب المخيف انطلق صوت مهيب من بوابة الساحة “توقفت” ليلتفت الجميع .
إنه رجل ضخم علامات الوقار عليه إلى جانب ميسيبسا.
الرجل:أخرجوهم حالا إن لم تكونو متلهفين لحتفكم
واقترب من الجنود والحراس ينقض عليهم وما إن يقترب منه أحد حتى يطرحه أرضاً إلى أن أتى المسؤول وبكل خوف أمرهم بإخراج الشباب من القفص وتركهم في حال سبيلهم ،أما الجميع فيتساءل من هذا الرجل ولما تراعي المسؤول منه ،لكنه رحل بغموض دون أن يتسنى لسيفاو ورفاقه شكره .
من هذا الرجل يا معلمي تساءل سيفاو ليجيبه ميسيبسا إنه أحد قدماء المسؤولين هنا استنجدت به لمساعدتكم .
غايا :معلمي أنا آسف ....لم ينهي جملته حتى تلقى صفعة قوية من ميسيبسا.
ميسيبسا:تهورك هذا كاد يقود رفاقك للخطر لولا تدخل الكبير (الرجل من كبار جماعة المولتوس له نفوذ واسع في البلاد منذ عهد الملوك السابقين استنجد به ميسيبسا واستدعاء لإخراج الفتية )
غايا :أنا آسف سأعوضهم اعدك .
ميسيبسا:لا تكلمني .
وحين أرادوا أن يستفسر اكثر عن الرجل قال”هذا ليس وقت الأسئلة استريحو الآن ما هو قادم سيكون أصعب مما قد مر عليكم “
داميا :لا بأس على الأقل لن نقضي ايامنا في ملل وهذا كاف وخلال هذا النقاش تقدم منهم مسؤول مادور مهدداً لقد نجوتم هذه المرة لكن المرة القادمة في المراحل النهائية لن تنجو بأفعالكم وانسحب ،لكن الآخرين أدركوا أن هؤلاء جماعة لايستهان بهم وان التحدي ضدهم سيكون قوياً جداً .
انصرف ميسيبسا خارج الجامعة منتظراً استدعاء المولتوس له وما أن وصل حتى لقي غضبهم وأوامر بأن يكون حذراً أنه يجب عليه حمايتهم لأن صاحب الدم الملكي بينهم وأعطته خطة تتضمن ما يجب فعله خلال المرحلة المقبلة لم يعد هناك وقت للإنتظار لابد أن يستل السيف حامله باتو على يقين أن فتية ميسيبسا هم من سيستلون السيف لأنه حسب الرؤية لم يكن هناك يد واحدة وهذا يدل على التعاون والتآزر .
مرت الأيام واشتدت الإختبارات ورغم صعوبتها استطاع سيفاو ومن معه تجاوزها اي أنهم تجاوزوا المرحلة الأولى مرحلة الخاسر يستبعد وجاء وقت الجد امتحان الموت بمراحله وقبلها هناك مرحلة الاستعداد وتصفية الذهن وانتهاء دروس الجامعة.
كان سيفاو في أحد الممرات يفكر في أمه لم يرها مند مدة وكانت أطول مدة يقضيها بعيداً عنها ،ما كان يخفف عنه وحدته وجود غايا إلى جانبه صحيح أنه يحب جميع اصدقائه إلا أن غايا اقربهم إليه إنه يفهمه ويحس به لكنه حزين لعدم اخباره بحقيقته .
جميل أن نملك ذلك الشخص الذي نرحل عنه صباحاً كالاطفال ونعود إليه مساء محملين بهموم الشيوخ بعد أن نتلقى صفعات الحياة فيكون دواء الجرح وضماد القلب هكذا كان غايا بالنسبة لسيفاو .
كان سيفاو يراجع إحدى المخطوطات فالأستاد يعد لهم امتحانا قبل الذهاب لمرحلة الموت ،ظل يراجع بصوت عال إلى أن وصل إلى مكتوب يتحدث عن موضوع اليقين والحقيقة والكذب ،ليتذكر ميسيبسا وغايا وكيف أنه يحبهما لدرجة أن يموت لأجلهما لو تطلب الأمر ويحب داميا أيضاً لكنه يخفي عنهم حقيقته .
سيفاو :أنا إبن الملك استنبال لكن لا أحد يعرف إنه مثل الحمل الثقيل في هذا القلب المليء بالأحزان .
وبينما قالها بصوت مرتفع وهو شارد أحس أنه مراقب “أيعقل أن أحداً ما سمع حديثي “وبحث حوله لكنه لم يعثر عليه .
“أظنني أتوهم فحسب “قالها ثم أكمل ما كان يفعل .
في الحقيقة إحساسه في محله هناك من سمعه يكلم نفسه خاصة ما قاله في الأخير ،كان غايا يود قضاء وقت معه وبينما نادى عليه لم يسمع سيفاو النداء وعندما اقترب سمع كل شيء فأخذته الصدمة لم يستطع التصديق هل يذهب إليه ويسأله ؟؟؟إنه شعور بين الخوف والفخر والرهبة يمتزج ببعضه ،تمالك نفسه بصعوبة ،هل سيؤثر فيه ماسمع؟وهنا أدرك سبب تصرفاته الغريبة وحديثه عن كل تلك الأحلام والأهداف لكنه حزن لأن سيفاو لم يخبره بنفسه .
غايا :إن عرف شخص آخر سيقضى عليه هل سيعود لمكانته ويحقق غايته كيف يمكنني مساعدته؟لكن المرحلة القادمة خطيرة إن حصل له مكروه نكون قد خسرنا ولي العهد.
لذا قرر أن يعينه على التخرج بالمرتبة الأولى من الجامعة لأن هذا سيمنحه أفضلية لكن كيف سيحصل على نقاط في هذه المرحلة ؟
قضى ساعات يفكر في الأمر خروج صديقه بالمرتبة الأولى سيجعله قادرا على الوصول لأبعد الحدود لذا يجب أن يقف معه حتى الوصول إلى النهاية .
في المحاضرة الأخيرة قبل الامتحان النهائي لم يتبق سوى عشرون طالبا المنافسة تشتد تمت تصفية الخاسرين وحان وقت الموت أو الحياة كانت الفلسفة آخر ما سيتلقونه من تأطير.
الأستاذ:ماهي حقيقة الجنس البشري ؟وما سر وجودهم ؟
كارلوس:سر الوجود هو ما يتصارع عليه البشر منذ الأزل هو محاولة إيجاد الحقيقة والعيش في كنفها دون صراع السر هو الوصول لمراحل الكمال في البشرية حيث تنقضي الأمراض وتختفي الحروب هو العيش في مثالية بالطريقة المثلى لكنه لا يزال بعيد المنال عن عصرنا.
سيفاو:لا أملك من الخبرة ما يخولني معرفة حقيقتهم أو سر وجودهم ما أعلمه أننا مخلوقات دنيئة تغدر من أجل القوة والسلطة تغذينا الكراهية وتعمينا الغيرة.
الأستاذ:لما كل هذا الغضب اتجاه البشر يا فتى ؟
سيفاو :لأني فتحت عيوني على الغدر والخيانة وتربيت على الهرب لكني سأعود يوماً لأنهي القصة.
الأستاذ:لا اعلم ماذا ستنهي لكن لتصل لابد أن لا تحيد عن طريق المبادئ التي رسمتها .
سيفاو:مؤكد.
داميا في نفسها”إنه محق الغدر هو صفة البشر منذ بداية الخليقة كل سوء قد حصل بسبب غدر الناس لبعضهم ،حين دخلت تلك القرية كان هذا الشاب لا يتجاوز ثلاث سنوات هل هناك شيء لا نعرفه بشأنه لما يقول هذا ،الجملة الأخيرة حيرتني فعلاً .
استمر النقاش طويلا فهذه هي الحصة المفضلة للجميع لكن كلمات الغدر والخيانة التي قالها سيفاو لا تزال ترن في أذن غايا
“سأجعلك تغير رأيك وتعرف نوعاً جديداً من البشر النوع المضحي سترى الوفاء في أسمى معانيه يا اخي
انقضى اليوم وكانت تصرفات غايا غريبة منعزل وحزين وشارد الذهن حتى ميسيبسا لاحظ هذا لكن لم يقلق كثيراً لأنهم اقتربو من أخطر مرحلة في مادور وبديهي أن يحسو بالقلق .
كان سيفاو وغايا متوجهان لحجرتهما ليستريحا قليلاً وغايا ينظر لسيفاو بشرود كأنه ينظر إليه لأول مرة وفي ذهنه تعصف فكرة ما .
