قد ماتت السمراء

20 6 3
                                    

في السابع والعشرين من شهر يوليو لسنة 2006
في العاصمة واشنطن
بينما كنت نائمة في غرفتي في الطابق الثاني سمعتُ اصوات عالية صاخبة بالسماء نهضت من النوم مفزوعةٌ على صوت الرصاص وطرقات قوية على الباب مشيتُ بخطوات ثقيلة نحوَ  الباب حتى اجد ماذا هناك، فتحت الباب ثم مشيت خطوات قليلة على رؤوس اصابع قدمي
خوفًا من ان يكون هناك حدث ما قد وقع علينا !
ها انا هناك على الدرج اجد رجالٌ ملثمين الوجوه بأيديهم اسلحة ثقيلة، وتراجعت  خطوات قليلة إلى الوراء وخبأت نفسي خلف العامود حتى لا يروني وإستمعت إلى حديثهم حذرًا كي لا يلاحظون وجودي  
الرجال المُلثمين :  اليوم سننهي كل شخص أسود يعيش هنا في واشنطن !
فتدخل أبي وقال مدافعًا :
-  ليس لكم الحق ان تقتلونا قد خلقنا الله هكذا فلم نختار نحن لوننا .
-  لا يُهمني فاليوم سأقتلكم جميعكم وصار يضحك بصخب عالي تراجعوا جميعهم الى الوراء واطلقوا الرصاص على جميع أهلي حتى ماتوا جميعًا من بينهم اختي الصغيرة وشقيقي يحضن أمي احد الرصاص قد استقرت بين حواجب ابي واخرى تعانقت قلب أمي
قد كان مشهد الموت هذا عندهم لعبة استمتعوا بها جدا فخرجوا من البيت بعدما غرقت ارضية البيت بالدماء، كتمتُ أنفاسي كنت مغمضة العين خائفة على إن أفتح عيني مرةً اخرى فقلت بنفسي :  - سأفتح عيوني رُبما يكون حلمًا ولا زلت نائمة بقيت مغمضة العينين لوقتٍ طويل والان سأفتح أعيني فالذي يحصل ليس حلمًا وانما حقيقة !
من شدة الصدمة آنذالك لَم تحملني قدماي  فسقطتُ من أعلى الدرج وزحفت الى جثث عائلتي والمُسهم فإذا بالجميع قد فارقوا الحياة
جلست بينهم ووضعت رؤوسهم في حضني
لا صراخ، لا دموع، بدأتُ احدِّثهم واحدًا تلو الآخر :
-  أمي انهضي لتعدي الفطور
  ابي جهز نفسك لتذهب للدوام
جاكسا  تعالي واحضري المشط حتى أُصفف شعركِ لتذهبين الى المدرسة
ريمو انهض فاليوم سيلعب فريقكَ المفضل !
لكن لا احد يُجيب وأخيرًا صرخت بوجههم جميعا ان ينهضوا فضربتهم على صدورهم لكن لا أحد منهم يجيب ،قد سمحت لي اعيني بالبكاء جلست أبكي وأصرخ حتى اغمي علي مرَّ يومين وما زلت لا أصدق أنه ما حدث كان حقيقة
نهضت من سرير المستشفى الى ثلاجة الموتى لأودع عائلتي الوداع الاخير
وفي عصر يوم الاثنين قد جهزوا مراسم الدفن حتى دفنتهم بيدي، رميت عليهم التراب وكلما أرمي كف من التراب على قبر أحدهم فأرمي معه قطعة من قلبي
حتى دفنت فؤادي معهم
عدت الى البيت وحيدًا لا احد بانتظاري  ناديت امي كعادتي لكن ماتت امي فبكيت ذهبت حتى ارمي نفسي بحضن أبي فلم أجده هو اآأخر ذهبت الى غرفة لاجاكسا ما زالت الدمية تغني على سريرها فحملت الدمية ومشيت نحوَ غرفة ريكو إذًا بلعبة الباتمان هناك مرمية على الارض جلست مع صورته و باتمان بيدي غضبت في وجهه
-  لماذا لم تنقد ريكو وعائلتي الست انت بطلنا فلا يجيب هو الاخر !
حملت حزني ودموعي على كتفي ودخلت حجرتي رميت بنفسي على السرير بكيت بشدة حتى نمت في بكائي بقيت هكذا ..
انهض واتفقد البيت لا صوت امي، ولا ظل أبي،  ولا صخب شقيقي،  ولا حتى صراخ شقيقتي سوء طيفهم هناك على ارضية البيت ،كان البيت مكان مرعب موحش جدا
لن أتحمل العيش هنا وحيدًا دون عائلة وقلب والعالم فارغ منذ رحيلهم جهزت حقيبتي وضعت فيها البوم صورهم ودمية لاجاكسا ولعبة ريكو وعطر ابي، قلادة امي وبعض الملابس السوداء كوجهي..
خرجت من البيت دون اتجاه مُحدد مشيت مسافة حتى وصلت الى البحر،  جلست بقربه ما يقارب نصف ساعة حتى سمعت أصوات لناس يصرخون نهضت من مكاني، ووجدت أمامي قارب يركب فيه الناس من الفئة السوداء الغير مرغوب بهم فارين من ظلم هذا البلد ركضت  بإتجاههم قائلًا
-  اريد ان اتي انا أيضًا..
توقفوا لبعض من الدقائق حتى وصلت لهم
فقال المهرب:
المهرب: ماذا تريدين ؟
جاسيكا: الى اين تذهبون ؟
المهرب :نخرج من هذا البلد العنصري
جاسيكا: انا أيضا أريد ان اخرج من هذا البلد خُذني معكم
فضحك المهرب وقال :
- ليس بهذه السهولة، ان كان معك المال ادفعي ما معك واركبي معنا
اخرجت ما معي من المال :
- هذا الموجود عندي 
فوافق وقال : أركبي وتمسكي جيدًا
ركبت معهم حتى وصلنا الى وسط البحر فجأة نلقي قوارب صغيرة تنادي :
- توقفوا  الا اطلقت النار عليكم !
فقال المهرب : لا نتوقف أبدًا  وتبًا  لكم ولهذا البلد العنصري ..
اعطانا تحذير آخر لكن لَم  نتوقف
قال رجال الشرطة البحرية :
- سأعد الى خمسة ان لن تتوقفون سأطلق النار عليكم !
ونحن نقترب من الشاطىء فقال المهرب:
-  لن اتوقف حتى أصلهم الى الشاطى
اعد شرطي السواحل البحرية للخمسة ولم نتوقف  فأطلق الرصاص بإتجاه القارب حتى أنفجر القارب واذا بالماء يدخل وبدأنا نغرق شيئًا فشيئًا
ظلَّ الشرطي واقفًا ويُراقب مركبنا حتى تأكد ان القارب سيغرق
فضحكوا  وعادوا  من حيث اتوا ونحن نغرق
كالعادة لا أقول شيء بينما الاخرين يصرخون لن اكن أعلم السباحة دخل الماء الى القارب حتى امتلئ بالماء فقال المهرب:
-  انقدوا أنفسكم بالسباحة
لكن لا أعلم السباحة فسلمتُ روحي للبحر و إذا بحوت عملاق يأتي باتجاهنا ويفتح فمهُ بينما يقترب فقلت للبحر :
- هربت من اليابسة اليك فأنتَ الآخر لَم تحضنني ولَم تُرحب بي وقلت لهُ انتَ أيضًا عنصري كأرض بلادك شكرًا لأنك خذلتني..
واذا بالحوت يقترب فاتحًا فمهُ الذي بطولي حتى نظرت الى عينه وقلت :
- له لا الارض تحملني ولا البحر يحضنني حتى أتيت أنتَ فأنت الوحيد الذي يقبل أناس بشرتهم سوداء ابلعني جيدًا حتى أكون عشائك لهذا اليوم شكرًا لك أيها الحوت لأنك استقبلتني وتبًا للعالم الذي يقتلنا على لون بشرتنا الذي لَم نختارهُ نحن .

- عماد بارو

رحلة في الظَللِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن