قصة من الجانب الآخر ج٣

2 0 0
                                    

المقابلة الثالثة مع أحد شخصيات قصة "العذراء في البرج" أو كما نعرفها، "رابونزل"، قصة تعود أصولها إلى عام 1634 ونُشرت كجزء من قصص الأخوين غريم كما أخبرنا عام 1812، مقابلتنا اليوم مع السيدة "جوثل"، والتي رعت رابونزل في البرج ولاحقًا اعتُبِرَت عقدة القصة المحكية بانحياز إلى رابونزل والأمير.
مراجعة بسيطة للقصة (والتي تختلف عن فيلم ديزني)، يُحكى أنه كان هناك زوجان ميسورا الحال يتوقان لطفل أو طفلة، وذات يوم بدأت الزوجة تتوق بمبالغة للأكل من نبات Campanula rapunculus
وضاقت ثيابها على خصرها فعرفا أن هذا النهم المخصص "أو الوحام كما نسميه" يعني أنها حامل...! حاول الأب توفير هذه النبتة لها ما استطاع فاضطر لدخول حقل امرأة غريبة، ولكنها ضبطته متلبسًا واتهمته بالسرقة وإن لم يطع أوامرها فالعواقب وخيمة. أخبرها بالقصة استجداءً للعاطفة فسمحت له بأخذ ما يشاء من نبات الرابونكيولس بشرط، أن يمنحها ما ستنجب زوجته، وإن لم يطع فهو قد سرق على أي حال وبإمكانها معاقبته بما لا يحتمل!
خضع الأب، وأخبر زوجته بالقصة وضاقت عليهما الأرض بما رحبت ليوفيا بالوعد لدى ولادة الطفلة "رابونزل" والتي سمتهاالسيدة جوثل باقتباس من اسم النبتة... تأخذ جوثل الطفلة وتعيش معها في برج عالٍ معزول، ويتضح ان رابونزل قد مُنحت في شعرها قدرة سحرية تعالج الأمراض والجروح، فتستغل جوثل هذه الفائدة بأن تبقي رابونزل في البرج بلا أبواب، فقد كانت وسيلة الصعود والنزول شعر رابونزل الطويل القوي، وكانت لهما جملة سر خاصة عندما تنطقها جوثل تسدل رابونزل شعرها استجابة... كانت الجملة:
Rapunzel!
Rapunzel!
Let down your hair
‏That I may climb the golden stair!

في أيام وحدة رابونزل كانت تقضي وقتها بالغناء، وصدف أن سمعها أمير يجوب الغابة، أُعجب جدًا بصوتها ولم يعرف كيف يمكن ان يلتقيها في برج كهذا! فظل يعود أيامًا ليسمعها تغني ثم يرحل، وذات مرة رأى كيف تصعد السيدة جوثل، وتعلم جملة السر، وعندما رحلت وبقيت رابونزل وحدها في البرج قام لتجربة الجملة وبالفعل أسدلت له رابونزل شعرها! التقيا وأحبا بعضهما وتزوجها فحملت رابونزل وضاقت ثيابها فعلمت جوثل بالأمر واشتاط غيظها فقصت شعر رابونزل ليفقد سحره ولتوقع بالأمير، وطردت رابونزل من البرج...
تاهت رابونزل في الغابات، وعندما جاء الأمير مناديًا رابونزل أسفل البرج أسدلت له جوثل الشعر المقصوص، وتسلق فالتقيا ودار عراك انتهى بدفع جوثل للأمير من على البرج فسقط على شجرة أشواك أنقذته من الموت لكنها اخذت بصره، وظل يهيم في الغابات لفترة طويييلة حتى وصل إلى أهل بلدة دلوه على ضالته، رابونزل، واكتشف أنها أنجبت توأمًا منه، احتضنها وبكيا وكانت دموع رابونزل تملك ذات القدرة السحرية للعلاج، وبالفعل ارتد بصر الأمير بدموع رابونزل وعاد إلى مملكته مع زوجته وطفليه وتوجها أميرة معه وعاشا بسعادة...

والآن سيدتي، جوثل، هل لكِ جانب آخر من القصة؟
-في الواقع لا تختلف قصتي كثيرًا عما حكيتِ إلا في البداية، حيث أن رابونزل فتاتي وابنتي وحبيبتي، كان والدها ملكًا وليس رجلًا ميسور الحال كما قلتِ، لقد تخلى عنها هو وامراته لأنهما أرادا الحكم أن يورّث لصبي واحد، ولكنهما رُزقا بفتاة بعد قصة زهرة الرابونكيولس، مممماذا تسمونها أنتم...؟
-نُسميها جُريس عصا يعقوب، من فصيلة النباتات الجُريسية.
-أها، لا شك أنهما سيسميان الطفل يعقوب لو كان صبيًا... المهم، بعد ولادة الطفلة ولأن والدها كان يأخذ النباتات من حديقتي، أعطاني الطفلة لأرعاها، بكسوتها ومال قليل، وقال أن الطفلة معي كوسيلة شكر، واتفاقنا كان أن تكبر الصغيرة في رعايتي وما إن تشب حتى تعود إلى بيت الحكم، ولكن المفاجأة أنه بمجرد ما عاد الملك إلى قصره أصدر إعلانًا لقتلي بتهمة أني سرقت ابنته!! أراد أن يلعب دور الضحية أمام الشعب وهو لا يريد الطفلة في الأساس! ولكن ماذا سيقول الناس عن الملك الذي تخلى عن ابنته الوحيدة؟! فليلصق التهمة بي فيسلم من الكلام ويتخلص مني ومن الطفلة!!
-لحظة، هناك أمر غير منطقي، إن كان أصدر إعلانًا بقتلك فهو ينوي قتلك واستعادة الطفلة!
-يعرف أني حذرة وأني سأختفي
-تختفين مع رابونزل؟ ماذا لو قررتِ تركها وهربتِ لسلامتك؟
-أأترك طفلةً رضيعة دون معيل؟!
-حسنًا، الآن نستطيع القول أن هناك عاطفة قبل المنطق، أكملي...
-هربت إلى الغابات وسكنت ذلك البرج وكبرت رابونزل بشعرها الذهبي السحري الفاتن، كنت اعلم أن كل من سيقابلها سيستغلها لمصلحته فلم تسمح لي غريزة أمومتي العارمة تجاهها أن تقابل قذارة العالم الخارجي فأوصيتها بكل ما أستطيع ألا تترك البرج، وكانت فتاةً مطيعة حتى ظهر الأمير الاستغلالي ذاك! كنت أعلم أنهما يتقابلان وكنت أحاول كبح انفعالي لأمنح رابونزل فرصة لتعود وإذا بها قد تزوجته وحملت منه؟!! لم أتحمل الصدمة فقصصت شعرها (مصدر قوتها) لأضمن ألا يبقى للأمير شيء يستغلها فيه ولتدرك عواقب أفعالها عندما يتخلى عنها بدون الشعر السحري!!! ثم طردتها من البرج وكمنت للأمير لأذيقه من الكأس الذي أسقانيه بابنتي.
-ألا يبدو تصرفك انتقاميًا بعض الشيء؟ أعني، هناك ملايين الحلول المنصبة في مصلحة الجميع، أو على الأقل في مصلحتك أنتِ ورابونزل إن أصررتِ على كره الأمير! لكن أن تطرديها وتقصي شعرها وتحاولي قتل زوجها ناهيك عن أنه أصبح أبًا، أراه حلًا انتقاميًا متطرفًا جدًا!
-لن تفهمي لن تفهمي، اتخذت أصوب قرار... وانظري كيف انتهت الأمور؟ في النهاية ليست بذلك السوء!
-وماذا عن برج الغابة الآن، مهجور؟
-كلا فيه طفلة وُلدت بقدرة سحرية على بثّ النشاط في الأجساد، تركها أبواها وها أنا أربيها بنفسي
-آه، دعيني أحزر... لو ذهبت للسؤال عن هذه الطفلة لدى أهلها فسأجدهم قد لعبوا دور الضحايا أيضًا واتهموك بالسرقة اليس كذلك؟
-بالضبط... هذا ما يفعلونه!
-سؤال فضولي أخير سيدة جوثل، أكانت رابونزل أول طفلة تربينها؟
-كلا... كانت الثالثة، الأولى سقطت من أعلى البرج وماتت، والثانية عانت من الاكتئاب و... شنقت نفسها في النهاية، مسكينة عزيزتي، أتتخيلين أنها كانت تملك قدرة سحرية تزيد سرعة النبات في النمو وتحدث الحيوانات فيقدمون لنا فردًا منهم يضحون فيه لأجلنا!
-هل كل الفتيات اللاتي ربيتِهن يملكن قدرات سحرية؟
-هههههههههه أتصدقين! لم ألاحظ هذه الصدفة!
-صح، صدفة! وكلهم بالصدفة يتخلى عنهم أهلهم إليك! يبدو أن الصدف ترعى قصص الجانب الآخر! على كلٍ، شكرًا لوقتك سيدة جوثل...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 08 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

my days & memories 🌦️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن