كانت الممسحة تتحرك ببطء على زجاج النافذة، شاردة في أفكارها كعادتها... هذه المسكينة، عيناها تحملقان في الفراغ، وعقلها محصور في مسار واحد..
...خطوتها التالية نحو الهدف المطلوب...
ارتدت فستانها بحركة رشيقة، وأصابعها تنساب على الأزرار واحدة تلو الأخرى، ثم ارتدت حجابها، ووضعت معطفها السميك والطويل، قبل أن تنطلق بخطى ثابتة وعزيمة واضحة.
طرقت الباب مرة، وبينما كانت تهمُّ بالطرقة الثانية، تراجع الباب كاشفًا عن وجه السيد هادي... من تعتقد أنه سيوصلها إلى المخرج الذي تبحث عنه.
توسعت عينا السيد هادي بحماس مفاجئ، وكأن مجيئها قد أضاء يومه، وارتسمت على شفتيه ابتسامة ترحيب مشرق.
"كيف يمكنني أن أخدمكِ، آنستي؟"
ردت بنبرة جادة، وحاجبها الأيمن يرتفع بسخط مكبوت:
"أنا السيدة! السيدة نوبلان..."
"آه، رائع! الشخص الذي كنت أنتظره!"
تحرك بسرعة، وسحب كرسيه نحو الطاولة التي تصطف حولها الكراسي، ثم أشار لها بالجلوس.
إذاً، بماذا نبدأ؟"
قال هذا بحماس وفضول شديدين، ولأكون أكثر دقة... بتعطش!
"ما رأيك أن أروي لك القصة من البداية؟ لكن تذكر، من المهم ألا تقاطعني... سيد هادي."
قال بتوتر مع كتم ضحكه، من محاولة فرض نفسها.
"نعم، تفضلي، سيدة نوبلان."
"بدأ الأمر منذ زمن... كان ابن صديقتي لطيفًا ومحترمًا جدًا... لكن في الليل... يتغير. لا ينقلب وجهه، بل ينقلب الشخص ذاته."
أخذت نفسًا عميقًا وحركت عينيها بصمت، كما لو كانت تعيد ترتيب القصة في ذهنها، وتغير الشخصيات وأسماءها.
"شخص آخر، اسم آخر وطباع مختلفة تمامًا... من حب الحلويات، إلى رفضها. من الحنان والعطف، إلى الجمود والبرود. من الدفء الذي كان يمنحه لها، إلى الخوف والذعر الذي بدأ يُلقيه في قلبها."
توقفت قليلًا، وأخذت نفسًا لتتابع قصتها للمرة الثالثة.
"لم يكن يظهر بشكل عشوائي... بل كان مرتبطًا بالساعة العاشرة. تلك الساعة الملعونة التي تجلب فيها ذلك الوجه الغريب."
وقبل أن تكمل، قاطعها بصوت هادئ:
"إنها أنتِ، أنتِ من تمرين بهذا مع زوجكِ، السيد أنس نوبلان."
عكست ملامح وجهها دهشتها، وفتحت فمها بتلقائية، لكن سرعان ما حاولت إنكار الأدلة:
"لا، قلت لكَ إنها صديقتي! هل تعتقد أنني أكذب؟"
ابتسم هادي بسخرية خفيفة:
"أنا طبيب نفسي... سيدة نوبلان."
ثم استند على كرسيه بجدية وتابع بهدوء:
"كل حركة طفيفة منكِ تخبرني بالحقيقة."
شعرت بتقبّل الواقع، وكأنها استسلمت لما هو أمامها.
"أرجوك... حافظ على سرية الأمر، سيد هادي."
ابتسم الطبيب بلطف مطمئنًا:
"صحيح أنني ثرثار... لكنني لم أفشِ سرًا في حياتي قط."
-"حسنًا... سأثق بك، الآن لست مضطرة لتحريف قصتي."
ثم بدأت تشرح له القصة كاملة، لكنها تجنبت ذكر عادات أنس السيئة، خوفًا على سمعته وانطباع السيد هادي عنه.
"وهذا هو كل شيء، ماذا تعتقد؟"
بلع السيد هادي ريقه، محاولاً الوصول إلى استنتاجه الخاص، ثم قال بحزن:
"إنه حقًا يشبه اضطراب الهوية التفارقي... لكن أمر الساعة العاشرة غريب جدًا... حاولي أن تستدرجي منه أي معلومات ممكنة... نحن بحاجة إليها لفهم طبيعة هذا الشخص"
نهضت أمينة، مستعدة للرحيل، إلا أن كلام السيد هادي المتعجل أوقفها:
"لكن! يجب أن نعرف ما إذا كان..."
توقف فجأة، وحدّق في عينيها بجدية أثارت قشعريرتها.
"قد يكون هناك شيء آخر غير المرض... سحر أو جن... إنها أمور حقيقية أيضًا. أنا عادةً ضد فكرة إلقاء اللوم عليها بسهولة، فهذا نوع من الجهل، لكن نكرانها بالكامل هو جهل أعظم"
"وكيف يمكننا التأكد، سيد هادي؟"
"الشخصيات في اضطراب الهوية التفارقي تُثار لتظهر، بعض الناس يمكن استحضار شخصياتهم عبر مناداتها... جربي هذا، واذكري شيئًا عزيزًا على أنس... أو على جورج. إن تغيّرت استجابته، فهذا يعني أن الحالة اضطراب نفسي. لكن إن لم تتغير... فعلينا بذل جهد أكبر لتحليل الامر"
اومأت له واشارت الى كونها ستبذكل كل الجهد...تمشي وهي تعلم انها ستعود يوما للمتابعة...اقوى واقوى...هذا ما يجب ان تكون عليه...لاجله هو فقط
حبيبها وزوجها العذب...انس...
ساكون اشجع...
"لاجلك يا انس"
أنت تقرأ
زوجي له روحين
Misteri / Thrillerبدا كل شيء جميل وسلس، تتزوج امينه من انس الذي لطالما اثار اعجابها وإعجاب الجميع، حتى أتى الليل وشعرت بتقلب مزاج زوجها، وتكتشف في النهاية ان هناك رجل اخر في جسد زوجها، روحان في جسد واحد، فكيف ستستطيع التخلص من هذا الرجل الغريب لتعيش بشكل طبيعي مع زوج...