الفصل الثامن والعشرون والاخير
بعد مرور عامين على تلك الاحداث
جلست تتحدث مع شقيقتها فى الهاتف داخل شقتها وهى تنهد بحزن قائلة
: خايفة اوى يا سماح الشهر اللى فات كان انا السبب وتعبت وكل حاجة باظت...المرة دى قلبى مقبوض وخايفة يحصل حاجة تانى
حاولت سماح التهوين عليها قائلة لها
: هو يعنى انت كنت قاصدة دى حاجة غصب عنك...واظن صالح عارف كده
عند سماعها لاسمه لانت ملامحها والتمعت عينيها بحبها وعشقها له قائلة بحنان
: تعرفى انه طول طريق رجعونا من عند الدكتور وهو بيطيب خاطرى ولا كمان اخدنى يفسحنى وبليل وهو راجع واشترى ليا خاتم يجنن يفرحنى به.. بس ده خلانى احس بالذنب اكتر واكتر
زفرت سماح تهتف بحنق مصطنع
: فرح يا ملكة الدراما بقولك ايه كل حاجة وليها اوانها.. وعوض ربنا كبير وكرمه عالى
اختنق صوت فرح بغصة البكاء لكنها حاولت تمالك نفسها وهى تقول وبدون مقدمات
: سمر حامل تانى...
شهقت سماح بذهول وعدم تصديق قائلة
: تانى.. دى لسه بنتها مكملش السنة ونص حرام عليها نفسها
ابتسمت فرح بمرارة قائلة
: عاملة زى اللى داخلة مسابقة اول ما عرفت ان اخت صالح ياسمين حامل شهر والتانى وحملت هى كمان فاكرة انها بكده بتربط حسن بعد ما المشاكل بينهم زادت وكل شوية يقول عاوز اتجوز ولولا ابوه وصالح كان عملها من زمان
انهت حديثها تتوقع ردة فعل من شقيقتها على ماقالت لكن قابلها الصمت من الطرف الاخر لتهمس تناديها باستفهام ليأتى صوت سماح المرتبك تجيبها لتكمل فرح حديثها رغبة فى تفريغ همومها الجاثمة فوق صدرها قائلة
: انا والله مش زعلانة بس....
سماح بصوت خفيض متعاطف
: عارفة وحاسة بيكى.. وحاسة بصالح كمان.. بس كل حاجة بأمر ربنا... انتى بس حاولى متفكريش فأى حاجة وسلمى امرك لله علشان النفسية ليها تأثير على الحاجات دى..
اومأت فرح برأسها تنفس بعمق تحاول العمل بنصيحة شقيقتها تسرع فى تغير الموضوع تسألها بجدية
: سيبك بقى من الكلام عنى.. وقوليلى عاملة ايه مع الولية حماتك لسه عقربة زى ماهى
ضحكت سماح بمرح تهتف بها
: يابت لمى لسانك.. وبعدين الست عندها حق اى ام مكانها هتعمل كده
فرح وهى تعتدل فى مكانها بتحفز قائلة
: ليه ياختى هى كانت تطول عروسة حلوة زيك.. دانتى حتى هتحسنى لهم النسل بلا خيبة
لم تستطع سماح مقاومة الضحك مرة اخرى على كلماتها تلك وهى تكمل
: انا ساكتة عنها بس علشانك وعلشان ابنها.. بس لو عملت فيكى حاجة ولا كلمتك نص كلمة ابعتيلى وانا ليا صرفة معاها الحيزبونة دى
سماح بكلمات تخرج بصعوبة من شدة ضحكاتها
:ماشى ياعم جامد..بس برضه الست ليها حق
ثم تغيرت طبيعة صوتها للجدية قائلة
: واحدة لقيت ابنها المحامى ابن الناس عاوز يتجوز سماح بنت اخت مليجى اللى...
