«الثالث : السبيل»

58 8 17
                                    


_________________________

﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر۝فَفَتَحنا أَبوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنهَمِرٍ۝وَفَجَّرنَا الأَرضَ عُيونًا فَالتَقَى الماءُ عَلى أَمرٍ قَد قُدِرَ۝وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ۝تَجري بِأَعيُنِنا جَزاءً لِمَن كانَ كُفِرَ﴾ [القمر: 10-14]

_________________________

كان الظلام الذي يحيطني نتيجة لما غُطي وجهي به ولم أستطع تحديد ماهيته بالضبط ، واستمرت الأيدي بسحبي
بسرعة مصحوبة بقوة شديدة ، ويحي ! هل أخذني الجنود؟

وحين هممت بالمقاومة والكلام ،أسرع خاطفي لتكميم فمي بيده بينما أمسك كلتا ذراعاي باليد الأخرى ثم همس كما لو كنا مراقبين - على العكس مما يفعلونه دومًا إذ يتكلمون بأعلى صوت لديهم - :

" لا تفزع . إنه أنا "

توقفت عن محاولة المقاومة لأنني أعرف صاحب الصوت . إنه شادي . لكن مالذي يبتغيه شادي من خطفي بهذه الطريقة؟ وكم من شارع خلفي سنعبره أيضًا؟ أيعقل ؟...
بدأت في المقاومة مجددًا لكن شادي أقوى مني وأطول ، كيف لم ألحظ ؟

"  أنت فتى مُتعب !"

مالذي يعنيه ؟ أيجب علي السكوت والخضوع ؟ على جثتي !حين هممت بمنحه نطحة قوية من الأسفل ، سمعت صوت فتح باب سيارة وتم إلقائي على الأريكة الخلفية وجاء شادي بعدي سريعًا وأغلق الباب .

وعلى عكس توقعاتي ، لم يتم ربطي أو تخديري ولا حتى سحب حقيبتي ، بل أزالوا ما على عيني وإذ بها تكون .. قبعة !  نظرت حولي ، شادي على اليمين ، شخص لا أعرفه على اليسار والسائق أيضًا لم أكن أعرفه لكنني لحظت ان كل النوافذ مغلقة و المكيف يعمل على أقل درجة رغم شدة الحرارة ، كما أن السيارة تنطلق بسرعة بعض الشيء .

" ما الأمر ياشادي ؟!"

طفح كيلي من كل هذه الطلاسم ! إما أن يشرح لي الآن مايجري أو سألقي بنفسي من أقرب باب . وأنا على استعداد لطعن أحدهم بالمدية التي تقبع في جيبي في سبيل ذلك !

" بل ما الأمر معكَ أنت ! تتجول في الشوارع مطمئنًا
في وضع كهذا ؟ أين كنت منذ الصباح يارجل؟!"

" مالذي تعنيه بوضع كهذا ؟"

هنا تعجب كل من في السيارة ونظروا إلي كقرد في سيرك ثم تنهدوا في الآن ذاته وقال الشخص الذي على يساري ولازلت لم آلفه البتة .

" نوح .. أنت مطلوب لدى إسرائيل الآن ! "

مطلوب ؟! .. لكنني لتوي كنت أقول أنني ..سأعيش .

فرناس 583 .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن