7️⃣💌
{ فَلمّا أسلَما } ..
هذه الآية ؛ هي عَرشُ الحَكاية !{ فلما أسلما } ..
و ارتَدَيا ثِيابَ الخُروجِ من ذَواتِهما .. و َنَزعا حُليّ الحَياة ؛ و تَخلَّصَا كِلاهُما ..
فلا ألوانَ في عَينَيهِما ؛ إلا لون الحَقيقة ..
و أيقَـنَا ؛ ما ثمّ إلا الله !ما ثمّ إلا هو ؛ كي يَقِلبَ النّار بَرداً وسَلاماً ..
ما ثمّ إلا الله !
هي لحظةُ الإعتراف ؛ أنَّ الأمر كلُّه لله ، و أنَّ الهَزيمة نَصيبنا ؛ إن أَفلَتنا الحَبلَ المُوصول بالله !
كانَ اللهُ يُعلِّمُنا عبر مدرسة إبراهيم ..
أن لا عَقل ضَرير و لا مشاعرَ مُحايدة مع الله؛ بل هو إيمانٌ أبيض واضح لا مَناطق رَماديَّةَ فيه .. لا مناطق مترددة فية !إيمانٌ أبيض تماماً كَلونِ ثياب الحَجيج ..
يرى الحقيقة جليّة : أن مـا في الكون إلا الله !إيمانٌ يَفهمُ ؛ أنَّ المُختارين لصناعةِ الحَياة هم قمم الحياة .. لذا لا بدّ أن تَغسلهم السَّماءُ ؛ فلا يَبقى فيهم شائِبة !
{ أسلَما } ..
هكذا إذن اطوِ نَفسك و استَوطِن أمر الله ؛ حتّى لو كان فيه نَحيبك و صوت وَجعِك !{ أسلَما } ..
فماذا يَملِكان ؟
إذ لا مَفَرَّ منهُ إلا إليه !في هُنيهة من الزَّمن ؛ انحنى الألمُ بين يدي الله ..
فقد كانت اللَّحظاتُ تَضيقُ وتَضيقُ؛ و لا تَحتملُ دَمعةً أخيرة !{ أسلما } ..
حتّى أنَّ ذاكرةً بحجم الكونِ لن تُطيق أن تَفهم ؛ كيف َيستسلِم الأبُ للسِّكين في يدهِ تَنهَشُ رَقَبَةَ الوَلَيد !{ أسلَما } ..
بيقينٍ أن لا مَدَّ و لا جَزر ، و لا صيفَ و لا شِتاء ، و لا نَقصَ و لا اكتِمال ؛ إلا بِه !{ أسلَما } ..
حتّى تَراءى لَهُما أنَّ الأصوات يتيمةٌ بلِا صدًى ؛ إن لم يَنفخْ فيها الله !و أنَّ الحَطب تهّجُره النَّار ؛ُ إن أرادَهُ اللهُ بلا معنى !
واهمٌ من يظنُّ ..
أن له حولًا أو قوة !كم هو ثَمينٌ ..
أن نرى أسبابَ هَشاشَتِنا ..
أن نفهم أن قيود الحَياةِ ؛ مـن مالٍ و بنينَ و جـاه ..
هي أغلال الأرض التي تعُرقل صُعُودنا نَحوَ المَجد !كم هو مُهمٌّ..
ٌّ أن نُرمِّمَ أنقَاضَنا ؛ إذا أَردنا أن نَبنِيَ بَيتًا لله !الأشياء الصغيرة من متاعِ الدّنيا لها جاذبيةٌ مَخفيّة ؛ قد تَسحَبُنا إلى أفراحٍ كثيرة ..
لكنّها تَزول !و الله كان يُريد للمُصطفين حضورًا في الكونِ ؛ لا يَغيب !
هاهو الوقتُ في لحظةٍ من الصِّدق ؛ِ يَتوقَّفُ لا يأتي و لا يَمضي ..
و في لحظة من انبثاقِ إيمانٍ لم تُجرّبه الملَائكة ؛ يُولَدُ الهلال ، و يَكبُر و يَستدير !تنفَتِحُ بوّابة من النَّعيم ..
تنفجرُ أنهارُ الجنّة ؛ بِغِناءٍ أُسطوريٍّ عَجيب ..
ينطفئُ لهيبُ السِّكّين ؛ و يُفتدى الذّبيح !فقد وصلت لحظةُ الوعي ؛ و بَلَغَ الاثنان تَساميًا عَجيبًا !
كان اللهُ يعلمُ كلّ ذلك ..
لكنّه يريدُ ؛ أن يَسمع صوت إبراهيم بالتّسليم !ثمَّةَ صوت سيمنحُكَ اللهُ إيّاه يا إبراهيم ؛ سيبلُغ كل الآفاق ..
سيأتونك بـه { مِـن كلِّ فَـجٍّ عَميق } ..
صوتٌ لا بدَّ أن يُمَتَحَن ؛ كـي يَبلُغَ المقـام !
وتلك ضريبة الاصطفاء ..وأنّى لكَ يا إسماعيل شَرف الدّهر ؛ إن لم تَترك لله بعض نَفسِك !
أن تتخلّص يا إسماعيل ؛ من مَتاهَة الذّاتِ ، و تكتشف أنَّ لديك قوّةً ؛ يُمكن أن تُودِعَ بها نقاطَ ضَعفِكَ البشريّة ..
فذاكَ نوعٌ من الانتصار ؛ِ يَستحقُّ كَبشاً من فوق سَبعِ سّماوات !
كان اللهُ يريدُ لك ؛ زمنـاً بلا حُدود و بلا نهاية ..
و يريدُ أن يُبقيكَ في التّاريخ ..
فقد كنتَ دعاءَ أبيك !و قديماً في جاهلية عمياء قِيل :
( للبيتِ ربٌّ يَحمِيه ) !و الحقيقةُ ..
أنَّ للبيتِ أهلٌ تَبنيه ..
يَصطَفيهم حين يُبرهِنون ؛ أنَّهم قاربوا مَرحلَةَ { وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بِكلماتٍ فأتمَهُنّ } !وهنا يكمن الدرس الخفي ..
و اليوم ( لِلأقصى ) ..
أهلٌ تَحميه و تَبنيه ..
و على خُطى الخَليل و إسماعيل ؛ سَتُعليه !فهذا زمنُ القَرابين المُباركة للبيوتَ التي ستَرتَفِعُ ؛ فلا تـزول .. لـو تَنتَبِهون !
د. كفاح أبو هنود