«الأول : قنينة نار »

111 14 83
                                    

_________________

﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيم ﴾

﴿لَهُ مُلكُ السَّماواتِ وَالأَرضِ يُحيي وَيُميتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾

﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾

( الحديد 1 إلى 3)

________________________________
السبت 2011/6/9
________________________________

كان الجو حارًا كما يفترض به أن يكون في أي دولة عربية
في شهر يونيو ، الشمس الحارقة تلفح وجوه الناس ولم يكن الصبيان اللذان يركبان الدراجة ذاتها استثناءًا ، الأول صاحب بشرة برونزية تناغمت مع شعره البني الداكن المموج الذي يطير في كل اتجاه حاليًا بفعل الريح .

وبأعينه السوداء المبهرة التي صبت جل تركيزها على الطريق ، خاطب رفيقه الذي احتل المقعد الخلفي واضعًا بينهما حقيبة كتفه التي تصاحبه دومًا حتى استحالت جزءًا من جسده يَعجَبُ الناس اذا لم يروها معه ، لكن صديقنا الفريد ذو الشعر الأسود والبشرة الحنطية المعتادة لم يجلس كباقي البشر على المقعد الخلفي .

لقد اتخذ لنفسه وضعية عجيبة ؛ فظهره بظهر رفيقه وأصابع قدميه الحافية تتشبثان بشبكة المقعد الخلفي بقوة وعلى ركبتيه استندت كراسة رسم ، لم يجب رفيق الأسمر فقرر الأخير إعادة النداء متمنيًا من كل قلبه أن يجيبه
" نوح ! "

" من الأرض إلى نوح هل تسمعني ؟!"
ولما لم يلق إجابةً البتة عرف أن صديقه قد دخل حيز التركيز المطلق ولن يخرجه منها إلا تدخل جسدي يحرك غرائزه التي تبقيه حيًا .

" طيب ! لقد طلبتها إذًا !"

استغل قائد الدراجة وضعية صاحبه الغريبة وأخذ يميل بالدراجة يمنة ويسارًا واثقًا أنه لن يسقط وأنَّى له وهو الأبرع في قيادتها بين جميع أقرانه؟

هنا أحس الراكب بالخطر ورنت أجهزة الإنذار التي أودعت في جسمه وصرخ

" بسم الله ! يا رعد ! تمهل سأسقط ! تمهل أرجوك !"

ضحك رعد بشدة واستمر في التمايل بالدراجة غير آبهٍ بصراخ رفيقه الذي سرعان ما ترك قلمه الرصاص وتشبث بيده بالمقعد ، قد يتساءل المرء كيف لمقعد الدراجة هذا أن يتسع له؟ لقد فضل أن يعدل الدراجة على أن يعدل جلسته .

" يارعد !"

" أعتقد بأنني أسمع صوتًا من بعيد ؟ من يكون هذا ياترى؟"

فرناس 583 .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن