زوجي له روحين

لا تفسير

عاد أنس إلى المنزل، مما جعل أمينة تمسك تلك الأرقام والأوراق وتخبئها بسرعة في أحد خزائنها، ثم تجري إلى الباب وتفتح له.

-"أهلاً وسهلاً، تفضل!"

أجاب أنس على كلامها بتعب شديد: -"أهلاً... هااااه، هل يمكنك أن تحضري لي بعض المياه! أنا مرهق تمامًا!"

-"اجلس، اجلس بسرعة، سأحضر الماء."

قامت أمينة بتشغيل المروحة الجانبية ووضعتها بقربه، وذهبت تجري لتعطيه المياه وتمسح عرق جبهته بقماشة مبللة.

-"ما الأمر؟ كان الجو حارًا البارحة... لكنك لم تعد بهذه الحال!"

-"اللوم يقع على سائق الحافلة... لقد انتهى البنزين منها في منتصف الطريق... في شارع فارغ... اضطررنا للاختيار بين البقاء حتى يملؤها أو المشي إلى المنزل... فاتيت جريًا إلى هنا!"

-"أه! لماذا لم تنتظر في الحافلة؟!!"

ابتسم أنس وقال وهو يحدق في عيني أمينة: -"أنا لم أرد أن أتأخر عليك."

ثم غمز لها، فضحكت على أنس بشكل هستيري و سكبت الماء في وجهه.

-"يجب أن تستحم! أنت تقطر عرقًا."

-"سأفعل.... لكن أعطني عناقًا قبل هذا!"

-"لااااا، ابتعد عني! العناق بعد أن تستحم!"

ضحك كلاهما ثم ذهب ليستحم، وقد كانت أمينة تنظر إليه بأعين تتلألأ وهي تقول في داخلها: أجل... هذا زوجي... يجب علي الحصول عليه هو وحده والتخلص من ذلك الرجل المخيف.

بدأ الاثنان بأكل غدائهما، وأثناء هذا تقدمت أمينة بالسؤال:

-"أريد أن أستأذنك بشأن شيء ما."

-"ما هو؟"

-"... أريد أن أذهب للدكتور هادي... أستفسره بشأن مرض معين... فهل تسمح لي بالذهاب لعيادته؟"

-"... حسنًا... لكن ما المشكلة؟"

-"إنه أمر خاص يتعلق بأحد صديقاتي، تلك المسكينة تريد أن تحافظ على الأمر سرًا."

-"أوه... حسنًا، اذهبي لعيادته، لكن لا تبقي مدة طويلة فهو ما زال دكتورًا شابًا... وكما تعلمين، أفواه الناس لا تتوقف عن نفث سمها."

ابتسمت أمينة: طبعًا... لن أبقى عنده طويلًا، مجموعة من الأسئلة فقط ولن يطول الأمر عن ربع ساعة."

بعد الساعة العاشرة، وككل يوم، عاد ذلك الرجل الغريب مكان أنس...

وهذه المرة كانت أمينة تمتلك المزيد من العزم والشجاعة، لمعرفة المزيد عنه، فهناك شيء في قلبها يخبرها أن هذا سيفيدها إما للتعايش معه إن كان مرضًا، أو لإبعاده إن كان... شيئًا غير هذا...

فتحت الباب بهدوء، وهي تحرك عينيها بسرعة هنا وهناك حتى التقطته...

جالسًا بتلك العتمة، على كرسيه القديم، يدخن سيجارة رخيصة... ويعطيها نظرة تحذير في طرف عينيه الكحلية.