قاطعتها فرح بحزم
: واللى برضه من اجمل واطيب بنات الحارة... انتى مش قليلة ياسماح ولا احنا ضربنا ابنها علشان يجى يتجوزك ده ابنها حفى علشان ترضى بيه
سماح بصوت متردد خافت
: هى اتغيرت خالص معايا عن الاول كتير وبقيت بتتعامل معايا كويس خصوصا بعد...بعد
فرح وهى تحثها على الكلام تلتمع عينيها بفضول
: بعد ايه يابت ما تنطقى...عملت فيكى حاجة
سماح بصوت مرتعش كانها فى طريقها للبكاء
: لااا..اصل انا انا...انا حامل فى الشهر التانى...انا والله منكتش عاوزة دلوقت ولا عادل كمان بس والله...
قاطعتها فرح تنهض بسرعة وهى تسألها بفرحة طاغية
: بجد يا سماح بجد....طب معرفتنيش ليه...بقى كده تخبى عليا
سماح وصوتها يزاد ارتعاشته
: كنت عاوزة اقولك اول ما عرفت على طول بس قلت استنى لما انتى كمان ربنا يرضيكى بس مقدرتش اخبى عليكى اكتر من كده علشان عوزاكى تفرحى معايا
فرحة ودموع الفرحة تتسابق فوق وجنتها تهتف بسعادة
: انا حاسة انى طايرة من الفرحة ونفسى اخدك فى حضنى دلوقت
ثم فجأة تغير وجهها للحزم والشدة تهتف بها
: بت تاخدى بالك من نفسك وتاكلى كويس..واشربى لبن..اه ولو عوزتى حاجة ابعتى ليا وانا ثوانى وهكون عندك بس انتى ترتاحى خالص
اجابتها سماح بالموافقة على جميع اوامراها وهى تبكى على الاخرى يتكلمان سويا لعدة دقائق اخرى ثم انهت المكالمة بينها وبين شقيقتها تجلس مكانها وهى تحتضن الهاتف لصدرها وعينيها تنطق بالفرحة والسعادة الطاغية حتى سمعت صوت فتح الباب لتسرع نحوه تلقى بنفسها بين ذراعيه كعادتها فى استقباله ولكن هذه المرة اطالت من لحظة احتضانه وجسدها يستكين بين ذراعيه براحة ليسألها بحنان وهو يقبل رأسها
: ايه ياقمرى...عاملة ايه...لسه تعبانة
هزت رأسها بالنفى ببطء قائلة بصوت خافت
: انا كويسة بعد ما اخدت المسكن اللى كتب ليا الدكتور عليه بعد الحقنة
ابعدها عنه ببطء يسألها وعينيه تدور فوق وجهها بقلق يسألها بعدها بتوجس
: فرح انتى كنتى بتعيطى...لو حاسة بوجع احنا ممكن نروح لدكتور ولا اقولك بلاش منه الموضوع ده خالص
اسرعت تهز رأسها بالنفى تهتف له مؤكدة
: لا...انا كويسة ياصالح صدقنى...انا بس كنت بكلم سماح من شوية وقالت ليا انها....
قاطعها صالح وانامله تمتد تزيح الباقى من اثر دموعها هامسا بحنان ورفق
: قالت لك انها حامل مش كده
اتسعت عينيها بذهول تسأله
: انت كنت عارف...طيب مقولتش ليا ليه ياصالح
لم يجيبها بل امسك بيدها يتجه بها نحو الداخل حتى وصل الى الاريكة فيجلس ويجلسها فوق ساقيه يحيط وجنتيها بكفيه يقربها منه ثم يقبلها بتهمل شديد ونعومة اذابتها واذابت اى مشاعر اخرى سوى لهفتها له هامسا يجيبها بعدها بتهمل وحنان
: خفت تزعلى..انا عارفة نفسيتك تعبانة من اخر مرة كنا فيها عند الدكتور ومحبتش ازودها عليكى..كفاية مهرجان الحمل اللى انطلق عندنا فى البيت
ضحكت رغما عنها من مزحته بينما يكمل هو يتنهد بطريقة مسرحية حزينة
: ولسه المهرجان مخلصش...ياسمين اختى جاية وجايبة معاها زعابيب امشير بتاعت كل مرة...وطالبة الطلاق من جوزها للمرة المليون من يوم ما اتجوزت
استقامت فى جلستها بأنتباه تسأله بفضول
: وليه تانى المرة دى... ده لسه راجعة بيتها مكملتش اسبوع
تنهد صالح وجهه يرتسم عليه امارات الاسف
: هى جوازة غلط من الاساس.. بس هقول ايه اختيارها وتتحمله بقى.. دى لسه لحد النهاردة مش عاوزة تعترف انها غلطت ولسانها بيحدف دبش لاى حد بيحاول ينصحها
تنهد مرة اخرى بنفاذ صبر ولكنه اسرع بعدها يسألها كأنه ادرك انه قد ابتعد عن حديثهم الاساسى يسألها بحزم
:سيبك بقى ما الناس والعالم ده كله...وقوليلى القمر بتاعى كان بيعيط ليه... علشان عرفتى ان سماح حامل؟
سألها سؤاله الاخير وعينيه تنطق بالخوف التوتر لتسرع تجيبه فورا قائلة بأبتسامة فرحة سعيدة
: لا طبعا..دانا طايرة من الفرحةعلشانها..مع ان العبيطة كانت فاكرة انى هزعل لو قالت ليا..شوفت العبط بتاعها
سكن صالح فى جلسته وعينيه تلتمع بعشقها بعد اجابتها تلك عليه يشعر كم هو محظوظ بها وبوجودها المشع بالبهجة فى حياته يحيط بوجنتيها مرة اخرى يقربها منه وهامسا بحب وارتجافة العشق فى صوته
: لا...بس شوفت اد ايه انتى جميلة...وان ربنا عوضنى بيكى عن الدنيا كلها ...وان انا مش عاوز من دنيتى دى غير انتى وبس
قبلها فورا يحتضن بشفتيه شفتيها يبثها من خلال قبلاته كل ما يعجز لسانه عن نطقه فى لحظاتهم تلك يزداد شغفه وجنون بها الى ابعد حد والذى اطار بعقله وتفكيره تمام حتى جذبته هى بصوتها الضعيف المرتعش من داخل اعاصير المشاعر التى عصفت به تحاول الاعتراض بضعف
: صالح...مش هينفع ..الدكتور قايل...بكرة
اخذ يتنفس بصعوبة وهو يدفن وجهه فى منحنى عنقها يحاول السيطرة والعودة لطبيعته مرة اخرى للحظات طوال قال بعدها بطاعة
:حاضر هسمع كلام الدكتور... وربنا يصبرنى لحد بكرة والا هبقى شهيدك وشهيد اوامر الدكتور
وبالفعل التزم التزام تام بتعليمات الطبيب طيلة تلك الايام التالية ومع كل يوم يمر عليهم يدعو من اعماق قلبهم ان تتحقق لهم هذا الشهر حلم ورغبة طلما اشتاقا لها بجنون
*******************************
فرح مش هتقومى يلا...الجماعة تحت بعتوا علشان مستنينا على الغدا
تمطت فى الفراش ثم عادت لاحتضان الوسادة مرة اخرى تهمهم بصوت ناعس
: شوية كمان وحياتى ياصالح...اصل النوم حلو اووى
هز رأسه بقلة حيلة وهو ينظر نحوها مبتسما بتسامح ثم فجأة التمعت عينيه بالتسلية والخبث هاتفا بصوت عالى صارم
: ايه ده يافرح...ينفع كده اللى حصل ده
فزت من الفراش فزعة فورا ان وصلها صوت تتلفت حولها بخوف واضطراب قائلة بتلعثم
: اسفة..اسفة...متزعلش خلاص
دوت ضحكته العالية بصخب فى ارجاء المكان فتدرك هى مزحته تنظر له بعتاب هامسة
: حرام عليك ياصالح.. دى حركة تعملها.. طب انا زعلانة منك
عاودت الاستلقاء على جنبها تعطى له ظهرها ليسرع نحوها يستلقى بجوارها قائلا وهو يقبل كتفها
: وانا مقدرش على زعلك ياقلب صالح من جواه...
هزت كتفها بتدلل قائلة له
: برضه زعلانة ومخصماك ومش هكلمك خالص النهاردة
انحنى على اذنها يهمس بخبث وبصوت عابث
: طيب تراهنى؟.. واللى يصالح التانى الاول يبقى هو الخسران وعليه ينفذ اى طلب تقال له عليه
التفتت اليه تهتف له فورا وبثقة
: اتفقنا...وانا موافقة بس هتنفذ اللى هقولك عليه
غمز لها بعبث وهو ينهض من جوارها قائلا
: مش لما تفوزى الاول تبقى تتشرطى
تحرك فى اتجاه الباب يكمل قائلا
: انا هسبقك على تحت...متأخريش عليا..علشان نبتدى رهاننا
غمزها مرة اخرى ثم غادر الغرفة فورا لتبتسم بحنان وعشق وقد ادركت ما يحاول فعله معها ومحاولته صرف اهتمامها الى شيئ اخر بعيدا عن توتر والاضطراب والذى اصبح ملازما لكل زيارة شهرية للطبيب وقد مرت بهم الايام ببطء شديد حتى حان اخيرا موعد الطبيب المقرر يوم يوم الغد لايريد لها قضاء وقتها فى التفكير والقلق فيحاول صرف تفكيرها بمزاحه وعبثه معها
لكن الامر ليس بهذه السهولة عليها الا اذا قامت الان ب...التمعت عينيها بفكرتها تلك تسرع فورا فى تنفيذها فقد تنهى بها ساعات من الخوف والقلق حتى وان كانت نتائجها مخيبة لكنها سترحمها من من توتر ورهبة الانتظار
بعد ذلك كانت تجلس بجواره داخل شقته والديه بعد انتهائهم من الغذاء ومازالت تلك الابتسامة السعيدة البلهاء مرتسمة فوق شفتيها لا تستطيع السيطرة عليها وبذهنها الشارد كانت تجيب على اسئلة الموجهة لها كانها بعالم اخر تطفو فوق السحاب وعينيها تتعلق بهيام بكل لمحة او لفتة منه كالمسحورة به حتى سمعت همسه الناعم لها وهى يسألها بمرح
: بقى ده شكل واحدة مقموصة منى وزعلانة...دانتى ناقص تقومى تاخدينى فى حضنك وتصرخى ادام الكل وتقوليلى بحبك
اقتربت منه هى الاخرى وقد اختفى العالم من حولهم
تهمس بهيام ودون مقدمات
:طب ما الكل عارف ان انا بحبك مش محتاجة اقولها....بس لو تحب اقوم اصرخ بيها دلوقت انا معنديش اى مانع
صالح وقد شع وجهه بالسعادة يسألها
: طب وبخصوص مقموصة منك وزعلانة اللى كانت فوق من شوية دى
هى وبنفس ابتسامة الهيام المرتسمة على شفتيها
:مقموصة منك بس بحبك وبعترفلك اهو ان خسرت الرهان من قبل ما يبدء حتى..
كاد ان يلتهمها بنظراته تتسارع انفاسه وهو يهمس ه بلهاث وصوت اجش من عصف مشاعره
: وانا بقى كسبت حبك ووجود فى قلبى وحياتى.. يافرحة حياتى
ابتسم لها يغمزها خفية يكمل وهو يشير الناحية الاخرى
: ما تيجى نطلع فوق..واقولك كسبت ايه كمان
شهقت تتصنع الصدمة تهتف به تنهره بدلال
: صالح اتلم...الناس حاولينا يقولوا علينا ايه
ضحك بصخب جعل كل العيون تنبه اليهم فى تلك اللحظةبأهتمام تسرع انصاف قائلة لهم بمرح
: طب ما تضحكونا معاكم احنا كمان..
ا صالح وعينيه معلقة على سارقة قلبه يبتسم بخبث جعل عيون فرح تتسع محذرة له وقد ادركت نيته لكنه تجاهلها يجيب والدته قائلا ببطء عابث
: اصل كنت بقول فرح يعنى اننا.....
قاطعته فرح تنهض من مكانها قائلة بخجل وتلعثم
: انا هروح اعمل لينا عصير...وراجعة حالا
ثم اسرعت بأتجاه المطبخ فورا دون ان تضيف شيئ اخر هربا من احراجها ولكن لم تمر سوى لحظات حتى اتبعتها تلك التى كانت تجلس تتابعهم بنظراتها الحاقدة وهى تتحسر بداخلها على زيجتها الفاشلة وزوجها البخيل فى مشاعره قبل ماله تتلظى بنيران غيرتها وهى ترى كل هذه المشاعر والعواطف الجياشة بين شقيقها وزوجته فبرغم الظروف التى يمرون بها الا ان اكتفائهم ببعضهم البعض يصيبها بالغضب والكره لتلك الحياة التى تحياها وهى تتمنى ولو ترى يوما واحدة فقط من تلك المشاعر والتى تراها دائما فى نظراتهم لبعضهم البعض فى عيون زوجها ولمرة لمرة واحدة فقط تندم كل يوم الف مرة لتصميمها على تلك الزيجة ودفن نفسها حية مع هذا الزوج متبلد وقاسى المشاعر
لذا لم تجد سوى متنفس واحد لتلك النيران والتى تتأكلها الان سوى ان تهرع خلفها تدخل المطبخ تتطلع نحوها بنظراتها المغلولة الحاقدة ثم تفح من بين انفاسها قائلة
: مش شايفة انك زودتيها بقى مش همك حد خالص من اللى قاعدين وانتى شغالة شغل مسخرة وقلة ادب مكانه شقتك فوق مش هنا
زفرت فرح تعلم ما تحاول ياسمين جرها اليه لذا ابتسمت لها بهدوء مصطنع قائلة بطاعة
:حاضر يا ابلة يا ياسمين..هروح اخد جوزى واطلع شقتنا فوق ونتمسخر فيها براحتنا علشان حضرتك ما تتضيقيش...تأمرى بحاجة تانية
وبالفعل تحركت من مكانها نحو الباب تنوى للمغادرة تمر من جوارها تلك المشتعلة من وقاحة لردها عليها تمسك بذراعها فجأة توقفها عن التحرك تصرخ بها
:اما انت صحيح قليلة ادب مش متربية...بس هقول ايه مانت تربية مليجى رد السجون ولبيبة الخدامة...هستنى ايه غير كده منك
هنا وانتهت قدرة فرح على التظاهر بالهدوء والتعقل بالانتهاء تشتعل بالغضب وهى تجذب ذراعها منها بقوة ثم تدفع فى كتفها بقسوة قائلة
:لمى لسانك اصل كلمة زيادة منك وهعرفك مقامك ايه..ولا انت نسيتى علقة زمان ونفسك افكرك بيها
تطلعت لها ياسمين بذهول ممزوج بالغضب قبل ان ترتفع ابتسامة خبيثة قائلة باحتقار
:انا بقى اللى هعرفك قيمتك ومقامك هنا فى البيت ده ايه..
ثم فجأة وبدون تحذير صرخت عالية صرخة متألمة وهى تمسك ببطنها تنادى على والدتها بصوت اجادت صنع الالم والذعر به وفى لحظات كان الجميع داخل مكان يلتفون حولهم يتسألون عما حدث لتصرخ ياسمين باكية وهى تشير نحو فرح المصدومة المتجمدة فى مكانها
:عاوزة تسقطى...فرح كانت عاوزة تسقطنى
ابتسمت سمر تتراجع للخلف وتتابع الموقف دون تدخل وجد وجدتها فرصة لتشفى فى غريمتها والتى اخذت تنفى عن نفسها هذا الاتهام قائلة بذعر
: والله ما حصل ولا لمستها..دى هى اللى....
ياسمين صارخة وهى مازالت تمسك بطنها بألم ترتعش شفتيها بالبكاء قائلة
:كدابة..دى ضربتنى فى بطنى مرتين علشان بقولها مينفعش الضحك والمرقعة هنا ادام الناس الكبار..راحت ضربانى فجأة عاوزة تسقطنى
ثم ارتمت فوق صدر والدتها باكية والتى كانت مذهولة مما سمعت لان تجد القدرة على التفوه بحرف لتسرع فرح نحو صالح قائلة برجاء وصوت باكى
: محصلش حاجة من دى خالص..صدقنى ياصالح وحياتك عندى ما حصل
ربت صالح فوق وجنتها يبتسم لها بطمأنية وحنان جعلت النار تشتعل اكثر فى تلك العقربتين قبل ان يرفع نظرات نحو ياسمين يسألها بتمهل وهدوء كأنه فى انتظار اجابة ما منها
: وفرح عاوزة تسقطك ليه يا ياسمين...يعنى ايه يخليها هتفكر تعمل حاجة زى كده ووهى عارفة اننا كلنا قاعدين بره
اسرعت ياسمين تجيبه وعينيها تشتعل بغلها وغيرتها هى قائلة
:علشان غيرانة طبعا..شايفة الكل معاه الا هى...
اسرعت فرح تقاطعها تهز رأسها بالنفى سريعا تهتف دون تفكير
:وانا هعمل كده ليه...مانا كمان حامل
ساد الصمت التام يتجمد صالح مكانه وعينيه تعود اليها سريعا تسألها التأكيد مما سمع كأنه يخشى التحدث فيتبدد الحلم طلما اشتاق اليه فى صحوه ومنامه فاخذت تومأ له بالايجاب تؤكد له برغم ما ينطق به لسانها
: انا عملت اختبار النهاردة الصبح مقدرتش استنى لما نروح للدكتور بكرة بس برضه انا مش متأكدة ....
اختفى الباقى من حديثها حين جذبها الى ذراعيه يحتضنها الى صدره بقوة كأنه يود لو يخفيها داخل ضلوعه بحماية تسمع منه شهقة بكاء خافتة كانت لها كألم فى ضلوعها وهى تراه بهذا الضعف تلعن نفسها لعدم تمهلها وتفكير قبل ان تلقى بهذه القنبلة المدوية عليه دون ان تراعى او تفكر فيه وفى ردة فعله تبتعد عنه عينيها تتطلع فى عينيه الملتمعة بدموعها الحبيسة تهمس قائلة برجاء وتلعثم وكلماتها غير مترابطة او مفهومة
:صالح...انا...مش عاوزة...احنا...طيب نستنى...كلام....الدكتور الاول
اومأ برأسه لها بالموافقة يبتسم بفرحة طاغية قبل ان يمسك بيدها يجذبها خلفه قائلا بلهفة
:يبقى يبنا نروح له حالا...مش هقدر استنى لبكرة..
وبالفعل جذبها وخرج بها من المكان لتتعالى شهقات انصاف الباكية بفرحة ومعها دعاء الحاج منصور وتوسله لله بالدعاء حتى حسن اخذ يردد هو الاخر الدعاء لشقيقه ان يمن الله عليه بالفرحة الا سمر والتى شحب وجهها شحوب الموتى تنظر امامها بصدمة كمن ضربته صاعقة و ياسمين والتى لم تحتمل ان يتم تجاهل ما قالت وانشغالهم عنها بهذه الحقيرة و بأخبارها تصرخ بهم بحنق
:انتوا صدقتوه...دى كدابة وبتقول كده علشان تخرج نفسها من اللى عملته
اسرعت تكمل وقد اعماها غضبها وحقدها لاتراعى ان من تتحدث فى حقه هو شقيقها الاكبر صارخة بغل
:بقولكم كدابة.. كلكم عارفين ان صالح مش بيخلف ولا عمره هيخلف انتوا بس اللى عاوزين تنسوا ده و......
قطعت صرخة ألم كلماتها المسمومة بعد ان هوى والدها فوق صدغها بصفعة قوية اطاحت بها حتى كادت ان تسقط ارضا لولا اسراع والدتها لاسنادها يندفع حسن هو الاخر من مكانه لامساك بوالده قد عاود الهجوم عليها مرة اخرى صارخا بها
:القلم ده كان المفروض ينزل على وشك مش النهاردة لاا ده من يوم ما غلطتى فى اخوكى مرة واتنين ادامى وانا اعديلك بس يا بنت ال***** من هنا ورايح ملكيش عندى غير ده..عاوزة تقعدى هنا يبقى بأدبك مش عاوزة يبقى تخفى على بيت جوزك وما شوفش وشك هنا تانى
ياسمين بذهول والم وهى تضع كفها فوق وجنتها المطبوعة بالاحمرار من اثر الصفعة قائلة
:بتطردنى يا بابا من بيتك علشان صالح ومراته...مراته بنت لبيبة الخدامة وبتضربنى علشانهم
صرخ منصور بغضب وشراسة يهم بالهجوم عليها مرة اخرى لولا امساك حسن به
: تانى يابنت ال*** بتغلطى تانى طب يمين تلاتة مانت قاعدة فيها...وتمشى حالا على بيتك وما شوفش وشك هنا تانى
حاولت انصاف استعطافه هى وحسن حتى يعدل عن قراره لكنه زاد تصميما يهتف بحسن بحزم غاضب
:خد بنت ال*** رجعها بيتها...واقعد ما جوزها وشوف ايه الموضوع وحله...تلاقيها سمت بدنه بكلامها الل زى السم ودلعها الماسخ
لم يجد حسن امامه سوى ان يومأ له بالموافقة قائلا
:حاضر ياحاج اللى عاوزه هيحصل بس اهدى كده وكل حاجة هتمشى زى ما انت عاوز
اخذ منصور يتنفس بعمق وقوة محاولا الهدوء يطاوع حسن فى الحركة وهو يخرجه من المكان لنتفجر ياسمين بالبكاء بهسترية تلقى بنفسها بين ذراعى والدتها والتى اخذت تحاول تهدئتها لتتحدث سمر بعد خروج حسن كأنه الأذن لها بالانطلاق لبث سمومها تهتف بغل
:كله من الصفرا اللى اسمها فرح..كدبت الكدبة والكل جرى وراها وصدقها....وهى الغلبانة دى اللى هتدفع التمن
نهرتها انصاف بصوت حاد غاضب توقفها
:سمر الليلة مش ناقصاكى روحى لعيالك شوفيهم وخرجى نفسك من الموضوع ده خالص..ولا تحبى حسن يدخل فجأة ويسمع كلامك ده
شحب وجهها بشدة تهز رأسها بالنفى تسرع بالمغادرة فورا تنفيذا لامر فهى ليست فى حاجة لخلاف اخر معه يكفيها ما تلاقيه منهرفعت ياسمين تسأل والدتها بصوت باكى منكسر بعد خروج سمر من المكان
:هتروحينى يا ماما زى بابا وقال
هزت انصاف كتفها بقلة حيلة قائلة
:ابوكى حلف..وانتى عارفة الحاج منصور لما يحلف ولو مين اترجاه عمره ما هيرجع فى كلامى ابدا
انفجرت ياسمين فى البكاء تهرع هاربة من المكان لتهمس انصاف بحزن
: زودتيها يا بنت بطنى..وهى جات على دماغك انتى فى الاخر..ياريت يكون ده درس يفوقك ويهدى نفسك شوية
***************************جلسا هى وهو معا امام الطبيب والذى اخذ ينظر نحوهم بثبات قائلا
: شوفوا ياجماعة احنا كنا بنحاول الحمل بالطريقة الطبيعية قبل ما نضطر نلجأ للوسائل التانية و الظاهر كده....
شحب وجههم بشدة كأنهم كانوا يخشوا هذه الكلمات منه تتشابك ايديهم معا بمساندة يشدا من أزر بعضهم البعضفى انتظار الباقى من حديثه وانتهاء الحلم وقد لفتت هذه الحركة منهم نظر الطيب والذى ابتسم فور وعينيه تشع بالسعادة لهم يكمل قائلا
: والظاهر كده اننا مش هنحتاج ليها...مبروك يا جماعة الحمل تم وكل الامور ماشية تمام
لم يصدر عنهم ردة فعل بل جلسا فى مكانهم كانه لم يكن يوجه اليهم الحديث ينظرون نحوه بذهول وصدمة ليكرر الطبيب كلامه ولكن هذا المرة ببطء وقد وعى لما يعانوه فى هذه اللحظة يتمهل فى شرح الامر لهم
فجأه وكأن الحياة قد عادت لجسده ينهض صالح عن كرسيه يخر على ركبتيه ارضا ساجدا لله تتعالى شهقات بكائه كأنه كان ينتظر كلمات الطبيب لها لافراج عن تلك الدموع والتى طلما سجنها فى مقلتيه بصوت تقطع له قلبها وهى تخر على ركبتيها هى الاخرى جواره وتحتضنه بين ذراعيها وقد اخذ يردد بهستريا وذهول
: هبقى اب يا فرح...خلاص ربنا كتبلى اشيل حتة منى بين اديا...اخيرا ربنا عوضنا وعوض صبرنا وشوف ابن لينا
ثم اخذ يردد الحمد والشكر لله كثير وهو يحتضنها بين ذراعيه لا تستطيع هى الاخرى فعل شيئ سوى البكاء بشدة وتردد بكلمات الحمد والشكر للحظات تأثر لها الطيب حتى استطاعوا اخيرا تمالك نفسهم يتطلعون الى بعضهم بسعادة ليسرع الطيب قائلا لهم بتحشرج
: لا مش كده ياجماعة انا عاوزكم تتماسكوا وتهدوا... كده مش هتخلونى اقولكم باقى الاخبار اللى عندى
التفا هما الاثنان معا بحدة اليه بتتعالى امارات التوتر على ملامحهم وجسدهم يتجمد قبل ان يسأله صالح بتوجس ولهفة وهو ينهض واقفا ومعه فرح
: خير يا دكتور...فرح عندها اى مشاكل...الحمل فى خطر عليها....لو كده انا مش عاوزه... انا اهم حاجة عندى فرح...
الطبيب وابتسامة تقدير على شفتيه قائلا بنبرة ذات مغزى
: بسهولة كده هتستغنى... لاا الظاهر المدام عندك غالية اوى
فورا ضم صالح فرح لجانبه بحماية قائلا بحزم تأكيد
: طبعا... مفيش عندى اهم منها ولو الحمل فيه ولو نسبة واحد فى المية خطر عليها فانا....
قاطعه الطيب قائلا وهو يتراجع فى مقعده قائلا بابتسامة هادئة
: لا ياسيدى مفيش اى خطر عليها... ونقعد كده ونهدى علشان لسه عندى ليكم كلام وتعليمات لازم تنفذ بالحرف
ثم اخد يعدد لهم تعليماته بعد ان القى عليهم بقنبلته والتى جعلتهم يجلسون فاغرين فاههم بصدمة وذهول واستمر معهم حتى بعد عودتهم للمنزل واخبار الجميع بأخبارهم السعيدة والتى تم استقبالها مابين مهنئ وسعيد وفرحة طاغية وبين حاقد مغلول ونفوس ضعيفة يتمنى زوال هذه النعمة منهم عدم اكتمال تلك الفرحة لهم ولكن كانت ارادة الله ومشيئته فوق كل شيئ وهو يمن على هذا الثنائى بنعمه ويحفظهم من حاقد وغادر
********************************
.