وما إن وصلا الحجرة حتى قال.
غايا :سيفاو ماهو الشيء الذي تود الوصول إليه ماهو هدفك ؟
سيفاو :يا صديقي انت تعلم لنتخرج من مادور أولا ثم نصبح من عظماء الأمة ثانيا ،بعد الجولة الأخيرة ستفتح كل أبواب الحياة أمامنا .
غايا :بحزن ،انت لم تخسر شيء لحد الآن لكن المنافسة شرسة وقد تتغير المفاهيم في أي لحظة .
سيفاو :ماذا تقصد .
غايا :جميع من وصلو لهذه المراحل سواء رفاقنا أو الطلبة الآخرون يملكون نفس النقاط والقدرات لكي تتجاوزهم تميز عنهم .
سيفاو :نعم مؤكد سأحاول في الجولات الأخيرة.
غايا :تحتاج للنقاط”وفكر في إعطاءه النقاط عن طريق الفكرة المجنونة التي كانت في رأسه منذ وقت ,نعم سيضحي”
استغرب سيفاو من أسئلة غايا يحاول جعله يصمت ليحضيا ببعض الراحة لكن غايا بنظرة الحزن والألم وقف مقابلا له بضحكة بريئة قال له هذه من اجلك يا أخي يا ولي العهد،نظر إليه سيفاو مذهولا ماذا تفعل؟مالذي تقوله ؟وقبل أن ينهي جملته كان غايا قد أخرج خنجرا وبحركة خاطفة طعن نفسه وغرق في دمه ،فركض إليه سيفاو بصرخة دوت أنحاء مادور كلها سمعها الجميع “غايا “
احتضنه بقوة تملأهما الدماء .
سيفاو :لما فعلت هذا هل جننت ؟
غايا: أريد أن أعطيك نقاطا فمن يقتل طالبا أو يقصيه يعطى نقاطاً إضافية تنجيه من مرحلة الموت وانا لا اريدك ان تموت قبل أن تعود وتعيد للملكة مجدها فعلت هذا لاجلك خذ الخنجر كلانا نعرف انك لن تقتل أحدا ،انت ستعيد نوميديا تضحيتي لن تذهب هباء معلمي قال إن رجلاً عظيماً سيعيدها إنه انت وانا فعلت هذا لحمايتك لديك نقاط ستؤهلك ملوك نوميديا تخرجو من هنا وانت واحد منهم .
سيفاو:كنت تعرف إذن يا أخي ،أغلق فمك الآن ستكون بخير .
غايا:لا أريد أن أكون بخير ستذهب روحي لحيث يرقد والدك لأخبره انك أعظم من سيخرج من هنا ،أنهى جملته وانغلقت عيناه ونام وجهه البريء .
وصرخ سيفاو حتى تمزقت احباله ومهما حاول إيقاظه لن يستيقظ لقد فات الاوان وغادر للأبد .
هرع الجميع عند سماع الصراخ القوي فتزعزعت رباطة جأشهم ،غايا مدرج بدمائه وسيفاو يحمل الخنجر بيده نظرات الجميع نحوه اهو من فعلها؟هذا لا يعقل كيف استطاع فعلها ألم يكن صديقه وأخاه هذا لا يصدق وعندما أتى المسؤولون الرومان بضحكة استفزاز ودون رحمة قامو بتهنئة سيفاو “لقد فعلتها أخيراً تشجع أحد على القتل تهانينا النقاط الإضافية ستحميك في المرحلة المقبلة”
أما أسيد والرفاق ينظرون إليه نظرات غاضبة متسائلة ،لم يتوقعو هذا سيفاو يقتل عليا هذا لا يصدق أنه كابوس .
أسيد:سأقتلك أيها الغادر ماذا فعل لك أمن أجل نقاط تقتل إنساناً تبا لك واستمر في شتمه وإهانته ومحاولة ضربه لولا منع أجونا وأردام له لقضى عليه من شدة الغضب .
وهاهو يدخل ميسيبسا مستفسرا مالذي يحدث؟ليشاهد المنظر المرعب ،كأن جزء من روحه قد قتل وعلى يد من على يد جزء آخر من روحه ،يحاول أن لا يصدق هذا غير معقول لا يستطيع الوقوف على قدميه من هول المنظر فجأة وقع مذهولا لم يتحمل ما رآه .
إن اسوء فقدان بعد فقدان الوالدين فقدان الأبناء في سن الشباب ،اغمي عليه لم يتحمل لاقوى يتعين الفرد على رؤية من كفله ورباه يفارق الحياة،نقلو ميسيبسا للطبيب وحملو جثة غايا للدفن أما سيفاو فقد دخل في نوبة هستيرية يحطم كل ما يجده غضبه كفيل بتدمير جيوش بأسرها حتى قيدوه بصعوبة في انتظار أن يهدأ.
نرفاسيوس:لقد فعلها هذا الولد حتى انا لم أجرؤ على فعلها.
داميا :هو لم يفعل هذا انا واثقة الحزن في عينه ونظرته توحي بذلك أنه مصدوم لا اعلم ما حصل بالضبط لكنه لن يقتل الرجل الذي يعالج الطيور الجريحة ويحرص على مساعدة الأطفال والضعفاء لن يقتل إلا أعدائه .
نرفاسيوس: الجميع رأى الخنجر في يده لا اعلم لما تثقين بهذا الغبي.
داميا:لأنه الشخص الوحيد في العالم الذي يستحق لقد رمى بنفسه للأسود لأجل غايا يستحيل أن يقتله .
نرفاسيوس:في نفسه”هذا الغبي الأحمق حتى حين يذنب الجميع يحبه”
الجميع في جنازة عليا إلا سيفاو في غرفة مظلمة ليست كظلام قلبه يريد الموت واللحاق به يحس بالعجز لأنه لم يوقفه .
وفي الجنازة الرفاق محطمون خاصة اسيد “يصرخ ببكاء سأنتقم منك يا سيفاو القاتل “
أما ميسيبسا فقد انعزل في مكان خال يبكي وحيداً كأن الزمن توقف عند لحظة رؤيته للفتى الذي لقي مصرعه.
مرت الأيام ولا أحد يكلم سيفاو سوى داميا تحاول معرفة ما حدث لكنه لا يخبرها بشيء ،الجميع يراه مجرماً غادرا خاصة أشيد كان يعتبره من اعز الناس والآن يشعر بالخذلان من طرفه ،لكن الآن كل تركيزهم على التدريب والتحضير لمرحلة الموت النهائية .
تشكلت رابطة قوية بين الفرسان ونرفاسيوس قصة وقتا طويلا في التدريب والتحضير معا لقهر المستحيل .
كان ميسيبسا يرتب أشياء غايا بحزن وقهر وسط الدموع المترقرقة وبينما ينهمك وجد ورقة بين أغراضه في أحد الصناديق.
“معلمي العزيز وأبي الثاني ربما حين تجد ما أكتب اكون في مكان أجمل حيث لا حروب ولا فقدان في مكان ترتاح فيه الروح ولا يغلقها الحزن ،انا مقدم على أن أفعل شيئاً قد يحزنك لكنك سامحني حين تعرف السبب لقد ضحيت لأجل شيء ثمين لأمنح نقاطاً لشخص سيكون عظيماً ويخرج البلاد من أزماتها ،بعد أن علمت حقيقته خفت أن يتعرض للخطر في مرحلة الموت وأن لا تكفيه النقاط للنجاة ،انا أتكلم عن سيفاو إنه ولي العهد إبن استنبال لا دليل لي على هذا لكني سمعته أريدك أن تعتني به وتعينه فهو من سيقود النهضة القادمة “
ما إن أنهى الرسالة حتى انغمرت الدموع منه دون وعي وامتزجت أحاسيسه بين الفرح والحزن والخوف والفخر بهذه التضحية الكبيرة التي قام بها غايا فلو كان كل الرجال مضحين لأجل الوطن لما بقي روماني او محتل واحد في أراضيها .
قرر ميسيبسا في إعانة سيفاو دون أن يخبره وكله سعادة إن عرف هذا وذهب لإثباث الحقيقة للجميع بأنه ليس القاتل وأن غايا أراد بفعلته أن يمنحه النقاط ،هذا الاعتراف أثلج صدره قليلاً رغم الحزن فقد زاد همه خصوصاً بعد ترك اصدقائه له لكنهم عادة لبعضهم أخيراً.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 05 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لأجل نوميديا عودة سيفاو وانتقام دامياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن