ننتقل إلى المقابلة الثانية، ولأنوّه، المقابلة الثانية والثالثة قصصها الأولى كلها من جمع الأخوين "غريم" حيث نشرت في كتاب القصص الشهير Children's and Household Tales المنشور سنة 1812 باللغة الألمانية.
قصتنا الثانية هاهنا كانت بعنوان "هانسل وغريتل" أو كما نُقلت إلينا بالعربية "بيت الحلوى"، هي قصة عن تخلي أبٍ عن ابنيه بإقناع من زوجته، نظرًا لفرط الفاقة عن طفلي الأب يتيمي الأم، هانسل الفتى، وغريتل الفتاة... ليتركاهما في الغابة وليحدث ما يحدث، إما أن يموتا وإما أن يجدهما من هو أكفأ من أبيهما ليعيلهما، فالفقر في البيت لا يسمح بإطعام أربعة أفواه.
وبالفعل تنجح الخطة في المحاولة الثانية ويضيع الطفلان في الغابة أيامًا يبحثان عن النجاة، وبينا هما في سيرهما إذ يواجهان بيتًا مصنوعًا من الحلوى! يسمح لهما جوعهما بالأكل لتخرج من البيت سيدة عجوز تستضيفهما مبدئيًا حتى تحتدم الأحداث ويجزمان أنها ساحرة تريد أكلهما، أما عن السيدة العجوز فقد حبست هانسل في قفص وتركت غريتل للعمل معها في البيت.
وفي النهاية يستطيعان الهروب ويستحلان ثروة العجوز ويعودان إلى بيتهما حيث يجدان والدهما وحيدًا يبكيهما ويبكي طاعته لزوجته التي ماتت مؤخرًا ولم تترك له شيئًا... و..... يعيشون في سعادة. المقابلة اليوم مع السيدة العجوز... هل تسمحين لي بمناداتك بالسيدة العجوز؟
-لا بأس فلا أحد يهرب من عمره.
-حسنًا سيدتي، إذن... ما الذي حدث، أريد سماع القصة من جهتك...
-اههه، القصة يا عزيزتي أني ممن يقدمون الإعالات المجتمعية للأطفال، وإلا برأيك لِمَ بنيت بيتي من الحلوى وكعك الزنجبيل؟ إلا لأجذب الاطفال بالذات وأساعدهم... وقد ساعدت أطفالًا قبل هانسل وغريتل ولكنهم كلهم رحلوا من البلدة ليبدؤوا حياةً جديدة فلا يمكنك الوصول إليهم للأسف...
-اسمحي لي ولكن... لِمَ بيتك ناءٍ في الغابة؟ أعني ما دمتِ تقدمين عملًا نبيلًا كهذا لِم لا تمكثين في أوساط البلدة؟
-الملايين من الأسباب، لأبتعد عن المخربين مثلًا، ولأرتاح من إزعاج العمدة ولأهرب من تلك السياسات المعقدة
-مُقنع...
-أكمل، في ذلك اليوم وصل الطفلان خائفين، استقبلتهما بمرح، و... أحببتهما صراحة، عاشا معي بسلام وكانت نيتي أن نحفظ هذا السلام حتى يكبرا ويجدا طريقهما في الحياة، لكن... في يوم من الأيام أطل عليّ هانسل وأنا أعيد ترتيب مجوهراتي في مكانها السري، طمِع بها فحاول السرقة ولكني ضبطته متلبسًا فأرغى وأزبد. أصبح هانسل عدوانيًا جدًا فاضطررت لحبسه في قفص لأجل سلامتي وسلامة أخته، كنت أطعمه بانتظام ولم أبخل عليه في شيء. أردته فقط أن يهدأ ويكف شره... ما لم أذكره عن هانسل أنه ارتيابي بطبعه، أعني من يلومه فقد ذاق الخيانة من أبيه وزوجته! ولأجل هذا الارتياب تخيّل هراءً كاملًا عن أني آكل الأطفال الذين أستضيفهم لديّ وغذّى أوهامه لغريتل المسكينة وتآمرا عليّ ليسرقاني ويهربا! حتى أنهما حاولا قتلي!
-ماذا عن غريتل؟ قرأت في القصة أنكِ استعبدتها في البيت!
-هُراء! لقد كنت أعدها لتصبح ربّة منزل ناجحة مثلي!
-اممم آخر سؤال لو تسمحين، إن كان هانسل واهمًا بقصة أكلك للأطفال، فلِمَ لم يتوهم إلا هذا الأمر؟ أعني هناك الكثير من الأمور السيئة من الممكن توقعها، لِمَ هذا السيناريو بالذات؟
-لا أعلم، حتى أني نظفت البيت جيدًا قبل مجيئهما لا توجد آثار...
-آآآآ أي آثار؟
-هل قلت آثار؟ اممم اعذريني أنا متعبة بعض الشيء علي الذهاب الآن.
-قبل ذهابك سيدتي، هل لي باسم أي من الأطفال الذين ساعدتِهم؟ بإمكاني العثور عليهم على ما أعتقد
-انسي الأمر لن تجدي أيًا منهم، أخبرتك أنهم قد سافروا خارج البلاد... وداعًا الآن، أنا ذاهبة...
آثار...؟ هه لا علينا...